فصائل مسلّحة تباشر بيع الأراضي الحكوميّة إلى المدنيين في الموصل

بغداد/ وائل نعمة

تعيد بعض الحوادث الاخيرة في الموصل الى الذاكرة ما كان يحدث في المدينة قبل سقوطها في يد داعش قبل 4 سنوات، مثل عودة المفخخات وقضايا الفساد وتسجيل حالات وفيات لمعتقلين خلال التعذيب.
هذه الحوادث هي ما قد تكون وراء التحذير الذي أطلقه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أخيراً من أن “الموصل في خطر”، داعياً إلى إنقاذها.
وكلفت الحرب على داعش نحو 300 مليار دولار، وأدت في محافظة نينوى لوحدها الى مقتل 10 آلاف مدني، وتهديم 54 ألف منزل، فيما لايزال هناك 350 ألف نازح خارج نينوى، و700 ألف في المخيمات.
وبحسب معلومات وردت الى (المدى) فإن مسؤولين في بعض الفصائل المسلحة التي شاركت في تحرير الموصل قبل أكثر من عام، خلعوا البدلات العسكرية وارتدوا بدلات رجال الأعمال، وبدأوا بالسيطرة على النفط والعقارات والمزادات في المدينة.
وقال مصدر مطلع طلب عدم نشر اسمه لحساسية المعلومات، في تصريح لـ(المدى) أمس إن هناك أراضي تابعة لهيئة الآثار ووزارتي النفط والدفاع في قلب المدينة “قد تم تقسيمها تمهيدا لبيعها إلى مواطنين”.
وأكد المصدر أن “جهات مرتبطة بشخصيات متنفذة في بغداد قامت بتقسيم أراضٍ كبيرة في منطقة التل الاثري التابعة للآثار قرب النبي يونس في الموصل، الى 500 قطعة سكنية”. وأضاف أن سعر قطعة الارض (200 متر) وصلت الى مبلغ 70 مليون دينار.
وبحسب مسؤولين في الموصل فان تلك الاراضي تضم آثاراً كثيرة مدفونة. وقبل عام قام أحد المتجاوزين على تلك الاراضي بحفر متر واحد في الارض ووجد “قطعاً آثارية”، تم تشكيل لجنة من المحافظة في حينها وتسليمها الى الآثار.
ويؤكد المصدر في الموصل أن تلك الجماعات التي ترتبط بأشخاص تابعين لأحزاب شيعية في بغداد، قامت بعمليات تقسيم لكثير من أراضٍ في المدينة، وبيّن أن تلك الجماعات تتحرك بمساعدة جهات من بلدية المدينة والتسجيل العقاري.

الاستيلاء على عقارات المسيحيّين
قبل أيام نشرت وسائل إعلام غربية معلومات قالت إنها استندت إلى تقارير ومصادر محلية، أفادت بأن منطقة سهل نينوى تشهد أعلى نسبة جرائم تزوير في مستندات أملاك عقارية تعود لمسيحيين. المحتالون والمزورون استغلوا غياب المالكين الشرعيين للاستحواذ على مبانيهم من خلال تزوير الوثائق لجعل عملية استرجاع الملكية أمراً صعبا .
ونقل التقرير عن مصدر مطلع لم يذكر اسمه، إن ما يقارب 100 عقار ملك تم تحويله لأشخاص آخرين بأسماء مزوّرة، وإن قسماً من هذه الاملاك ذهبت لأشخاص محليين متنفذين ولم تتمكن الجهود من إرجاعها لمالكيها الشرعيين .
ويقول يونادم كنا، النائب المسيحي السابق لـ(المدى) أمس إن “50 ألف مسيحي غادروا الموصل خلال الـ15 عاما الماضية”، وأشار الى أن “60 شخصا” مسيحياً فقط موجودون الآن في المدينة بعد تحريرها من داعش.
ويبين كنا ان هناك “تجاوزات على أملاك المسيحيين” في الموصل بعد أن غادر أصحابها، لكنّ المشكلة الأكبر في كركوك وبغداد، حيث هناك تغيير لمالكي العقارات.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، علق رئيس لجنة الامن والدفاع في البرلمان السابق حاكم الزاملي، على الخروق الامنية الاخيرة التي حدثت في الموصل، قائلا إن “انشغال بعض القطعات العسكرية الماسكة للأرض بالقضايا المادية وبيع الاراضي والإتاوات والرشى وتهريب السكراب والمخدرات والبضائع وتهريب النفط هو ما سهل عودة بعض المجاميع الإرهابية الى مدينة الموصل وأطرافها”.
وأوضح ان “تلك المجاميع بدأت تهدد الناس وتمارس الابتزاز وقتل المواطنين الموالين للدولة وغير المتعاونين معهم”.
ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الثلاثاء، الى إنقاذ مدينة الموصل، مؤكداً أن خلايا الإرهاب تنشط. وقال الصدر في تغريدة على (تويتر) إن “الموصل في خطر فخلايا الإرهاب تنشط وأيدي الفاسدين تنهش”.

تهريب النفط
وكشفت المصادر المطلعة في الموصل أن بعض الجهات المسلحة في نينوى، تسيطر على عمليات تهريب النفط في جنوب المحافظة، وتهرّب العراقيين وتُدخل السوريين في وضح النهار في الحدود الغربية قرب البعاج.
وقالت تلك المصادر ان بعض الفصائل المسلحة “تحرض” السكان على تهديم منازل أشخاص يُتّهم ذووهم بالانتماء الى داعش، على الرغم من أن المدينة تحررت قبل نحو عامين.
وأشارت المصادر الى أن عمليات التهديم تتم عن طريق جهات غير معروفة، بعد ان يتم رمي سكان البيت وأغراضهم في الشارع.
وتذكر المصادر ان هناك أعدادا غير معروفة لمعتقلين في السجون منذ أكثر من عام، وأكدت ان “هناك 70 جثة مجهولة الهوية في الطب العدلي منذ شهرين تعود لمعتقلين ماتوا أثناء التعذيب”.
وتقوم البلدية بدفن الجثث في العادة في مقبرة خاصة لمجهولي الهوية إذا لم يتم تسلمها بعد 3 أشهر من الوفاة.
وفي أغلب الأحيان، بحسب مسؤولين في الموصل، فإن ذوي المتوفين نازحون خارج المحافظة ولا يعرفون مكان اعتقال أبنائهم.
ويقدر مسؤولون وجود 15 الف معتقل في سجون نينوى، بينهم 127 شخصا متشابهي الاسماء، فيما يوجد 350 الف شخص في المحافظة مشتبه بهم بسبب تشابه الاسماء.

لجان الأحزاب الاقتصاديّة
من جهته قال منصور المرعيد، النائب عن تحالف الفتح في الموصل، إن “لجاناً اقتصادية تابعة لأحزاب سياسية في بغداد وجنوب العراق، بدأت بفرض هيمتنها على قطاع الأراضي وبيع السكراب والمزادات”.
وأضاف المرعيد ان “بعض الذين يستغلون مسميات الحشد الشعبي يفرضون سيطرتهم بالقوة على تلك القطاعات بحجة أنهم قاموا بتحرير المدينة من داعش”.
وكان نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، قد دعا في آب الماضي الى إغلاق “اللجان الاقتصادية والمكاتب لمن يدّعون الانتساب الى الحشد”.
وكانت تلك الإجراءات قد تزامنت مع اقتراب فصائل الحشد مع بعض القوى السنية لتشكيل الكتلة الاكبر. وتبعت أوامر المهندس تعليمات بسحب الحشد الشعبي من الموصل وإعادة انتشاره في المناطق المحيطة.
وفي الجانب الامني، انتقد المرعيد عدم وجود “عمليات تفتيش وتدقيق” للسكان في الموصل بعد عملية التحرير، وقال إن “4 آلاف شرطي فقط يتواجدون في نينوى ولا توجد أجهزة سونار”
وحذر النائب من “خطر” كبير سيواجه الموصل مشابه لما كان يحدث قبل 2014 إذا لم تقم الحكومة بالسيطرة على الاوضاع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here