طريق الشباب (حلقة ثقافية) المباراةفي الاقتناء علة الشقاء!

* د. رضا العطار

نحن نعيش في عصر اقتنائي نتبارى فيه لاقتناء العقارات والمنقولات وجمع الاموال ونفاخر منه بالتكاثر، وفي احيان كثيرة لا نبالي الطرق التي نقتني بها او نجمع بها المال، وذلك لانشهوة الجمع والاقتناء تتسلط على عواطفنا وتتغلب على احساسنا. بل اننا في حالات كثيرة ننكر على انفسنا الراحة فضلا عن الاستمتاع كي نقتني ونجمع.

واحيانا نعمي عن الحقائق وننساق ذاهلين كاننا لا ندري ما نفعل. فتحملنا شهوة الاقتناء على التقتير الجنوني.

فقد قص علي طبيب كان يمارس مهنته في قرية قريبة من المدينة، ان رجلا قدم اليه ومعه ابنه المريض وهو دون العشرين، فلما فحصه وجد ان مرضه هو (البلاجرا) وهذا المرض برهان على سوءالتغذية، ثم فحص عن اخيه فوجد انه ايضا مصاب بهذا المرض. الذي لا ينشو الا حيث يكون الجوع. ونعني هنا الجوع الكيمياوي حين يكون مقدار الطعام كافيا ولكن عناصر الغذاء تكون ناقصة.

ولما سأل الطبيب عن الحالة الاقتصادية التي تعيش فيها عائلة هاذين الشابين، وجد ان الاب يملك خمسة عشر فدانا يزرعها بنفسه ولا يؤجرها، ان ايراد الفدان لا ينقص عن ثلاثين جنيها،ومع هذا الايراد الكبير كان ابنائه يتضورون جوعا لان روح الاقتناء قد تغلب عليه حتى صار يقتر في غذاء اولاده. وادى التقتير الى مرضهم.

وليس منا من ينكر قيمة المال في مجتمعنا وظروفنا. ولكن يجب الا ننساق في القيم الاجتماعية ونضحي بالصحة من اجلها. لان هناك قيما بشرية يجب ان تحتل المكان الاول في نفوسنا واولهذه القيم بالطبع هي الصحة، وهناك الثقافة والارتفاع بحاجات الحياة الى التأنق الفني وضروب الاستمتاع العديدة.

والشاب الذي يُهمل صحته او ثقافته ويضحي بحاضره لاجل المستقبل، ويحمله كل ذلك على التقتير، انما ينكر على نفسه السعادة. التي هي من حقه وواجبه، ولو كنا نعيش في مجتمع سليم لكانيجب ان نحجز على المزارع الذي احدث لابنيه مرض البلاجرا الخبيث. بتقتيره وتمنعه من الصرف على عائلته، لانه بدلا من ان يجعل المال خادما جعله سيدا.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للعلامة سلامة موسى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here