الإدمان على النقد تنفيس سلبي

بقلم مهدي قاسم

وجد عدد كبير من عراقيين أنفسهم شيئا فشيئا ــ ومن ضمنهم
كاتب هذه السطور ــ قد باتوا مدمنين على النقد و الانتقاد يمارسونه كل يوم و بهمة و غمة ” ، اعتقادا منهم ، بأنهم قد يساهمون في حل مشاكل و أزمات بلادهم ..

وهو كذلك فعلا للوهلة الأولى ..

إذ مما لا شك فيه أن عملية النقد هذه كانت ضرورية في البداية
، لتشخيص الأخطاء و مظاهر الفساد و دفع الناس وأهل الحل و المل إلى محاربتها بهدف الخلاص منها ..

ولكن مع مرور الأيام والسنين ، بتواز مع عدم حدوث أي تقدم
جدي و ملحوظ على صعيد محاربة الفساد والسلبيات ، أخذ هذا النمط من الممارسة النقدية اليومية تتحول إلى نوع من إدمان شديد ، لكونه قد أصبح وسيلة لتنفيس سلبي و عقيم و تكرار سقيم يدور على نفسه و يراوح في بوتقة تكرار ذاته ليس إلا ..

ولكن دون أي تغيير جذري أو قفزة نوعية إلى الأمام للخروج
من المأزق أو الزقاق المسدود نحو أفق أرحب و أوسع .

قلنا في البداية أن النقد ضروري في المرحلة الأولى ، كعملية
تمهيدية للتغيير ، ولكن ليس كحالة إدمان تنفيسية سلبية التي توهم الناس بأنهم قد قاموا بواجبهم من خلال تشخيص الأخطاء و السلبيات و الخلل والعطب ، ومن ثم يكتفون بالتفرج السلبي على حالة الأزمات والسلبيات الشاخصة والقائمة ، و السلام عليكم !! ، دون أن يبادروا إلى
تغيير حقيقي و ملموس بسواعدهم وقبضة أيدهم الضاربة ، بعدما تكون الكلمات النقدية والبناءة و الإرشادات و النصائح الحكيمة تكون قد فقدت أهميتها و فاعليتها و تأثيرها المباشر على التغيير المنشود و المنتظر ..

فالكلام يمهد الطريق عادة للفعل و ينزوي جانبا تاركا مكان
الصدارة والمبادرة للفعل حتى يقوم بواجبه المطلوب .

على الأقل أنا هكذا أتصور وأعتقد ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here