مخيم الحياة أو الموت.. من يتحمل المسؤولية عن الكارثة الإنسانية في الركبان؟

أحمد صلاح

لا تزال الحالة الإنسانية كارثية في مخيم الركبان حيث يعيش أكثر من 60 ألف لاجي. وتوفي فيه خلال الشهر الماضي أكثر من 100 شخص بسبب عدم وجود الصرف الصحي المناسب ونقص الرعاية الطبية. يبلغ معدل وفيات بين الولدان أكثر من 20% وتباع الأدوية في المخيم بأسعار أعلى عشر مرات من سعر السوق. وهناك نقص حاد في مياه الشرب. وتزدهر السرقة والدعارة والاتجار بالبشر في مخيم الموت.

تجدر الإشارة إلى أن المخيم يقع على بعد 20 كيلومترًا من قاعدة التنف الأمريكية حيث يتم تدريب مسلحي “مغاوير الثورة”. وتتوجد فيها القوات الأمريكية التي تضم جنود قوات العمليات الخاصة. بالإضافة إلى ذلك تحشد القوات البريطانية أيضا. أعلن البنتاغون عن منطقة نصف قطرها 55 كيلومترا محظورة ومنع لأي منظمة إنسانية والقوات الحكومية السورية الاقتراب منها تحت طائلة الاستهداف.

في الوقت نفسه، حاولت واشنطن مراراً وتكراراً تحميل المسؤولية عن مأساة مخيم الركبان على عاتق بشار الأسد، وخلال الفترة الطويلة لم تعط الفرصة لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للاجئين من قبل الحكومة السورية أو روسيا أو المنظمات الدولية.

وتم تقديم المساعدة الإنسانية للنازحين الواردة من أراضي الأردن آخر مرة في يناير العام الجاري لكنه كان هذا العمل لمرة واحدة. أقامت السلطات الأردنية في عام 2014 المراقبة الصارمة على الحدود وأغلقتها للاجئين السوريين ما أدى إلى تشكيل المخيم الضخم بالقرب من حدود الأردن.

بالنسبة للبنتاغون، أصبح الركبان مصدراً لا ينضب لتجنيد المقاتلين الجدد في صفوف ما يسمى المعارضة المعتدلة. فإن مأساة اللاجئين تسمح للأمريكيين بملء صفوف جماعة “مغاوير الثورة” بالرجال من الركبان وفي الوقت الآن تتكون هذه الجماعة من 6 آلاف شخص ويتزايد عددها باستمرار.

ويصل القادة برفقة مقاتلين من القوات الخاصة الأمريكية من قاعدة التنف في المخيم بشكل منتظم ويجبرون المواطنين السوريين على انضمام إلى صفوف الجماعة المسلحة. تُقيم فدية من الإسلاميين 1500 دولار، لكن النازحين لا يملكون هذا النوع من المال. ويصبح الرجال متطرفين دون قصد من أجل إطعام عائلاتهم.

وينجح المجتمع الدولي مؤخرا في تغيير حالة النازحين في الركبان بعد الضغط غير المسبوق على الولايات المتحدة. أصبح من الممكن إيصال المساعدات الإنسانية بالأغذية والأدوية بوزن 450 طنا إلى المخيم في أوائل نوفمبر بفضل جهود حكومتي سورية وروسيا وكذلك بمساعدة ممثلي الأمم المتحدة. وقد اعترفت وزارة الخارجية الأمريكية بدور روسيا في حل القضايا المتعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مخيم الركبان للاجئين، وأعربت الأمم المتحدة عن امتنانها للجيش الروسي لضمان أمن القافلة.

تخطط الأمم المتحدة لإرسال قافلة إنسانية أخرى في ديسمبر. كما تحاول المنظمات الدولية الأخرى تقديم الدعم للاجئين الركبان ومن بينها اليونيسيف والصليب الأحمر وبرنامج الأغذية العالمي التي تدعو إلى إنشاء ممر إنساني منتظم وشامل للمخيم. ومع ذلك، إذا واصلت الولايات المتحدة حصار المخيم، فستبقى خطط المنظمات لمساعدة اللاجئين على الورق فقط.

يصبح من الواضح أن الحالة الكارثية للاجئين السوريين مفيد للغاية لواشنطن التي تستعد لعرقلة وصول المساعدات الإنسانية وإلقاء اللوم على الجميع الأطراف الاخرى باستثناء نفسها. احتلت الولايات المتحدة بشكل غير قانوني المنطقة المحيطة بقاعدة التنف تحت ذريعة محاربة داعش لكنها رفضت تحمل المسئولية المباشرة عما يحدث في المنطقة الخاضعة لسيطرتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here