لماذا ترجمتُ كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية ؟

عماد علي
لقد انتهتى العمل في الطبعة الثانية من ترجمة كتاب الشخصية المحمدية للشاعر و الفيلسوف و الكاتب معروف الرصافي الى اللغة الكوردية في الاونة الاخيرة و هو الان في المكتبات، و لقي ترحيبا كبيرا من قبل القراء بعد انتهاء الطبعة الاولى في السوق بزمن قياسي. و هذا ما حدا بي ان اكتب عن هذا الكتاب و الكيفية و الاسباب التي ادت بي الى ان اقتنع بانه على الرغم من قلة عدد القراء و خصوصا بين الشباب في كوردستان في هذه المرحلة الا ان الكتاب و اهميته و فحواه يمكن ان يفرض نفسه مهما كانت ظروف نشره و ما يحيط بالموقع الذي يخرج منه و ما يتصف به المجتمع صاحب لغة الكتاب . فما دفعني الى هذا المقال هو تكرار السؤال من الكثيرين بمختلف خلفياتهم الثقافية و السياسية و الفكرية و الفلسفية عن سبب اختياري هذا الكتاب بالذات و ترجمتي له و الذي اخذ مني وقتا طويلا و مصاعب و عقبات لا تحصى و لا تعد و من اكثر من جانب و ما خسرته ماديا بعد تطاول الايدي السوداء على وضعي الخاص ( من حرق سيارتي امام بيتي) بعد الطبعة الاولى و اصراري و تلهفي على خروج الطبعة الثانية مهما حاولت الخفافيش من وضع الاعاقات امام وسائل التنوير في مجتمع فقير ثقافيا في عصر التنوير و الحداثة و ما يعيشه المجتمع الدولي و الدول المتقدمة.
الكتاب مهم و غني بالمعلومات و فحواه يفسر عن ما يحتاجه المثقف بشكل عام و من اية خلفية او توجه او فكر او نظرة الى الحياة و ما فيها كان و مهما كانت عقائده او فلسفته من جهة، و انه يخص شخصية كبيرة مؤثرة تاريخيا و هو الذي صنع منعطفا كبيرا في الحياة العامة للمجتمعات الكثيرة التي طالتها الفتوحات بعد التغييرات الجذرية في الجزيرة العربية و لعقود طويلة من جهة اخرى، و لازالت الفلسفة التي نشرها هذا الدين ان صح ان نعرفها مؤثرا و سائرا بسرعة في مسارها و لكن اقل بما كانت عليه من قبل .
انه يناقش فكر و فلسفة و سيرة شخصية جدلية من كافةجوانبها و دين و ما حام حوله و افرازاته و ابعداه و معطياته، بشكل حيادي و مهني و من ينتهي من قراءته لابد ان يكون قد تاثر به لما يشعر بما عمل عليه الرصافي كان نابعا من قناعته و اهمية الحقيقة في تفكيره بعيدا عن التاريخ و زيفه في اكثر الاحيان، نعم تاثر به و اثر على عقليته مهما انكر البعض منةخلفيات ماوراء الطبيعية او اعترف و من كان و باية عقلية او صاحب اي موقف و منهج او ايديولوجيا او نظرة دينية او فلسفية كان. انه كتاب نادر يهم الجميع و بجميع الاعمار و الثقافات و لجميع القوميات و الامم, لانه يهدف بيان الحقيقة وبعيدا عن شعاب التاريخ و الجغرافيا الخاصة بشعب معين دون غيره لامتداداته المتفرعة و وصوله الى اجزاء واسعة من العالم، بل يهم الجميع كي يعلم تاريخ و دين و فكر و فلسفة منطقة او العالم قاطبة لما لمس هذا التاريخ الطويل و لحد اليوم المجتمعات المتفرقة, و الاهم اكثر من ذلك هو كيفية التاثير على الجيل الجديد ليعلم ما جرى و ما عليه و كيف يمكن ان يتعمقوا في التاريخ بشكل واقعي بعيدا عن الخيال و الميتافيزيقيا و من منظور البحث عن الحقيقة و الحقيقة فقط و بشكل عميق و علمي بعيدا عن السطحية المنتشرة في هذه الايام .
على الرغم من ان الكتاب اخذ مني سنين طوال من الوقت الا انه بنشره احسست اني انجزت مشروعا تاريخيا كبيرا لكونه مفيد للحاضر و المستقبل و للجميع و باللغة الكوردية التي لم اجد فيها شبيها له او قريب له في هذا المضمار و الاختصاص المهم لحياة اي شعب.
لقد كُتب هذا الكتاب في زمن كان التنوير و المعرفة و الثقافة الشغل الشاغل للمنطقة و الكتاب و المفكرين و الادباء الذين لم يكن الوضع الاقتصادي او متغيرات الحياة العامة قد اثر على تربيتهم او توجهاتهم و عقليتهم، و كانت نظافة تفكيرهم و عقليتهم و اهتماماتهم و اهدافهم التي كانت من اجل خير الجميع و ليست من نتاج دوافعهم الذاتية و المصلحة الخاصة بهم فقط, و انما التوير و التقدم العام للشعب هو الدافع الرئيسي لطرح افكارهم و من اجل نضوج ثمار عقليتهم الصافية غير المتاثرة بما افرزته متطلبات العصر الجديد و اهدائها الى الجميع دون اي انحياز عرقي او قومي و في اكثر الاحيان الطبقي.
انه كُتب في عصر كان التفكير العلمي الحقيقي الهادف هو المسيطر على عقلية و توجهات و افعال من كان له الباع في عمل و اختصاص ما من جميع الاختصاصات التي كانت هي المؤثرة على التغييرات المنشودة للتقدم البشري، و لم يكن الكلام المزيف السطحي له دوره السلبي على الملمين، و كان هناك تعاون و مساعدات على طريق الخير لمن كان ملما بما يهم عامة الشعب, و لم يكن هناك من يضع العقبات و العراقيل و العصا في دولاب من كان يجتهد في طريق تنوير الشعب من كافة الجوانب.
و بما انه نصحوني ان اهتم بالاختصار في كتابة ما يهم الكتاب و ان انصح بقرائته اكثر من الكتاب عنه، و عليه اختصر و اقول حتما بان الحديث له بقية فيما بعد…

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here