عبد المهدي يستعين بالبارزاني: مساع لإحياء اتفاقية أربيل 2010

أكثم سيف الدين

25 نوفمبر 2018
بعدما عجز رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، عن إقناع الكتل السياسية بتسهيل إكمال حكومته التي مضى شهر على تشكيلها وما زالت ثماني وزارات فيها شاغرة، لجأ إلى حراك سياسي جديد في سعي منه لقلب الطاولة على تلك الكتل، إذ استغل علاقاته بزعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، مسعود البارزاني، ليكسبه إلى صفه ويجعله يلعب دور الوسيط بين الكتل، لما له من علاقات وارتباطات مع المحورين الشيعي والسني. ويؤكد مراقبون أنّ عبد المهدي يعمل اليوم على إعادة نسخ اتفاقية أربيل 2010، التي عقدها البارزاني وقتها وانتشلت زعيم ائتلاف “دولة القانون” نوري المالكي من أزمة سياسية معقدة، ليتمكّن بعدها من تشكيل حكومته. واستطاع البارزاني وقتها التقريب بين المالكي ومنافسه زعيم ائتلاف “الوطنية” إياد علاوي، الذي حصل حينها على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية، وأن يحل الأزمة. ويشير المراقبون إلى قدرة البارزاني اليوم على إخراج عبد المهدي من الموقف المحرج المشابه.

إلى ذلك، قال مسؤول سياسي، قريب من الحوارات التي أجراها عبد المهدي مع البارزاني في بغداد، لـ”العربي الجديد”، إنّ “عادل عبد المهدي كان قد أجرى اتصالات عدة مع البارزاني سبقت زيارته إلى بغداد، وتمّ الاتفاق على تسويات سياسية لأغلب المسائل العالقة بين بغداد والإقليم”، موضحاً أنّ “عبد المهدي طلب دعماً من البارزاني، لإكمال تشكيلته الحكومية”. وأضاف المسؤول أنّ “الاجتماعات التي أجريت في بغداد بين الجانبين، أحيطت بتكتم كبير لأهميتها، لكن التسريبات التي خرجت عنها، كشفت عن طلب عبد المهدي من البارزاني لعب دور الوسيط مع الكتل السياسية، ودفعها نحو حسم مرشحي الحقائب الوزارية”، مبيناً أنّ “البارزاني بدأ فعلاً خطوات عملية، والتقى بقادة الكتل والأحزاب، كمرحلة أولى، وسيواصل لقاءاته واتصالاته لتقريب وجهات النظر”.

وأكّد المسؤول أنّ “البارزاني أصبح اليوم من ضمن معسكر عبد المهدي، إذ حصل هو الآخر على ضمانات من الأخير تخصّ الملفات العالقة، بما يضمن أن يكون حلّها من خلال البارزاني تحديداً، لإعادة منزلته ومكانته في إقليم كردستان، التي خسرها عقب إجراء الاستفتاء”، موضحاً أنّه “سيكون للبارزاني مكتب في بغداد، وسيواصل اتصالاته هاتفياً ولقاءاته مع الكتل السياسية، وفق استراتيجية موحدة مع عبد المهدي”.

وأجرى البارزاني خلال اليومين الأخيرين في بغداد والنجف، لقاءات مع زعماء أغلب الكتل السياسية في التحالفات كافة، السنية والشيعية، وكانت لقاءات إيجابية دفعت باتجاه التقريب نحو اختيار مرشحي الوزارات المتبقية. وعقب ذلك الحراك، استعاد عبد المهدي ثقته بقدرته على إكمال حكومته، إذ تحدّثت مصادر سياسية عن إمهاله (عبد المهدي) الكتل السياسية أسبوعاً واحداً، لإكمال التشكيلة الحكومية.

وفي السياق، قال النائب جاسم الحلفي عن تحالف “سائرون”، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، في تصريح تلفزيوني إنّ “لقاء الصدر مع البارزاني في النجف، كان ودياً، بحثا خلاله الشأن العراقي والمشاكل والمعوقات التي تحول دون إكمال التشكيلة الحكومية، وإمكانية دعمها بوزراء ذوي كفاءة، بما يعزّز الإصلاح والتغيير وتقديم الخدمات للمواطنين”. وأضاف أنّ “الحديث بين الطرفين ذهب باتجاه تعزيز الحكومة والإسراع بتطبيق برنامجها، بما ينعكس على الخدمات وإخراج العراق من الأزمات المستفحلة، باتجاه التنمية والإعمار وإنهاء معاناة العراقيين وتعزيز فكر المواطنة”.

ويؤكد مسؤولون أكراد أنّ زيارة البارزاني، جاءت بسبب التغيير في نظام الحكم، وانفتاح عبد المهدي على الأكراد. وفي هذا الإطار، قال القيادي في “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، حسن الجاف، في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ “عبد المهدي أبدى مرونة كبيرة مختلفة عن سابقيه بحلّ الملفات العالقة مع أربيل، والاعتراف بأنّ البارزاني كسياسي وزعيم، لا يمكن إغفاله عن المشهد السياسي”. وأوضح الجاف أنّ “عبد المهدي استعان به كأخ وصديق، لتقديم الدعم لحكومته”، مبيناً أنّ “البارزاني قدّم خلال الزيارة، طروحات تصبّ في صالح العراق وفي صالح كردستان، وتنتشل الحكومة من مأزقها السياسي”.

ويؤكد مراقبون، أنّ تجربة الحكومات العراقية مع البارزاني ليست جديدة، وأنّ عبد المهدي يسعى لاستنساخ اتفاقية أربيل عام 2010 من جديد. وفي هذا الشأن، قال الخبير السياسي، فائز المحمدي، في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ “عبد المهدي نجح اليوم بإرغام الكتل التي دعمته للوصول إلى رئاسة الحكومة، وتخلّت عنه أخيراً، على القبول بواقع جديد من خلال دخول البارزاني بقوة”، مبيناً أنّ “المعادلة السياسية بدأت تأخذ منحى جديداً، من خلال وجود زعيم الديمقراطي الكردستاني، إذ إنّ حراكه اليوم، الذي استغلّ فيه تحالفه الشيعي القديم، وصداقته مع السنة، قلب موازين القوى، ووقف هو بصف عبد المهدي، وكسب عدداً من الكتل لصفه”. وأشار المحمدي إلى أنّ “عبد المهدي سيرغم الكتل السياسية على حسم تشكيلته الوزارية، خلال الفترة المقبلة، وتقديم المرشحين لها”، مبيناً أنّ “البارزاني في المقابل سيكون هو الزعيم الذي أصلح بين بغداد وأربيل، وأخرج حكومته من المأزق السياسي، وسيكسب عودته كزعيم كردي أوحد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here