هل أن العرب أجهل المسلمين بالإسلام!!

العرب يتوهمون بمعرفة الإسلام لأنهم يتكلمون العربية , وفي حقيقتهم أنهم لا يعرفون القراءة بالعربية بالمعنى العلمي والعملي للقراءة , ووفقا لهذا الوهم الراسخ المتوارث , يحسبون المسلمين من غير العرب أقل معرفة بالإسلام , بينما الشواهد تؤكد أن العرب ربما من أجهل المسلمين بالإسلام , لأنهم يرونه من منظار لغوي بحت , ويغفلونه بأخلاقه وقيمه الإنسانية , بينما المسلمون من غير العرب يدركون قيمه ومعانيه ومعاييره السلوكية , ولهذا فهم أكثر قدرة على التعبير عن الإسلام بمقاصده السامية من العرب.

وقد إخترع العرب تسمية “رجل دين” ليكون الناطق الرسمي بإسم الدين , ووفقا لهذه التسمية إنتشر المنافقون , وصاروا يتمنطقون ويأتون بالخطب الرنانة , والواقع من حولهم تفوح نتانته وتنتفي فيه أبسط الضوابط الأخلاقية التي نادى بها الإسلام.

ولهذا تجد المجتمعات الأكثر فسادا ينتشر فيها الذين يسمون “رجال دين” , ويزداد الظلم والقهر والفقر والحرمان كلما زاد عدد العمائم الفاعلة فيها , وهم يؤكدون بأن الدين كلام فارغ ومنافق على المنابر , أما الفعل فهذا أمر آخر فيه ألف وجهة نظر ووجهة.

ولن تجد معمما يتكلم عن الأخلاق والقيم والسلوك , ويعلّم الناس بمعاني الدين النبيلة , وإنما معظمهم أبواق مصالح ورغبات وآلات لتعزيز الجور والنيل من حقوق الإنسان.

وهذه معضلة الإسلام الحقيقية في المجتمعات العربية , التي تخلو من قدرات التعبير السلوكي الواضح عنه , وإنما ترى أن الإسلام كلام وتأدية عبادات لا غير.

فهو مسلم لأنه ينطق الشهادتين ويصلي ويصوم ويحج , أما الزكاة فلها مبحث آخر , فالمسلمون العرب قد لا يزكون ولهذا يتكاثر الفقراء والمعوزون في ديارهم , والكثير منهم يحسب نفسه سيدا ويريد من الآخرين أن يعطوه , أو سادة ومن نسل الأشراف فلا تحل عليهم الصدقات.

وعلى هذا المنوال تمضي مسيرة المسلمين العرب , وتجد عندهم العمائم جاهزة لتبرير المساوئ والتداعيات , بما يحلو لها من الأقوال والإدعاءات المنسوبة لفلان وفلان , أو المختلقة بإسم هؤلاء , ويكون فقه اليأس والقنوط والتبعية والخنوع هو السائد في أيامهم , حتى تحول الناس إلى قطيع , ومجاميع أمية دينيا , وجاهلة لغويا , ومحتقنة عاطفيا , ومحشدة إنفعاليا ضد بعضها البعض , وعلى عقولها أغشية وأغلفة تمنعها من الرؤية , وتدفنها بالنمطية والإنعكاسية والتفاعلات السلبية , التي تقضي على وجودها وتهين الدين الذي تدّعيه.

فالعرب المسلمون ربما أصبحوا لا يمثلون الدين بل العدوان على الدين , وتكريه الناس بالدين لما يأتون به من سلوكيات وتفاعلات مجاهرة بالنيل من أبسط معاني الدين , مما تسبب بتشويشات وإضطرابات إدراكية لدى الآخرين الذين ما عادوا يعرفون أين هو الدين.

قد يغضب الكثيرون مما تقدم , لكنه الواقع الأليم الذي يعيشه العرب المسلمون , وهم في أوهامهم سادرين , ولو سألتهم عن آية في القرآن لتسمروا أمامك غاضبين , ويحسبونك قد أهنتهم فهم الذين يعرفون بالدين , وأنك من الزنادقة والكافرين الذين يمثلون أعداء الدين , ولكنهم هم المعتدون على دينهم , والغافلون الجاهلون بقيم وأخلاق ومعايير الدين الذي بألسنتهم يتبجحون به وبسلوكهم يناقضونه وينكرونه وأنهم يفقهون!!

فهل من يقظة دينية ذات خُلُقٍ قويم؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here