طريق الشباب (حلقة ثقافية) كلمات جديدة !

(*) د. رضا العطار

هناك كلمات تؤدي كل منها الى دلالة ترفعها الى مقام الشعار الذي يعين السياسة او الاخلاق والسلوك. بل انها تعين برنامجا تحياه الدولة او ينهج عليه الفرد في حياته ويستهدف به نبلا وكرامة وسعادة.

ومن احسن الكلمات التي شاعت في اوربا في القرن العشرين هو الوصف الذي توصف به الدولة حين نقول :

(دولة ايجابية) فإن دلا لة هذه الكلمة تزيد على المعنى المألوف من الكلمات. إذ هي شعار للدولة.

ذلك اننا تعودنا ان نطالب الحكومة بالا تتدخل في شؤون الفرد او المجتمع إلا بأقل مقدار. وكنا نقنع منها بتعميم الامن والتعليم والصحة او نحو ذلك. ولكن وصف الحكومات العربية بانها ايجابية. هو تبدل كبير في معنى خصائص الدولة ومهمتها، فالدولة العصرية هي التي لا تقف سلبية مكتوفة وتترك الحبل على الغارب للمبارات الاقتصادية حتى يأخذ الثراء والفقر مجراهما بلا عائق، وانما هي التي تتقدم وتعمل وتفتح الميادين الجديدة لالوان كثيرة من النشاط، كأن يكون التأميم من ضمنها.

وهناك كلمة اخرى هي ما توصف به الحكومات الديمقراطية في اوربا الغربية الشمالية، حين نقول انها (دولة خيرية)

فإن دلالة هذه الكلمة كبيرة جدا. ذلك اننا كنا نصف الجمعية بانها (خيرية) حين تؤسس المدارس وتعلم ابناء الفقراء بالمجان او حين ترعى الفقراء و تتصدق عليهم، او حين تنشئ المستشفيات. فالدولة الخيرية تفعل كل ذلك.

وفي احدى السنوات انفقت الحكومة الانكليزية 21 مليون جنيه، اشترت بها طقوم الاسنان والسماعات والنظارات الطبية ووزعتها كلها بالمجان على ضعفاء الاسنان والسمع والبصر.

هذا عمل خيري كانت تضطلع به الجمعيات الخيرية قديما. اما الان فان الدولة الخيرية تضطلع بها.

ولذلك يجب ان نستورد هذه الكلمات من اوربا وان نحفظها ونستذكرها حتى تلد الكلمة الفكرة وتلد الفكرة العمل. كما يجب ان نستذكر الدولة الايجابية والدولة الخيرية بالتأميم، فإن هذه ليست كلمات فقط إذ هي شعارات ايضا، هي برنامج تنادينا بالعمل والكفاح لتعميم السعادة و محو الشقاء من بلادنا.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للعلامة سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here