الأمم المتحدة بدون فيتو

ظلت فكرة إقامة منظمة دولية تهدف بل وتنشد السلام الدولي مثلاً أعلى للمفكرين ورعاة السلام إلى أن تجسدت تلك الفكرة في عصبة الأمم التي أنشئت عقب الحرب العالمية الأولى، ثم جاءت بعدها الفكرة مستجدة في منظمة الأمم المتحدة التي نشئت بدلاً من عصبة الأمم عقب الحرب العالمية الثانية وتم النص في ميثاق منظمة الأمم المتحدة – صراحة – على أن أهدافها تحقيق وإقرار السلم والأمن الدوليين وتحقيق الأمن الجماعي الدولي وتم إقرار هذا الميثاق في مثل تلك الأيام في عام 1945م ليكون هذا الميثاق العمود الفقري للنظام الدولي المعاصر ذلك الميثاق الذي رتبت مواده وصياغته في مائة وإحدى عشر مادة وتسع عشر فصلاً من اجل أداء الدور بل وحسن أداء مهمة حفظ السلم والأمن الدوليين، بوصفها رابطة بل أهم تجمع بين الدول ذات السيادة ونعود لإرهاصات النشأة لمنظمة الأمم المتحدة فبعد أن أنهى مؤتمر سان فرانسيسكو أعماله فقد تم به التمهيد للتوقيع على ميثاق الأمم المتحدة في 26يوليو عام 1945م، وتم دخول الميثاق حيز النفاد اعتباراً من 24 أكتوبر عام 1945م وتم انعقاد أولى جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في لندن في العاشر من يناير من عام 1946 وتم اختيار مدينة نيويورك مقراً دائماً لمنظمة الأمم المتحدة لتكون لها الشخصية الاعتبارية الدولية ولذلك تم إبرام اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة في 13 فبراير عام 1946م وكذلك تم إبرام اتفاقية المقر بين منظمة الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية في 26 يونيو عام 1947م لتمارس دورها وتؤدي مكانتها في حفظ السلم والأمن الدوليين.
علينا ونحن نحي ونحتفل باليوم العالمي للأمم المتحدة أن نعيد النظر في مواد الميثاق، حيث أن هذا الأخير قد وضع من قبل دول الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية وأعطى لهم مزايا منها بل وعلى رأسها حق الفيتو للدول الكبرى أعضاء مجلس الأمن ولذلك يجب المطالبة من قبل الدول بالنظر في مواد الميثاق لتحقيق المساواة بين الدول وإعطاء الدول لاسيما الدول التي تشكل منها مجلس الأمن – الدائمون والمنتخبون – صوت عادي واتخاذ القرار بالأغلبية دون حق الاعتراض أو الفيتو من قبل الدول الدائمة بمجلس الأمن لاسيما وان هذا الأخير هو الجهاز المنوط به وفقاً للمادة 24 من الميثاق الخاص بالأمم المتحدة حفظ السلم والأمن الدوليين. فإذا كان القانون الدولي المعاصر قد حظر استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية، فان من مهام الأمم المتحدة – بالتالي – هي تسوية المنازعات الدولية حتى تقطع السبيل أمام الدول لاستعمال القوة في العلاقات الدولية، ولذلك تضمن الميثاق وسائل لفض المنازعات الدولية بالطرق السلمية مثل المفاوضات والمساعي الحميدة والوساطة وكذلك التوفيق واللجوء إلى محكمة العدل الدولية وكذلك التحكيم الدولي. إن الأمم المتحدة كمنظمة وكلت حفظ السلم لمجلس الأمن وكذلك منحت كل شئ قد يؤدي إلى تهديد السلم وكذلك فض منازعات الدول حتى لا يتم استخدام القوة في العلاقات الدولية. علينا كدول الآن أن نحتفل بهذا اليوم العالمي للأمم المتحدة بأن نعلي ثقافة السلام الدولي ونشر قيمة التسامح الدولي وكفالة حقوق الإنسان.
بقلم :
محمد الفرماوي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here