الديمُقراطِيَّةُ والوَعِي..مَن يَسبِقُ مَن؟![٤] والأَخيِرةُ

لقناةِ [ANN] الفضائيَّة؛

نــــــــــــــزار حيدر
٤/ بالإِضافةِ إِلى صُندوق الإِقتراع فإِنَّ هناك أَدوات مهمَّة أُخرى للديمقراطيَّة، وهي؛
أ/ فصل السُّلطات الثَّلاث عن بعضِها، فإِنَّ أَيَّ تداخُلٍ أَو تدخُّلٍ من قِبَل بعضها في البعض الآخر يُفسد الواجبات الدستوريَّة لكلِّ واحدةٍ منها!.
ففي العراق مثلاً فإِنَّ المُشكلة مُركَّبة؛ فمن جانبٍ فإِنَّ كلَّ الكُتل السياسيَّة التي يتشكَّل منها مجلس النوَّاب مُشاركة في الحكومةِ! ولذلك سقط أَحد أَهم الواجبات الدستوريَّة التي ينبغي أَن يؤَدِّيها البرلمان أَلا وهو الرَّقابة! ولذلك يمكنُ القَول الْيَوْم بأَنَّ مجلس النوَّاب لا يمارسُ الرَّقابة على الحكومةِ لأَنَّها مِنْهُ وفيهِ! وسيتضرَّر من ذلك كونهُ مُستفيدٌ منها!.
وبسببِ واقعِ الحالِ هذا، فإِنَّ الحكومةَ تتشكَّل من كلِّ الأَحزابِ والتياراتِ بطريقةِ المُحاصصةِالتي ساهمت في إِسقاطِ الرَّقابةِ النيابيَّةِ عنها!.
ولا يمكنُ أَن نتصوَّر تحمُّل البرلمان لمسؤُوليَّة الرَّقابة إِلَّا إِذا انقسمَ إِلى كُتلتَين، واحدةٌ حاكمةٌ وأُخرى معارِضة، كما هو الحالُ في كلِّ دُول العالَم الديمقراطي، ولا أَعتقدُ أَنَّ طبيعة الأَحزاب السِّياسيَّة الحاليَّة تسمح بمثلِ ذَلِكَ! كما أَنَّ عقليَّة السُّلطة الغالِبة على عقليَّة الدَّولة تحُولُ دون تحقيقِ ذَلِكَ!فكلُّ عيونهم متسمِّرة صَوب السُّلطةِ وامتيازاتِها وليس عِنْدَ الدَّولةِ! وأَنَّ عرقلة إِستمكالِ الكابينةِ الوزاريَّةِ دليلٌ على ذَلِكَ.
٥/ القضاء المُستقلِّ والنَّزيه وهو حجر الزَّاوية في حلِّ الكثير من المشاكل التي تُثار بين السُّلطات من جهةٍ وبين الحكومة والمُجتمع من جهةٍ ثانيةٍ وبين النَّاس أَنفسهُم من جهةٍ ثالثةٍ!.
فإِذا كانت السُّلطة القضائيَّة مُستقلَّة ونزيهة أَمكنها أَن تكون الأَداة التي تُحقِّق العدل والإِنصاف في المجتمع بدرجةٍ كبيرةٍ، أَمَّا إِذا كانَ مُنحازاً وفاسداً فبالتَّأكيد سيُعقِّد المشاكل ولا يحلَّها أَبداً!.
سيكونُ في هَذِهِ الحالةِ هُوَ المُشكلةُ! بل كلُّ المُشكلةِ! ولذلكَ مثُلَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) أَمامَ القاضي للترافُعِ مع مواطنٍ [يهوديٍّ] ليؤَكِّد الفصل بينَ السُّلُطات وعدم تدخُّل السُّلطةِ وشخصِ الحاكمِ بشؤُون القضاء!.
أَمَّا الْيَوْم فالقضاءُ [عجينةٌ] بيدِ السُّلطةِ تُشكِّلُها كيفَ تشاءُ مصالحها وليس مصالحِ الحقِّ والباطلِ!.
إِنَّ نُقطة قوَّة الدُّول المتقدِّمة كالوِلايات المُتَّحدة الأَميركيَّة مثلاً تكمنُ في إِستقلاليَّة القضاء الذي يحقِّق مبدأ [القانون فَوْقَ الجميعُ]! فترى حتى الرَّئيس ترتعد فرائصهُ أَمام القضاء، كما أَنَّ الأَخير يمكنهُ أَن يتدخَّل في حلِّ وفصلِ النِّزاعات بينَ كلِّ الأَطراف المُختلفة في الدَّولة من دونِ أَن يكونَ لايٍّ أَحدٍ منها السُّلطة عليهِ فهو في الحقيقة أَعلى سُلطة دستوريَّة في البلادِ!.
ولذلكَ لاحظنا مثلاً كيف أَسقط القضاءُ، وبالضَّربةِ القاضيةِ، العديد من القرارات الرِّئاسيَّة التنفيذيَّة الهَوجاء وغير المدرُوسة التي اتَّخذها الرَّئيس ترامب لحدِّ الآن منها القرارات المتعلِّقة بقضايا الهِجرة!.
في البلادِ التي تسعى لبناءِ النِّظام الديمقراطي كالعراقِ يلزم أَن يحرص الجميع على أَن يكونَ القضاءُ مُستقلّاً وإِذا بقيَ على حالهِ الآن مُنحازاً وسياسيّاً وحزبياً وفاسداً فسوفَ تفشلُ كلَّ الجهود الرَّامية إِلى بناء الديمقراطيَّة! فالقضاءُ المُستقل والنَّزيه أَحدُ أَهمِّ أَعمدتَها وشرطها الأَساسُ!.
ومتى ما رمى القضاءُ بـ [عجلٍ سمينٍ] واحدٍ على الأَقلِّ خلفَ القُضبان! فسيُثبتُ أَنَّ التحوُّلَ قد بَدأَ!.
٣٠ تشرينُ الثَّاني ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here