كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

يوسف رشيد الزهيري

يقول تعالى: {‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ‏}‏

وفي قوله تعالى ايضا في سورة عمران‏:‏ ‏{‏‏شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمًَا بِالْقِسْطِ}‏‏

قد شهد الله تعالى لأولي العلم من العلماء والأساتذة والمعلمين ورفعهم درجات في العلم والمعرفة في ميزان العدل الإلهي من التكريم والاحترام والتقدير والمكانة العليا في الدنيا والأخرة كادت ان تصل الى درجة الانبياء بما يقدموه من علم ومعرفة للانسانية ورسالة انسانية سامية وتعليم الاجيال اذ اعتمدهم الله سبحانه وتعالى القاعدة الأساسية للبشرية في العلم والثقافة والتعليم والتطور في كافة مجالات الحياة من اجل خدمة البشرية

فالمعلم الذي ينشئ جيل ويعده اعدادا صحيحا ومتكاملا في ظل مهنة محترمة ومقدسة كالتعليم تتعامل مع عقل الإنسان الذي يعتبر محرك الشعوب في التقدم الحضاري والثقافي والعلمي وفي كافة جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية والأدبية وهي مهنة أساسية تعليمية وتربوية في كل الحضارات على اختلافها، وقد أرسل الله الأنبياء؛ ليعلّموا الناس، وجعل العلماء ورثةً لهم؛ فهم صناع العقول، ومبدعوا الحياة وعلى عاتقهم تقع المسؤوليات الكبيرة في قيادة الامم والشعوب على كل المستويات كما أن المعلم يعد ممثلا للوعي التربوي للثقافة المجتمعية والدينية والتاريخية التي يعيش فيها؛ فهو ينقل قيمها ومبادئها، ويرعى أفرادها، بالإضافة إلى دوره في نقل المعارف وترسيخ القيم الفاضلة ، مما يجعل له الدور الأبرز والأهم بين العناصر التعليمية جميعها

وفي ظل غياب سلطة القوانين لحماية هذه الشريحة المهمة في المجتمع وفي ظل غياب لأسس أخلاقية وتربوية ومهنية ترفع المعلم المكانة الوظيفية والاعتبارية ،التي يستحقها في ظل تسيد الجاهلين والمحسوبين والفاسدين على مؤسسات الدولة ومصادر القرار الذين أساءوا لمهنة التعليم ودورالمعلم العراقي ،هذا العمل الشامخ في عالم العلم والمعرفة وبناء الإنسان وهو النورالذي يضيء حياة الناس وهو عدو الجهل وهو الذي ينمي العقل ويهذب النفس والأخلاق لذا وجب تكريمه واحترامه وتبجيله لأنه يحمل أسمى رسالة وهي رسالة العلم والتعليم التي حملها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه واله وسلم واصبحت منارا واشعاعا للعالم الاسلامي والانساني

ولذلك عندما يريد أعداء الأمة، أو تريد جهة من الجهات أن تؤثر في مجتمع وتقوم بتخريبه، فهي تركز اهتمامها إلى التعليم، وهذه خطورة، كبرى ان استطاعت أن تدمر كل المقومات، استطاعت أن تزعزع العقائد في النفوس، واستطاعت أن تحرف السلوك، واستطاعت أن تغير طرائق التفكير، استطاعت أن تجعل هناك الهزيمة النفسية، إلى آخر ذلك مما يعرف في قضايا الغزو الفكري ونحوه، فالمعلمون هم المدافعون عن هذه الأمة عندما يقومون بواجبهم على النحو الصحيح في التصدي للغزو الفكري المتمثل بإفساد الأخلاق والدين واللغة والقيم الفاضلة وتحريف العقول عن مجال العلم والمعرفة والمنطق والحقيقة .

وهنا يتحتم الواجب الشرعي الاخلاقي والوطني في احترام المعلم ودوره الكبير والرئيسي في المجتمع وتوفير كافة مستلزمات الحماية الاخلاقية والقانونية ودعم هذه الشريحة التعليمية المهمة في مهنة شاقة جدا ومعقدة في حياة العراق والعراقيين والصعوبات التي يواجهونها وبما يقدموه من تضحيات ومواقف انسانية نبيلة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here