نهاية عبد المهدي …

سيف ابراهيم / باحث سياسي

ان الازمات التي حلّت بالبلد منذ اعلان نتائج الانتخابات حتى موعد اعلان الكتلة الاكبر ، كانت لتنذر بوقوع اقتتال داخلي و عدم استقرار يهدد امن العراق ووحدته ، ذلك ان الصراع الداخلي المسلح لو حدث فانه سيكون الاول من نوعه منذ العام 2003 بين مكونات و فصائل شيعية بمستوى عالي الحدّة و هذا ما لم يكن معهودا ، راينا ذلك يلوح في افق البصرة .

هذه التعقيدات و التهديدات المباشرة و الضمنية لمن يريد المضي في خط الاصلاح ، جعلت الركون للتوافق امر لا مفر منه ، فتم التنازل عن المناداة بالكتلة الاكبر حرصا على دماء الشعب و خوفا عليه و كان نتاج هذا التوافق ان تم اعتماد عبد المهدي رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة . عبد المهدي الوجه الجديد القديم ، المتصدي و المستقيل ، بما له و ما عليه ، كعادته و سابقات المواقف لم يكن على قدر المسؤولية في اول اختبار ، فقد جاء بمجموعة وزراء كابينته التي لفها الغموض و احيطت بالسرية ، حتى استبشر الناس خيرا بقادم افضل من ماض مغبر ، لكن رغم الكتمان و الغموض و حرية الاختيار كانت كابينته في المعظم بائسة لا تلبي حاجات الشعب و ليست بقدر طموحاتنا .

رغم ذلك ، قد حفظ الاصلاح له ماء الوجه ، و تم التصويت على افضل 14 وزير في كابينته على امل ان يصلح في اختيار الوزراء المتبقين ، مع اعطاءه فرصة اكبر من الوقت و الحرية ، لكن هيهات ! بعد كل الفرص التي اعطيت له ، نراه عازما على ترشيح الاسماء الاكثر جدلا دونما اعارة اي اهتمام للاصوات التي تنادي بضرورة تغييرهم و الاتيان بشخوص اكثر كفاءة و نزاهة و تحديدا في الوزارات الامنية ، و الا فالعراق سيعود لسابق فوضاه و انعدام استقراره و يبقى ساحة لتصفية الحسابات بين الدول و ممرا لكل من هب و دب !

ان اصرار عبد المهدي على ترشيح الفياض وزيرا للداخلية كمرشح وحيد عن البناء ، و عدم قطعه الشك باليقين فيما لو اعلن بمؤتمر او من خلال بيان مذيلا ب اسمه و توقيعه ، يقول فيه ان الفياض مفروضا عليه او انه من اختاره عن قناعة بقدراته الفذة و نزاهته ، ان هذا الاصرار ليخرق التوافق الذي جاء به عبد المهدي تحديدا ، و ان خرق التوافق مسؤولا عنه رئيس الوزراء و كتلة البناء معا .

ان الدعوة لجلسة برلمان اليوم الثلاثاء من دون التوافق ، يعني ان التصويت على بقية الوزراء سيتم وفق الاغلبية و هذا يعتبر خرقا لا يمكن السكوت عنه من طرف الاصلاح و ما اشدهم تاثيرا في الشارع و المتمثلة تحديدا باتباع التيار الصدري .

جلسة الثلاثاء تحتمل سيناريوهات ثلاث ، اما ان يتم تاجيل الجلسة في اخر اللحظات استشعارا من البناء ان هذه الخطوة تكلفهم و عبد المهدي كثيرا ، او يتم التصويت على بقية الوزارات ما عدا الوزارات الامنية ، ستكون خطوة متاخرة لكنها تحفظ بقية قليلة من حظوظهم ، و هذا هو السيناريو الافضل .

و اما ان يتم كسر نصاب الجلسة و بذلك سيتضح جليا ان الكتلة الاكبر هي الاصلاح و الاعمار و هذا يعني ان الجلسة ستفشل و لن يُمرر الوزراء المتبقين ، تبعات هذا السيناريو ان الاصلاح قد يمضي كَردة فعل على ما قام به البناء ، في فرض الوزراء على عبد المهدي و عدم فسح المجال له في الاختيار ، و هذا هو السيناريو الاقرب .

اما السيناريو الاخير ، هو عقد الجلسة و تحقيق النصاب و التصويت على الوزراء طبقا للاغلبية و برعاية البناء تحديدا ، ما يجعل الاصلاح فعليا خارج اسوار الحكومة و الاطاحة بها في المعارضة ، الخطوة هذه تجعل الحكومة في خطر داهم و دائم ، فالاصلاح ان اصبح في المعارضة ، يعني انه سيشكل جبهة برلمانية قوية لمراقبة و محاسبة الحكومة حد الاطاحة بها جرّاء فسادها و عدم قدرتها على ادارة موارد البلد و توفير الخدمات للناس ، ناهيك عن دعم الشارع و تأييده الواسع للاصلاح بقيادة سائرون ، و هذا هو السيناريو الاخطر .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here