ألتعايش السلمي بين القوميات في العراق

مع الأقراربحق جميع الشعوب في العالم بالأستقلال و تقرير المصير و اختيار نظام الحكم بكل حرية و دون ضغوط خارجية او داخلية و هذا المبدأ الذي اقرته كل الشرائع السماوية و الأرضية ينظبق ايضآ على الشعب الكردي ان هو قرر الأنفصال عن العراق و كانت حسابات قادة الكرد دقيقة و واقعية و تصب في صالح شعبهم من حيث التوافقات الأقليمية و المصالح الدولية كان لهم ذلك الحق في الأعلان عن الدولة الكردية المستقلة الحلم المؤجل الى حين نضوج تلك الأرادات و القبول الأقليمي و هو الأهم بالكيان الكردي المستقل الذي سوف يرى النور عاجلآ ام آجلا و ليس مهمآ او ذو تأثير ان اعجب ذلك البعض او اغضب البعض الآخر .

تكمن الصعوبة في قيام الدولة الكردية المستقلة في ان بلاد كردستان مقسمة بين اربع من الدول و يعني قيام تلك الدولة المساس بكيان تلك الدول و التي لم تتعود بعد على الخارطة الجديدة التي قد ترسم حين يقتطع الجزء الذي يشكل البلاد الكردية و هذا الأمر ( يهدد ) بتغيير الخارطة الجغرافية لتلك الدول الأربع و التي من الممكن ان تعتبر تلك الحقوق الكردية مساسآ بالوحدة الوطنية المصطنعة و التي جعلت من هذه الخرائط التي رسمتها الدول الأستعمارية في حينها ( انكلترا و فرنسا ) مقدسة و لا يجوز المساس بها علمآ ان كل اللعنات و الشتائم تنهال يوميآ و منذ زمن طويل على الأستعمار و المستعمرين في كل شيئ الا في الخرائط الجغرافية التي يجب ان تبقى دون تغيير كما ارادها المستعمرون .

اذا كانت الظروف الدولية و الأقليمية لم تتهيا بعد للقبول بالدولة الكردية المستقلة و التي سوف تتشكل في حال قيامها من الأجزاء المشتتة في الدول و اذا كان قدر الكرد ان يعيشوا مجبرين مع الأقوام الأخرى من غير ملتهم الا ان تلك الظروف القاهرة و التي تمنع عنهم اعلان الدولة و التمتع بالحرية و الأستقلال و الشعور الوطني بالأنتماء الذي يفتقدونه بحكم الأندماج القسري و العيش المشترك الأجباري مع الأقوام الأخرى فأن العرب في العراق هم من اكثر الشعوب تفهمآ للحقوق الكردية بما في ذلك حقهم في الأنفصال و الأستقلال و من المؤكد ان الأندماج القسري في دولة واحدة فيه من الأضرار و المساوئ الشئ الكثير و ما يخلق المزيد من العداوات و الأحتقانات و النزاعات .

اما اذا ما قبل الكرد و ان كان مؤقتآ العيش في وطن واحد ( العراق ) مع الأقوام الأخرى من العرب و التركمان و باقي القوميات الأخرى تحت ظل نظام ديمقراطي فدرالي و كما هو معمول به حاليآ على ان يكون للجميع من المواطنيين ذات الحقوق و نفس الواجبات و ان يكون الجميع سواسية امام القانون و في مرتبة واحدة في التعامل فلا يوجد درجات تحدد على اساسها فئات من المواطنيين دون سواهم ما يعزز الشعور بالأنتماء الوطني و يقوي من اواصر العلاقات بين ابناء الوطن الواحد من القوميات و عند ذلك سوف يستطيع الجميع و من مختلف الأعراق العيش المشترك ما دامت القوانين تطبق على الجميع من دون استثناء .

لقد جرب العرب و الكرد حل المشكلات العالقة بينهم بالقوة العسكرية و تحشيد الجيوش فكانت النتائج مأساوية حيث تعقدت المشكلة اكثر و استعصت على الحل و اذا كان مقدرآ ان يعيش العرب و الكرد دائمآ او مؤقتآ في بلد واحد له حدود معروفة عليهم اولآ اعادة بناء الثقة المهزوزة و التي كانت الأحداث المريرة السابقة قد زعزعتها اكثر و جعلت كل فريق في شك و ريبة من الفريق المقابل فقبل اعادة الأعتبار الى الثقة المفقودة بينهم لا يمكن الحديث عن توافق و اتفاق مادامت الثقة في موقع شك و شبهة و العمل على تعميق الأواصر الأخوية بين مختلف القوميات و ارخاء العدل و المساواة و احترام الخصوصيات الثقافية و الدينية للأعراق كافة و من خلال هذه المبادئ فقط يمكن التعايش بسلام و امان بين القوميات المختلفة في وطن واحد .

في الأول كان انتخاب السيد ( برهم صالح ) رئيسآ للجمهورية موفقآ و ناجحآ خاصة و ان الرئيس الجديد يتمتع بشخصية حيوية محايدة و متزنة و مقبولة من الأغلبية الشعبية و لديه علاقات متينة و قوية مع اغلب القيادات السياسية في الساحة العراقية و كذلك وجوده في رئاسة الجمهورية هو رسالة أطمئنان و ثقة لأبناء الشعب الكردي و بقية القوميات اما زيارة السيد ( مسعود البرزاني ) الأخيرة الى العاصمة الأتحادية ( بغداد ) و بما يمثله السيد البرزاني من ثقل سياسي كبير في الساحة الكردستانية و العراقية و كذلك فأن السيد البرزاني يمثل رمزآ معنويآ مهمآ بأعتباره الرئيس السابق لأقليم كردستان و ان الكثير من الكرد يعتبرونه الأب الروحي و الرمز الوطني للكرد و كردستان و ان اختلفوا معه في بعض الرؤى و المواقف السياسية الا ان الأرث النضالي العائلي للسيد البرزاني كان و مازال الأساس الصلب الذي يستند عليه و في المحصلة النهائية فأن جناحي كردستان قد حطا في ( بغداد ) و هي رسالة واضحة و مهمة من اجل العمل سوية بين مختلف القوميات من اجل النهوض بواقع البلاد كلها بما في ذلك شمالها حيث أقليم كردستان .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here