الحوت، هذا الكائن العجيب ! ح33

 *   د. رضا العطار

 
اثناء الحرب العالمية الثانية تم اطلاق آلاف القنابل من قبل الغواصات على الاهداف المعادية، مما تسببت الى اصابة الحيتان باعداد هائلة. ومن جراء ذلك حصل عجز في زيت الحوت، وكانت الامم التي تقتات على صيد الحيتان مصممة على الاستفادة القصوى من المحيطات الجنوبية للكرة الارضية.
 
فقد تم في الستينيات من القرن العشرين ازاحة حوالي 60 الف حوت من المحيط المتجمد الجنوبي.  وقد اصبح صيد الحيتان بفعل تطوير الرادار الذي تم تطويره اثناء الحرب  اكثر فعالية. وفي اواخر الخمسينيات استخدمت البحرية الامريكية الحيتان لاهداف تدريبية خلال دوراتها الاعتيادية بحثا عن الغواصات السوفيتية.
 
وفي ثلاثينيات القرن العشرين حاول اتحاد الجامعات في بريطانيا الضغط على اللجنة الدولية المشرفة على صيد الحيتان استعمال الكهرباء في عمليات صيد الحوت لصالح هذه الحيوانات بهدف التقليل من آلام الجروح التي تحدث اثناء الصيد. لكن ظهرت هناك مشكلة بالنسبة للدول التي تستهلك لحم الحوت، فقد سببت الصدمات الكهرائية تحول اللحم الى اللون القاتم بسبب التخثر الدموي مما افسد طعمه.
 
وفي خمسينيات القرن الماضي بدأ بعض علماء الاحياء مزودين بمكروفونات تعمل تحت الماء بتسجيل الاصوات المعقدة التي تصدرها الحيتان.  وقام مهندس الصوت
(ويليام شيفيل) بعمل تسجيلات لاصوات الحيتان في البيئة الطبيعية تحت الماء وهي تصدر نداءات اكثر من 30 نوعا من الثديات البحرية، من حيتان ودلافين وفقمات.
 
كانت معرفة شيفيل بهذه الاصوات التي تصدر تحت الماء واسعة جدا لدرجة انه ساعد في نزع فتيل لحظة حرجة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، لقد تمً رصد ومضات مستمرة منخفضة الموجات في المحيطات واشتبه الامريكيون ان السوفييت ربما يستخدمون هذه الاصوات لتحديد مواقع الغواصات الامريكية. وعثر شيفيل على مصدر هذه الاصوات، انها كانت تنبعث من مجموعة من الحيتان التي تصدر سلسلة من الومضات لزهاء 15 دقيقة تتبعها وقفة دقيقتين عندما تطفو هذه الحيتان للتنفس فهي تستفيد من هذه الاصوات لتحديد المواقع بالصدى وتقدير حجمها وسرعة حركتها.  
 
وفي سبيل  فهم اكثر لحياة الحيتان: ظهرت دراسات اكاديمية مكثفة، فقد وصف طبيب الاعصاب جون ليلي العمل الذي قام به في الخمسينيات من القرن العشرين على الدلافين الاسيرة في جزيرة سانت ايلند في البحر الكاريبي قائلا :
 
كان شعورنا باننا في مواجهة منطقة مجهولة، ونوشك على دخولها مع قدر كبير من الشك بعدم ملائمة المعدات التي نمتلكها، بدأ الشعور بالغرابة ينتابنا عندما سمعنا اصوات هذه الحيتان الصغيرة كما لو انها تشكل كلمات، تبلًغها اكثر فاكثر.
و يضيف : كم اتمنى لو استطيع ان احكي ما تعلمته من هذه المجموعة من المخلوقات، انهم لا يرتدون الثياب مثلنا ولا يتمتعون برفاهيات الحياة مثلنا على الاطلاق، لكن لديهم ادمغة كبيرة، وهم يقدروننا بما يكفي، لينقذوا كل واحد منا عندما يرون اننا في مشكلة.
الحلقة التالية والاخيرة في الاسبوع القادم !
 
* مقتبس من كتاب الحوت التاريخ الطبيعي والثقافي لمؤلفه د. جو رومان، ترجمة ايزميرندا حميدان، ط 1 ، 2913 هيئة ابو ظبي للسياحة والثقافة و(الكلمة).
!.    
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here