بلد الاكثر من مائتي حزب بلا حكومة فعالة

سالم سمسم مهدي

عندما طرح بعض المقربين على الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم فكرة تأسيس حزب برئاسته رفض وقال أنا اليوم لكل الشعب وإذا ما شكلنا حزب فسأكون حكراً له …

قد تكون هناك أسباب منطقية لدى أصحاب الفكرة تلك لأن الافتقار الى وجود حزب يكون عوناً وعيناً قد لا يوفر مرونة وسرعة للإطلاع على ما يجري على امتداد الساحة العراقية الذي ربما ستتلكأ الأجهزة الإدارية عن توفيرها أو الانتباه لها …

أذن الغاية من التشكيلات الحزبية هو أن تكون بجانب أجهزة الدولة ورديفا مساعداً لها من أجل تحقيق المصلحة العامة وخدمتها بشكل أفضل وليس عبأ عليها كما يحصل حالياً …

من الأعباء التي يعاني منها العراق حالياً وجود أكثر من مائتي حزب تتحرك على الساحة السياسية وهذا العدد يقابله عدد مساوي ممن يسمون أنفسهم زعماء أو رؤساء لتلك الأحزاب …

أن هذا العدد الكبير يعني وجود عدد أكبر من المقرات والمواقع التي ترتبط بها وهي بالتأكيد تحتاج الى موظفين وإداريين وحراسة ونفقات كثيرة في الوقت الذي كنا فيه جميعا نعرف ان قادة هذه الاحزاب دخلوا العراق بملابس مخرومة فمن أين جاءت هذه الأموال ؟ …

هذا من ناحية من ناحية أخرى فأن هذا العدد الكبير من الأطراف يعني أن لكل منها أتباعه وأنصاره أي أن هناك انقسام سياسي مخيف في البلد شئنا أم أبينا وكل منها يعتبر نفسه حامل لواء الديمقراطية الجديدة وإن كان الجميع مقتنع بأنها مزيفة …

فضلاً عن أن كل زعيم من زعماء هذه الأحزاب يعد نفسه عبقري زمانه ولا يوجد من يستطيع أن يشغل مكانه وانه وحده الذي يستطيع ان يحمل هموم شعب العراق على رأسه مع أن هناك عقد ونصف من السنيين مرت من دون أن نلمس مثل هذه الكفاءة …

لم يقف الانقسام هنا أو عند نقطتها السياسية بل شمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية أي أن هناك انقسام وطني فُرض من خلال هذا العدد الكبير من الزعماء كتحصيل حاصل ولا يوجد من يستطيع أن إنكاره لأنه يمشي بين الناس وفي الوزارات ممثلة باللجان الاقتصادية التي التابعة للأحزاب والتي أخذت تتحكم في عمل دوائرها وعقودها وكل نواحي عملها …

الأسوأ من هذا كله هو امتلاكها للسلاح خارج الضوابط أو أشراف الدولة المترنحة أي أن هذه الأطراف المتصارعة والمختلفة في الرؤى مدججة بالسلاح السائب الذي تركه الامريكان تحت رحمة من لا يعرف الرحمة مع ما يعني انتشاره من مخاطر وكوارث لم تعرف نتائجها النهائية حتى الآن …

لقد أنعكس هذا كله على جهود رئيس الوزراء بتشكيل حكومة قادرة على جمع هذه الاحزاب عند النقطة الادنى من التوافق كي يستطيع ان يوفر للشعب أبسط متطلبات الحياة ولكنه في كل مرة يصطدم بالنزعة الاستحواذية لهذه الاحزاب وهو ما يجعل كل محاولاته بلا جدوى وتظل خطط أجراء تغيير في السياسة العامة للبلد مكبلة بأطماع هذا العدد الكبير من الاحزاب الذي لا وجود لمثله في أي دولة من دول العالم .

سالم سمسم مهدي

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here