الطاولة المستديرة رؤية في المنطق العقلي المتوازن للخارطة الوزارية والمستوطنات الحزبية

الدكتور عبدالقادر العبادي
جامعة وين استيت الأمريكية
[email protected]

(الطاولة المستديرة) (The Round Table) تعبير اصطلاحي للتفاوض والتشاور إذا خلت من الطعام واقتصرت على إجراء الحوارات والمفاوضات ؛ وتُسمّى (المائدة المستديرة) إذا كانت المفاوضات والمشاورات تجري أثناء تناول الطعام بين الأطراف والكيانات والكتل المجتمعة.

(الطاولة المستديرة) أسلوب فني للتعبير عن الوسطية من حيث الوصف والهدف والأسلوب تُمكِّنُ أعضاءها المشاركين من الساسة والزعماء والأطراف والأحزاب الوطنية المتنازعة ، ممَّن يتحلَّون بصفات الرزانة والحكمة والتعقل والشجاعة والأخلاقية والتجرد والنزاهة والشفافية ، بالجلوس إلى جوار بعضهم البعض من دون أدنى تمييز بينهم ، وتسمح لكل عضو منهم بعرض رأيه ضمن توزيع زمني محدد ليكون جميع المشاركين على مستوى متكافيء في طرح الحوارات والنقاشات التي تمدُّ الطاولة بالمعلومات الضرورية للوصول إلى أفضل النتائج والحلول.

يتولى أحد القادة مِمَّن يوصف بالحكمة والمنطق والعقلانية والتجرّد والنزاهة والموضوعية والحيادية والمقبولية دور (الموجّه) في محيط (الطاولة المستديرة) لإدارة دفّة الحوارات والمناقشات والمفاوضات ، وتشجيع الأطراف على التعاون المشترك ، للوصول إلى أفضل النتائج ذات المنظور الوطني العقلاني المتوازن ؛ بعيداً عن التشنجات والاختناقات التي تزجّ البلاد في دهاليز مظلمة ، من خلال التركيز على القضايا المطروحة ، والمحافظة على بناء المفاهيم الوطنية ، والتساوي بين جميع الأعضاء في التعبير وشرح وجهات النظر واحترام الأطر الثقافية لكل عضو.

يبدو لبعض مُتصَفِّحي التاريخ الحديث أنها أسطورة الملك البريطاني آرثر (Myth of The King Arthur ) الذي ابتدع فكرة (رابطة المائدة المستديرة) (The Round Table Ligament) بناء على ثلاثيته المَلَكية التي ينتهجها في حكومته (العدل والحرب والسلام) ، حينما دعا إلى ( المائدة المستديرة) مائة من فرسان بريطانيا لتناول الطعام والحوار.

هذا جزء من أوراق التاريخ البريطاني الذي ساهم في رفد فصوله عالم الآثار البريطاني جورج سمث ( George Smith ) المتخصص في تاريخ الآشوريات ، الذي ينسب إليه اكتشاف ملحمة (جلجامش) وترجمتها إلى الإنجليزية باعتبارها أقدم ملحمة في التاريخ البشري.

في الواقع من خلال مطالعتي لـ(ملحمة جلجامش) الشهيرة وجدت أن روح ألواح هذه الملحمة البالغة 12 لوحاً ، والتي كتب فصولها (جلجامش ـ Gilgamesh The King of Uruk) ) في القرن الـ 26 قبل الميلاد أحد ملوك (أورك) أو ما تسمى في الوقت الحاضر (الوركاء) الواقعة على الضفة الشرقية من نهر الفرات في وادي الرافدين ، تجسد فلسفة الحكم في عهد هذا الملك السومري التي تصدّت لمحاورة ونقاش ثلاثية (الحياة والحب والموت) ، وفي جانب من فصولها إلى طبيعة الحكم في مملكته العملاقة.

تنبئنا فصول هذه الملحمة الشعرية الخالدة كيف أن القرارات في دولته كانت تؤخذ بشكل جماعي وليس فردي ، ضمن نظام ديمقراطي حر فيما يتعلق بمستقبل المجتمع آنذاك وحياة الناس ؛ وقد تمثل هذا النظام الديمقراطي بوجود مجلسين الأول يمثل (مجلس الحكماء أو مجلس الشيوخ) والثاني (مجلس المحاربين أو مجلس الشباب) ، اللذان تتوالى اجتماعاتهما الدورية للنظر في شؤون البلاد كل حسب تخصصه.

إذن فكرة (الطاولة المستديرة) هي فكرة (الملك السومري جلجامش) الذي قد يكون أفاد منها الملك البريطاني آرثر عن طريق الآثاريات ، أو في احتمال ممكن أن تكون (الطاولتان) توارد خواطر ، أو مثل ما يقول الشعراء (وقوع الحافر على الحافر).

أيّاً تكون فكرة (الطاولة المستديرة) من بنات أفكار (آرثر) أو (جلجامش) فإن العقلانية في المكون البشري تقوم في مجرياتها الحياتية على الفهم النسبي وليس المطلق لحركة الأشياء في فضاءات التاريخ.

إنَّ المنطق العقلي المؤسس على بنية التفكير العلمي والأكاديمي المتوازن يمثل الأساس الديناميكي لكافة معطيات التعاون البنّاء لصنوف صيغ مشتركات العمل الإنساني الموحّد ؛ تأسيساً على العقل الجمعي للذين يعيشون ضمن محيط جغرافي واحد تشدُّهم فيه ثوابت تاريخية وتربوية واجتماعية ومعتقدات دينية ولغوية وثقافية متباينة.

إذا ما تم لهذه المجموعة البشرية في ذلك المحيط تبني ثقافة العمل المشترك ؛ بعيداً عن تشنجات وانغلاقية الطوائف والجماعات والتكتلات وعدم شفافيتها في التعايش السلمي المؤدلج ؛ إدارياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ، والاحتكام إلى لغة التفاهم وإعمال المنطق العقلاني بمعطياته الإنسانية من أجل السلم المجتمعي لتحقيق أفضل النجاحات في المنظورات الحياتية ، فإنّ النجاح سيصاحبها في مساراتها الحياتية فردية كانت أم جماعية.

من منطلقات تلك الرؤى التي تؤسِّس إلى تبنِّي الشفافية في العمل الإداري واحتواء الأزمات والتعاون المشترك بين صنوف الطوائف والجماعات والكتل ؛ لغةً وتاريخاً وجغرافيا وثقافات ، تلك التي تشكل البنية الجوهرية لسكان بلاد الرافدين ، جاءت رؤية (المائدة المستديرة) العقلانية التي دعت إليها كتلة (النهج الوطني) التي تمثل حزب الفضيلة بزعامة المرجع الديني سماحة الشيخ الفقيه محمد اليعقوبي (دام ظله) الذي حذّر سماحته من بيع العراق وأهله بالثمن البخس من قبل ذوي الأطماع الدنيئة مما تشهده الدهاليز المظلمة والصفقات الرخيصة لبيع وشراء الذمم والضمائر وتسليم الشعب إلى مستقبل مظلم .

لقد دعت كتلة (النهج الوطني) الكتل والأحزاب التي شاركت في العملية الانتخابية لعام 2018م ، مع اختلاف حظوظها الانتخابية وحصد المقاعد البرلمانية ، إلى اعتماد منطق (المائدة المستديرة) لإنهاء حالة الانقسام والتخندق والتشرذم والاحتكام إلى منطق مشترك يتبنى المنهج العقلي ، وتفعيل المشتركات ، وتبادل الرؤى وإذكاء الحوارات ، من أجل انقاذ العملية السياسية وديمومتها .

هذا وقد تحدث رئيس كتلة النهج الوطني الدكتور عمار طعمة في المؤتمر الصحفي الذي عقده إلى توجّه وطني مبني على العدل والنزاهة والموضوعية من أجل العراق العظيم في اعتماد (المائدة المستديرة) بين الأطراف السياسية المتصارعة.

إنَّ هذا التوجّه يعكس الرؤية العقلانية لتفتيت حالات الشد والإرخاء ، ونزع فتيل الأزمة السياسية التي وصلت إلى طريق مختنق متشنج بين الكتل والأحزاب ، مما قد يفضي إلى هدم العملية السياسية في العراق برمَّتها ، واشتعال الشارع العراقي الذي بلغت فيه الروح الحلقوم ، من حيث تردي الخدمات واستفحال أخطبوطيات مافيات الفساد المركّب ، وشيوع ثقافة العوائل السياسية والحكومية في جوانب الإدارة والاقتصاد لبعض الأحزاب والكتل والتيارات المشاركة في السلطة منذ 2003م وللزمن الحاضر.

إن رؤية (الطاولة المستديرة) ، حسب مقاربات الفقه التاريخي ومنظوراتي المعلوماتية والسياسية ، هي منطق (عقلاني متوازن) وصحي ، يجنبنا الصراعات الداخلية ، التي تعتمد بعضها مبدأ القوة والعدّة والعددية والتيارية والطوائفية المنضوية في أركانها ؛ مقياساً للغلبة ، إضافة إلى جوانب شتى لنيل الفوز وتسجيل الاحتواء الشامل في رسم الخارطة الوزارية ، التي أخفق في رسم ملامحها رئيس الوزراء التوافقي.

لقد أُشيع أن السيد عادل عبدالمهدي اخْتيرَ بتوجيه من المرجعية حسب ما تناقلته الرؤى الإعلامية المتباينة ، والعهدة في ذِمَّتها ، والمرجعية هي التي جاءت معادلتها بركنيها (المجرَّب لا يجرَّب) فكيف يصح هذا منطقياً ، وكيف يستوي طرفا المعادلة وعادل عبدالمهدي (ذو الوزارتين السابقتين المالية والنفط) ونائب رئيس الجمهورية الذي استقال منه لاحقاً؟

السؤال الذي تتداوله منصات التواصل الاجتماعي والمراكز الإعلامية والأشخاص والجماعات في الحقول المعرفية المتنوعة هو كَون عادل عبدالمهدي (متنوّعاً حزبياً ) في مسيرته السياسية (مجرّباً ثلاثاً) من ذي قبل فلماذا أصبح (في محيط المستثنى منه) وخارج محيط المعادلة و(غير المشمول بإجرات المجرّب لا يجرَّب)؟

مقتنيات الإعلام والقوى الشعبية وسيناريوهات الاستحقاقات تؤكد على أن صناعة وبروز الأزمة الحالية هي من نتائج (ثنائية المهادنة وعدم الاقتدار) للسيد عادل عبدالمهدي من تحييد أمالي الكتل والطوائف ، إلى جانب ذوبان الكتلة الأكبر التي هي الفيصل في حسم النزاعات.

هذا على الرغم من أن رئيس الوزراء التوافقي ، مَنْ كانت عليه آمال الاستحقاقات والمطالبات الشعبية معقودة ، كان قد وقف يومها أمام البرلمان ببرنامج حكومي ( إصلاحي) ، غني بمادته ومفرداته ، مُسِرٌّ بحيثياته ، لكنه أطول من نهري (الأمازون والمسيسبي) ، وذلك لأنه يحتاج إلى مجاهدات كبرى ، وشخصيات مستقلة وكفوءة ونزيهة وشفافة ، من النخب الوطنية في مفاصل الدولة ، وسنين ضوئية عملاقة ، لكي تؤمّن تحقيق كل مفاصله ، وتهيء أسباب نجاحه ، وكابينة وزارية من الشخصيات الكفوءة المستقلة ذات التوجّه المدني المؤسساتي ، إلى جوانب جوهرية أخرى تتعلق بالحزم والعزم والشهامة والاقتدار الجوهري في متابعة مافيات الفساد التي تنخر بالبلاد منذ 2003م وللزمن الحاضر ومحاسبتها واسترداد إرث العراقيين.

بعدها قدم السيد عادل عبدالمهدي حكومته بـ(التقسيط غير المريح) ، فكان قسطها الأول وزراء عليهم شبهات مسائلة وعدالة وملفات فساد ، يمكن أن يطلق عليها بـ(الصفقة العشوائية) ، التي ستؤدي في نهاية مطافها بعد (التصويت المؤكسد) إلى صناعة أزمات تضاف إلى معاناة العراقيين ، طالما أنها في عمومها هشة رخوة في صناعتها وولادتها من رحم الحسابات السياسية الضيقة لكثير من الشبهات التي تحوم حول بنائيتها.

أما قسطها الثاني ، الذي تم استحضاره من مصانع المستوطنات الكتلوية خارج الاستحقاقات من الكفاءات المستقلة ، فهو الذي أشعل فتيل الأزمة بوزرائه الـ(8) الذي ظل السيد رئيس الوزراء يأخذ البحر فيهم سباحة طولاً في صفقته الثانية ، مما أشعل الفتيل وأرجع الكرة إلى المربع الأول ، بعد سنوات الجَدْب والإمحال ، وكأنَّ العراق ، بلد الحضارات والكفاءات ، خلت أوراقه ، وعَقُمَ رَحِمُه إلاّ من هؤلاء الـ(8) وقبلهم الـ(14) الذين كان بإمكان السيد عادل عبدالمهدي أن ينفض عباءة المحاصصة عن كتفيه ويأتي بأصحاب الكفاءة والمهنية والشفافية لخارطته الوزارية حتى يكفل لبرنامجه الحكومي الإصلاحي النجاح طالما معه المرجعية والشعب.

وتفاقمت الأمور وتباينت مستوياتها بين الشدِّ والإرخاء حتى ضاقت (الكابينة) واستحكمت حلقات (صناعتها) في الخارطة الوزارية ، إلى جانب التدخلات الإقليمية التي تجاهد بكل ما أُوتيتْ من قوّة ورباطة جأش من أجل مصالحها في بلاد وادي الرافدين.

أنا أعلم ، كما يعلمها متتبعو قراءات البوصلة السياسية العراقية ، أن السيد عادل عبدالمهدي منذ الخارطة الوزارية الـ(22) حتى بداية أزمة الوزراء الـ (8) المثيرة للجدل ، وهي تتجاوز الأطر والمعايير والمقاييس والأحجام والمؤهلات ، وقد تؤدي إلى انهيار المنظومة الحكومية.

في هذا السياق كنتُ أحد الذين أرسلوا إلى سماحة السيد مقتدي الصدر والسيد عادل عبدالمهدي على موقعه الرسمي لرئاسة الوزراء بسيرتي الذاتية وخبراتي العالية في الجامعات العربية والبريطانية والأمريكية ، مع توصيات المقيِّمين ، وبرنامجي الوزاري الموجز للترشيح لمنصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي وأنبأتهما بأني على استعداد تام لمناظرة مرشح مستوطنات الكتل والأحزاب السياسية لهذه الوزارة تحت قبة البرلمان ، دلالة الثقة بالنفس ، والقدرة القيادية على تحقيق الاستراتيجيات الفاعلة في تعزيز جودة الأداء ، وثقافة الابتكار ، وخلق البيئات المناسبة للوصول بالبحث العلمي إلى أعلى مستويات التميّز والإبداع ، مما يساهم في بناء اقتصاد منتج ومنافس . هذا المرشّح ، في وقتها لم يصوّت عليه أعضاء البرلمان عندما عرضه السيد عادل عبدالمهدي لأسباب متعددة يعلمها القائمون آنذاك ، إضافة إلى أنه في منظورهم الفكري والقيادي مما يعيق إمكانية تحقيق مستويات الإصلاح في بنية التعليم العالي والبحث العلمي.

نشرتُ ذلك في صحيفة (صوت العراق الألكترونية) عبر مقالات متعددة لكي تطّلع عليها السلطة الرابعة (Fourth Estate) أعني وسائل الإعلام الجماهيرية وما يدور في فلك الخارطة الوزارية لتشهد على بياناتي في ذات المتن المعلوماتي ؛ فضلاً عن ذلك لكي يطلع عليها المستشارون الإعلاميون لرئيس الوزراء ليوصلوا له تلك البيانات ؛ نظراً لأهميتها ؛ كونها تصب في استراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي ، الذي يشكل جزءاً مهماً في برنامجه الحكومي القادم .

بعض ظني أن رئيس الوزراء قد اطلع على ما أرسلت إليه إما عن طريق موقع رئاسة الوزراء أو عن طريق مستشاريه الإعلاميين وفريق عمله المتكامل من الخبراء وأصحاب المعرفة من الأكاديميين والإداريين ذوي الشفافية والنزاهة الذين زيّنوا له ( نافذة الترشيح الألكتروني الدعائي)!

أنا أعتقد أنّ هناك كثيرين من أصحاب الكفاءات العملاقة المستقلين مثلي يمتلكون سيراً ذاتية متقدمة قد رشحوا أيضاً لهذه الوزارة أو الوزارات الأخرى ، ولكن السيد عادل عبدالمهدي لم ينصت لـ(صوت الكفاءة المستقل المهني الشفاف) وإنما كان منصتاً لـ (صوت المحاصصاتية). وإذا سلمنا بهذا فهناك أيضاً من ( المحاصصاتيين) من هم (مهنيون) ولكنهم غير (مستقلين) فإن شاء السيد عادل عبدالمهدي اعتمدهم استثناءً من شرط الاستقلالية في صناعة الخارطة الوزارية إفادةً من مهنيتهم ؛ وهذا لهو الحد الأدنى المقبول.

إذن فـكرة (المائدة المستديرة) التي أشارت إليها (كتلة النهج الوطني) معتمدة في التاريخ الحديث والمعاصر حينما نتصفح أوراقه ، وباعتماد ديناميكيتها حُلّتْ أصعب المشاكل التي واجهت الدول والحكومات والجماعات في كافة المستويات.

تحدثنا أوراق التاريخ الحديث عن (الطاولة المستديرة) للقوى والكتل والطوائف التي أقيمت في لندن عام 1930م لبحث مستقبل الهند ، وكانت تلك الطاولة تدار من قبل رامزي ماكدونالد (Ramsay MacDonald) رئيس وزراء بريطانيا من (حزب العمل البريطاني) في ذلك الوقت الذي تسلّم رئاسة الوزراء لدورتين متتاليتين ، أعقبتها في عام 1931م (طاولة مستديرة ثانية) حينما لم يتوصل المفاوضون في الأولى إلى حلول مشتركة وقد حضرها ( السياسي والزعيم الروحي للهند المهاتماغاندي) والمحامي والسياسي البارز في حزب المؤتمر الوطني الهندي محمد علي جناح.

(طاولة مستديرة) ثانية أقيمت في (لاهاي عام 1931) بين الحكومة الهولندية والوطنيين الأندونيسيين التي اشترك فيها (أحمد سوكارنو السياسي والمناضل الذي قاد بلاده في حملاته ضد الهولنديين من أجل استقلال أندونيسيا).

(طاولة مستديرة) ثالثة أقيمت في (بروكسل عام 1960) بين الحكومة البلجيكية وزعماء الكونغو وانتهت باستقلال (الكونغو كينشاسا) التي كانت تسمى حينذاك (زائير).

وهناك ( طاولات مستديرة) متعددة في العالم شكّلت منصّات مثالية لتبادل الآراء والخبرات وحل المشكلات ، حيث حققت مفاوضاتها نتائج متقدمة ، سواء في إدارات جودة أداء الاستراتيجيات الوطنية ، أو تجنبت الحروب والصراعات بين الكتل والطوائف والحكومات ، بفضل رجاحة العقل الإنساني واحتكامه إلى (العقلانية والحكمة والعدل).

أتمنى على الكتل والطوائف والأحزاب السياسية التي تريد للعراق العظيم أن يتجاوز الأزمة الحالية لصناعة قرار يخدم المؤسساتية في الدولة العراقية أن يختاروا شخصية مقبولة من جميع الأطراف تتميز بالحكمة والعدل والنزاهة والموضوعية كمرشد لـ (الطاولة المستديرة) العراقية القادمة وأن يجتمعوا حوله يتحاورون بكل شفافية ونزاهة وتجرّد وموضوعية واضعين (الله بين أعينهم والعراق).

أدعو مخلصاً مراجعنا العظام في النجف الأشرف الدخول المباشر على خط الأزمة ، واحتوائها والتوجيه والإسهام الفاعل في الدعوة لـ(الطاولة المستديرة) من أجل الوصول إلى الأفضل لما لهم من قوة التأثير الروحي على العراق والعراقيين.

بوركت جهود الريادة في كتلة (النهج الوطني) لحزب الفضيلة وهي تسعى بنوابها الفضلاء إلى الحفاظ على وحدة العراق وتغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح الفردية والجماعية.

ومن أجل المضي بسياسة الإصلاح وتنفيذ البرنامج الحكومي الرائد ، والحفاظ على التوازن ، والاستحقاقية والوطنية ، واحتواء المطالب الشعبية ؛ فإني على أتم الاستعداد للإسهام الفاعل في رفد فكرة ( الطاولة المستديرة) أو ما يماثلها نظرياً وتطبيقياً والسعي لإنجاحها بكل موجبات الوطنية والقدرة والشفافية والمبادرة والتواصل في المستويات العلمية والأكاديمية والإدارية لتعزيز استراتيجية الجودة وثقافة الأداء المتقدم لخلق بيئات مناسبة وتحسين مستويات التنافسية والريادة الفكرية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here