المحقق الصرخي ..الابتلاء والاختبار هو المحك في معرفة الإيمان

احمد الركابي
في الواقع كثيراً ما يخفى على الناس أن النعم ابتلاء، فيظنونها تكريماً من الله لهم لا اختباراً لشكرهم فيسيئون استخدامها، ويغترون بها ولا يبالون إن كان ذلك يسخط الرب أم لا، فيفسدون ولا يصلحون وعلى الله يستعلون وبالله ونعمه يجحدون وبآلائه يكذبون، على نحو ما قصه القرآن عن قارون: (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ(76)وَابْتَغِ فِيمَا ءَاتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) [القصص 76-78].
لكن المسألة المهمة هنا هي معرفة الهدف من الامتحان والاختبار وفلسفة ذلك.لا شكّ أنّ للابتلاء الإلهي أهدافاً وغايات متعدّدة، فمن هذه الأهداف تفجير القدرات والطاقات الإنسانية الكامنة، وكذلك من خلال هذا الطريق يتسنّى للأفراد الاقتراب من الكمال المطلوب،
إن هذا الابتلاء الذي يتعرض له المسلم في حياته بما فيه من مشقةٍ وشدةٍ وعسر ومعاناة، إلا أن فيه منح إلهية وجوائز ربانية جعلها الله لعباده المؤمنين وللمجتمع والأمة المسلمة، فمن ذلك تكفير الذنوب والخطايا ورفع الدرجات وتطهير النفوس وتزكيتها، وربطها بخالقها ومعرفة أهل الصدق والصبر والإيمان، وكشف وفضح أهل الخيانة والكذب والنفاق.

ومن هذه الصورة الاختبارية فقد اوضح الاستاذ المحقق الصرخي الى اهمية الاطاعة والصبر على البلاء لانه درس في الوصول الى معرفة الايمان الحقيقي الصادق ، وهذا مقتبس من المحاضرة {8} من بحث ( الدولة..المارقة…في عصر الظهور…منذ عهد الرسول – صلى الله عليه وآله وسلّم -) بحوث: تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي لسماحة السيد الأستاذ – دام ظله –
17 صفر 1438 هـ – 18 / 11 / 2016م ، جاء فيه :

((قال تعالى: ( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ) البقرة (249).
أقول لذوي العقول: من يدّعي أنّه يمتلك العقل، ممّن يتحدّث بالعقل، ممن يتقمّص أنّه عاقل ومن العقلاء خاصة أتباع المنهج التكفيري، أصحاب منهج المغالطات ومنهج الالتقاطية والتشويش والتشويه والمجادلة والمغالطة، الجهال المكّفرين للمناطقة ولأهل الكلام وللفلاسفة وللعقل والعقلاء، أقول: جنود طالوت عندهم معركة، حرب، قتال، تجهيز، حالة إنذار، مسير، تدريب، هجوم، دفاع، اقتحام، ويوجد نهر، هل يوجد من يأتي بجواب لماذا مُنعوا من شرب الماء؟!! جيش وماء، وجود الماء وعدم وجوده ممكن أنْ يترتب عليه النصر والهزيمة، الماء سلاح في المعركة ممكن أنْ يحقق النصر، ممكن أنْ يقلب النصر إلى هزيمة ويقلب الهزيمة إلى نصر، لماذا يمنع هؤلاء من شرب الماء من هذا النهر؟ لا نعلم، الحكمة الله يعلم بها، العلة الله يعلم بها، على الجندي الإطاعة على المكلف الإطاعة على العبد الإطاعة لا يدخل هنا التفلسف والمغالطة والسفاهة هذا أمر الله، هذا هو كتاب الله، هذا هو قرآن الله، هذا هو كلام الله، نسلّم بما جاء، ما هي الحكمة ؟ ما هي العلة؟ الله – سبحانه وتعالى – أعلم بها، إذًا الابتلاء والاختبار هو المحك في معرفة الإيمان الحقيقي.)) انتهى

إن هذه الحكمة الإلهية والإرادة الربانية في ابتلاء العبد المؤمن، هي من اللطف الإلهي الكبير الذي منّ الله به على المؤمنين، فمن ذا الذي لا يتمنى أن يقف بين يدي الله (عز وجل) وهو نقي من الذنوب ليس عليه تبعة, ومن لا يتمنى حسن العاقبة, فكان من عظمة لطفه سبحانه أن يجعل للمؤمن ما ينقيه من الذنوب في الدنيا، فكان البلاء سبباً في تنقية العبد المؤمن من الذنوب في الدنيا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here