هل أنت مسلم ..؟ وماذا يعني ان تكون مسلماً..؟

د.عبد الجبار العبيدي
من وجهة نظر الاسلام ان المسلمين هم كل أتباع الديانات السماوية ..وليس اتباع محمد(ص) فقط… بدلالة الآيات القرآنية :الاحزاب 35 ،يونس 90 ، الذاريات 35-36 ، آل عمران 52 ، البقرة 133…لذا يجب ان نفهم الاسلام على هذا الاساس .. وليس هم اتباع محمد فقط…بل أن الاسلام مرتبط حصراً بالله ووحدانيته.
من المؤسف جداً ان كثيرين ممن ينتسبون الى الأسلام ليسوا في الواقع مسلمين،بل ان الاسلام منهم براء . فكثيرون يظنون ان الاسلام هو فقط ان تكون اسماؤهم من الأسماء الأسلامية المعروفة التي اصطلح المسلمون على ان يطلقوها على أبنائهم،أو ان تكون أسماؤهم مسجلة في سجلات النفوس الاسلامية..وهم المتشددون في الدين.
وقد يظن المسلم هو ان يكون رجلاً طيباً ذا أخلاق حسنة..أو ان يتبرع بشيء من ماله لعمل الخير..او ان يكون مُجيدا للوعظ والأرشاد ،او ان يكون دارساً للقرآن الكريم من أوله الى أخره،ومع كل هذا جميل ولازم،ولابد ان يتوفر في حياة كل مسلم،الا ان الاسلام أكبر من هذا وأعظم بكثير..انه الحقيقة ايمان وعمل ،ايمان يراه الله تمسكا بالوصايا العشر، والعمل في تطبيقها بين الناس…هو في الحقيقة ثمرة الأيمان ولا غير..أني لا أراها مطبقة عند غالبية المسلمين اليوم.
هنا يجب عدم فصل الأيمان عن العمل الصالح،فان الأيمان دافع الى العمل الصالح وحافز له،والعمل الصالح نتيجة حتمية ملازمة للأيمان.وكونك مسلماً يجعلك تحرص على ان تعمل الخير للخير ذاته دون تظاهرامام الناس،أو أنتظار المكافأة ، او لكلمة شكر أو ثناء من أحد.فهل المؤسسات الاسلامية اليوم على هذا النهج ؟. لا أعتقد.
الاسلام الحقيقي يعني ان تكون لك الحياة الجديدة التي تحب الله وتكره الباطل وترفض الظلم على الأخرين ،وهو يعني في الوقت ذاته النصرة على الباطل وعلى العالم الذي يؤيده …وهو الذي لا يسلبك الحرية والارادة التي مَيز الله الانسان بها فهو لا يجعلك عاجزاً ان تخطىء..بل قادراً على ان تتلافي الخطأ.
2
وكونك مسلماً يُحتم عليك – برضى وسرور- ان تحب الأخوة والوطن دون خيانة، فهذا برهان على انك قد انتقلت من الموت الى الحياة “لأن الله لا يحب الخائنين،الأنفال58”.، بل وتحب الأعداء ايضا وتبارك من يلعنك وتحسن الى من يسيء اليك كما يقول حكيم: “أفعل الخير للخير دون معرفة من تعمل له ،نهج البلاغة”..وليس هذا عجزا او ضعفاً ، بل هو في الحقيقة أمر صعب ،قد يبدو مستحيلا بالنسبة للبشر، الا ان الديانات وعقيدتها السمحاء فينا تجعله أمراً ممكناً.
وان تكون مسلماً يعني ان يكون الله في حياتك متقدما في كل شيء،وان يكون هو صاحب الكلمة العليا في كل تصرفاتك..فعليك تجنب الخيانة والغدر بالوطن و بالأخرين..ومع هذا التكليف الصعب فأن الاسلام ليس عبئاً أو ثقلاً او حرمانا من امور الحياة الاخرى- بل هو لمن يقبله بأيمان ويعيشه بأخلاص- أمتياز ولذة وسعادة وفرح لا ينطق به الا مُجيد.وهوليس حكرا على احد او لاحد،والمقدس هو الله والقرآن والكتب السماوية الاخرى لا غير…لكن بابه مفتوح للجميع دون تفرقة بين لون او جنس او بلد..”انا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..الحجرات 13″ اسئل نفسك ايها المواطن..هل انت مسلم بهذا المعنى ؟.وهل من حكومة اسلامية اليوم تطبق هذه القيم الدينية الصحيحة..؟
حتماً…”لا”.
اذا كانت الأجابة “نعم” فهنيئا لك، ان تعيش في طمأنينة في هذا الزمن،وستعيش في مجدٍ عظيم بعد ان تنقضي رحلتك هنا ليبدأ مصيرك في عالم الأبد. وان كانت الأجابة”لا” فأني أدعوك الآن : الى الألتزام بما تركه لنا الأنبياء والرسل من القيم العليا ، وجرب..ولن تندم أبداً.
مع الاسف نحن نعيش اليوم في عالم غريب ..عالم شغل عن كل شيء الا عما يربطه بالملهيات والمغريات..فهل نفقد الامل في وجود من يستطيع القيام بالبحث والتدقيق ليصحح ما يحتاج الى تصحيح …وتصفية ما شابه من عدم الدقة والتصحيح .وتنقلب الحكومات الى راعية للناس دون ظلم او حقد دفين…ودون تفريق..؟
لا تفهمونا غلط ايها القراء الأعزاء..اذا كنا من المسلمين علينا ان نعرض الاسلام من وجهة نظر المعرفة والتشريع والاخلاق والجمال والاقتصاد والتاريخ كعقيدة..أخذين بنظر الاعتبار شمولية النظرة الى الوجود الانساني في تغير الصيرورة الزمنية وقانون تغير الأشياء- النص الديني ثابت لكن محتواه متغير- ” قل سيروا في الأرض فأنظروا كيف بدأ الخلق ثم
3
يُنشىءالنشأة الأخرة،العنكبوت 20″ أي كيف تتطور الحياة بمرور الزمن ..لنضع منهجا جديدا في اصول الحكم قائم على البينات المادية .. واجماع الأكثرية ..لتكون حرية التعبير عن الرأي ، وحرية الاختيار ، هما اساس الحياة الانسانية في الدين..كما في العالم المتقدم اليوم..؟
كنا ونحن في مرحلة الدراسة الجامعية الآولية .. نقرا فلسفة حزب الدعوة وما يطرحه مؤسسه الآيديولوجي المغفور له محمد باقر الصدرفي كتابيه “فلسفتنا وأقتصادنا” من اراء سديدة لبناء مجتمع العدالة الاجتماعية..فقرأناهما وضحينا من اجله الكثير.. وقتاً ومالاً وتضحيات حتى اصبحنا مهجرين قبل وقت زماننا ..محرومين من الوظيفة والعمل والوطن معا..ولكن حين قطفنا الثمرة بعد2003 .. ما درينا ان نفرا من الذين لايؤمنون بدين ولا باخلاق ان يستولوا على الوطن ليوظفوه لهم ولأبنائهم دون الاخرين بأسم حزب الدعوة والدين..حتى بقينا ملامة من اهلنا واولادنا ..ملامة ليس لدينا العذر في مواجهتها..لدرجة نحن اصبحنا بلا ضمان ولا امل في الحياة..اما الذين فقدوا الاخلاق والسياسة معا فآولئك هم المفضلون اليوم مالا ومستقبلا ..فهل هذا ما بشر به المرحوم الصدر..نسألهم فليجيبون ..؟؟
هذه هي حكاية المواطن الشريف الذي ساند الوطن للخلاص من الظلم …قبل ان تقلبوا له ظهر المَجن..ونحن لا زلنا نعتقد ان الحق هو المنتصر ..والباطل هو المنهزم وأنتم منه.. وان صوتا واحدا شجاعاً اكثرية.
اعلموا يا من ظلمتم الناس .. وسرقتم الوطن .. وبعتموه للمجاورين بثمن بخس.. سوف لن نبقى نكرهكم ونكره الوطن .بل سنبقى نفتش عن معرفة الحقيقة كي لا نقع في الخطأ مرة اخرى..ان الشمس والظلام كلاهما لا يحتاجان الى دليل قطعي على ثبوتهما….فهل تدركون..؟
اذا حاولتم ان تكونوا عدولا مخلصين تستطيعون ..حيث لا يوجد مستحيل..او حتى لو حاولتم ..هنا عليكم ان تطلبوا الحق وان قل لكم وللأخرين…الناس تحترم شجاعة من يقول الحقيقة او بعضها ولا تحترم من يعتم عليها فأنتم على مدى 15 عاما تكذبون…أتركوا المخاصمات على وزير او وكيل يتلقى أمره من الاعداء ، فالوطن يملك من امثالهم واحسن منهم الكثير..لكن من حمل السلاح ضد الوطن البارحة ..لا يمكن ان يكون معه اليوم..فالتاريخ في ظاهره لا يزيد عن الاخبار ..أما في باطنه فهو الاحداث..

4
لا تحسبوا ان صمت الشعب المظلوم عنكم هو جُبن او ضُعف..فالأرض صامته ولكن في جوفها بركان..أستقيموا على الطريقة ليسقيكم الله ماءً غدقاً..والا سيهلككم كما أهلك عادٍ وثمودٍ وجعلهما فما أبقى. فلا تجعلوا بيتكم (الوطن) منقسما على نفسه من اجل مصالحكم ..فالبيت المنقسم على نفسه مهددُ بالزوال.
كونوا مع ثبات الحق وحقوق الناس..ومع عزم الامور..ولكم مع الباطل صبر على السيف..ولا تبقوا الغازا محفوفة بالغموض تعتمون على الخطأ بأعتباره شطارة على المواطنين ,.تقولون شيء وتعملون شيء اخرحتى أنهارت قيم الحياة المقدسة عندكم ..ولتعلموا ان الدين الصحيح هو الذي يقوم على عدم أيذاء الناس ووطنهم والاعتراف بحقوقهم ..وعدم اختراق قوانين القادر القدير.
المؤمن لا يسرق بلاده..وأنتم سرقتموه.. ولا يعمل مع اعدائه ..وانتم عملتم بخيانة المنطق معه، بل عليكم مراجعة ومحاسبة النفس اللوامة لتهبوها للأفضل ..فوظيفة الشهرة التي تتقاتلون عليها اليوم بالباطل .. لا تعني ان لكم قيمة.
لا تطمعوا بثروة الوطن بالباطل..فالثروة المفرطة لن تستطيعوا بها ان تشترون الوطن والمواطن..انتم تدعون الدين والقيادة..بعد ان البستم الشباب اللحية السوداء التي شوهت وجوههم..وحجبتم النساء وعزلتموهن عن حياة المجتمع بحجة الدين.. وانتم اشد اعدائه بعد ان ولغتم في نظريات الجنس والمتعة وفواحش ما يقرره رجل الدين المتخلف ..فزاد الطلاق وعمت الفاحشة واصبح المجتمع اليوم امام الامتحان الصعب.. فأذا اردتم ان تعرفوا مدى تقدم المجتمع ..فأنظروا الى وضع المرأة..؟
حان الوقت للتخلي عن التعصب ..يجب الاعتراف بأن الحقيقة الدينية تتغير وتتطور وليست مطلقة ومنقوشة فوق حجر..فالأنسان بلا عقل مثل التمثال بلا روح ..وانتم اليوم منهم.انتم اصبحتم كالطغاة الذين لا يستحقون الحياة..لأنكم تسعون وتسعدون الى سرقة حياة الناس.
انظروا الى مؤسسة مجلس النواب وما يجب ان يفترض فيها ..عددها 329 نائبا ..ووظفتم فيها أكثر من 3 آلاف موظف من الاقارب دون فائدة تذكر.. لا يحضرون من النواب الا فوق المائة ..فأين الباقي وهم القابضون للمال العام ما لا يستحقون..؟ أنظروا اليهم..هذا يتحرك من فوق الكراسي وكأنه في سيرك..وذاك ماسكا تلفونه النقال يتحدث لامور شخصية..واخرى تلعب بشنطتها ولا ندري ما تريد..وهم لاهون لا يقرأون ولا يشاركون..وفي رفع الايدي ..حيث
5
المصلحة لرئيس الكتلة المنتفع من اموال الناس يصوتون..تماثيل تتنقل بلا ارواح.. تنتنظر الرواتب والامتيازات دون عمل مفيد للناس..نعم انهم يسرقون الوطن..بالأمتيازات والايفادات الباطلة على الخالي والمليان ..وتجميل وجوههم ومؤخراتهم دون شعور من ضمير او وجدان..ووزراء بلا خبرة ولا ايمان بالوطن والعمل ..وسفارات فيها كل الاقارب والوليان ،وكأننا نعيش في عهد الأتراك العثمانيين..والا كيف وصل الوطن الى هذه الدرجة من الغثيان؟.الف مليار دولار والوطن مهدم.. وغارق في سيول الامطار والفيضان..والناس في المخيمات بلا ماء ولا شجر وأنتم نيام…نعم هذا هو العراق الجديد..يا من بعتموه بثمن رخيص؟
بلد الحضارات الاربع..يشتري الكهرباء وحتى الطماطم والكرفس من الجيران ..وبلاد النهرين قاحلة حتى بلا مراعي ولا رعيان.. ويطلب القروض المالية من البنوك الدولية باغلى الفوائد ليرهقوا الوطن بالديون والألتزامات وثروته منهوبة لهم بلا حسبان ..والكل تنهب دون حسيب اورقيب بل ببهتان..وفي كفتريا المجلس سيء الصيت يتسامرون ويتآمرون على الوطن والناس..وأبناؤه علماء في الخارج مبعدون لينام الصعلوك في فراشه امنا من حقوق المظلومين..فلمَ كنتم تعيبون على النظام السابق التقصير..فهو لم يكن مثلكم ابدا ..كان احسن منكم بكثير ..رغم ظلمه ودكتاتوريته على المواطنين..؟ بالغتم في المظلومية واليوم تبالغون أنتم في ظلم الاخرين..لم تُعلموا الناس الحروف الابجدية الصحيحة …بل علمتموهم نظريات الاحزان الدائمة والمهدي المنتظر وولاية الفقيه وكلها نظريات وَهمٍ لا تستند على برهان….ليس الا… لتجعلون الناس …تتعايش مع الضياع …ووهم…الزمان ..
النقد اساس التقدم..لأنه هو جدلية الله في خلقه.. ونقد الدين اساس كل نقد ..فلماذا تتجنبون الحقيقة لمعرفة الاخلاق والدين..؟
انتم اليوم:
ساسة بلا مبادىء..ومعرفة بلا قيم..ومتعة بلا ضمير.. وتجارة بلا اخلاق..وثروة بلا عمل… وعبادة كاذبة بلا تضحية..كفاية ..هل تدركون…ما سيقرره التاريخ ..كما قرره بأمثالكم عبر الزمان..جاءتكم النذر فكفرتم بها ..يا ويلكم من خالق يريكم الأنتقام ؟
لا حل امام العراقيين الا بتغيير الدستورالناقص…وتحويل النظام من نيابي فاشل الى رئاسي مقيد بمجلس مصغر منتخب من المواطنين بعد الغاء نظام الكتل والاحزاب ومجالس
6
المحافظات البائد قشمرة الزمان.. والغاء كافة القوانين التي صدرت لمصلحة المرافقين.. وخاصة قانون العفو العام الذي منحهم حرية سرقة اموال المواطنين والاعفاء من العقوبات ..السوداني وغيره كثير مثالا.وقانوني رفحاء والجهاديين الذي فرق بين الناس بالبطلان.. وتعيين وزراء أكفاء لا علاقة لهم بالاحزاب النفعية الخائنة،وسفراء لا يعترفون بالجاليات بل بالمقربين منهم من الاصحاب .. لا غير . وتقديم كل من خان وغدر لمحكمة القانون..وخاصة تسليم الموصل ومآساة سبايكر وصلاح الدين …فبدون الاصلاح الحقيقي لن يكون للعراقيين وطن….من وطن..؟
لا تبقى يا عبد المهدي تهدد بمحاسبة السراق..وما اهدره البنك المركزي من اموال المواطنين ( المزاد العلني للدولار) خدمة للاخرين ..بل نفذ ثم صرح كما فتحت المنطقة الخضراء اليوم امام المواطنين …والا ستصبح مثل اصحاب (س وسوف) الذين خسروا الله والدين والشعب والقيم اجمعين..واليوم هم في الملامة نادمين..لن تنفعهم قصورهم المغتصبة والساكنين…؟
فكونوا على ايمان وصدق عميق..
والله من وراء القصد..وهو نعم المولى ونعم النصير..
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here