إعداد الموازنة تحدٍّ كبير يواجه عبد المهدي

ترجمة/ حامد أحمد

لم يمض على رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي سوى شهرين فقط في منصبه مالبث أن اضطر الى فعل أول تراجع سياسي كبير له وتمثل ذلك التراجع بميزانية السنة القادمة للبلاد. أحد أسباب موقف عبد المهدي الضعيف هو انه لم يشارك بانتخابات أيار البرلمانية وليس لديه قاعدة من برلمانيين يساندونه.
ورغم أنه قد تم اختياره كشخص توافقي ليكون رئيس وزراء، فإن الغالبية التي اختارته لم تلتئم حول تفضيلاته وأولوياته السياسية، لقد اختاروا الشخص بذاته ولكن ليس برنامجه السياسي. وانه ما يزال غير قادر على إكمال كابينته الوزارية حيث ما تزال ثمانية مناصب وزارية خالية منها حتى الآن. ولكن وفقاً لمعايير السياسة فإن نجاحه أو فشله في إدارته للميزانية ستكون السمة التي تميزه.
على أية حال فإن هذا المأزق لا يؤشر لأزمة سياسية وشيكة. ولكنه من ناحية أخرى، يعرّض فرص مشاريع استثمار البنى التحتية الضرورية للبلد الى مشاكل. وما يترتب على ذلك بالمقابل تأثير الأزمة بتشعباتها على الاستقرار الاجتماعي والسياسي مستقبلا.
وبحسب السياق فإن المسودة الاولى لميزانية 2019 صادقت عليها في وقتها حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي المنتهية ولايته في تشرين الاول. ثم صادقت عليها في ما بعد حكومة عبد المهدي في وقت لاحق من الشهر نفسه، ولكن تم تعديلها مؤخرا.
وبينما كانت نقاط الصرف هي نفسها المبينة في نسخة العبادي، فإن عبد المهدي ضاعف الإنفاق الى 111.9 مليار دولار بعد أن كان 108.7 مليار دولار. وعلى النقيض من ذلك، فان ميزانية هذا العام حددت مبلغ الإنفاق 88 مليار دولار فقط. من الواضح كان التضخم بمبلغ الإنفاق يعكس الامل باستمرار تصاعد أسعار النفط على مدى عام 2019. ولكن على العكس من ذلك تدهورت أسعار النفط بشكل حاد في الشهر الماضي. وفي الوقت نفسه فان عوائد الضرائب غير النفطية ما تزال متلكئة.
على الرغم من الازدياد الكبير بالانفاقات خلال العام 2018، فإن المشرّعين استنكروا”تقشفية”ميزانية عام 2019. لقد تعرضت الحكومة لانتقادات أعضاء البرلمان بضمنها انتقادات من قبل الكتل الكبرى التي دعمت ترشيح عبد المهدي كرئيس للوزراء.
رزاق المحيبس عضو من تحالف الفتح، هاجم الحكومة لفشلها في الاخذ بالحسبان حاجة البلد لمشاريع إعادة الإعمار، في حين أعلن صباح الساعدي، عضو كتلة سائرون من ان الميزانية”لا تلبي المطالب الاساسية للشعب المتمثلة بالخدمات العامة.”
ونتيجة لذلك وافقت الحكومة على تشكيل لجنة مشتركة تضم مشرّعين ومسؤولين من وزارة المالية لإعداد نسخة أخرى من الميزانية، من المحتمل أن تكون ذات نفقات أعلى، وهذه العملية ما تزال قيد الإعداد.
بدون وجود ميزانية يتم تشريعها بشكل رسمي، لايمكن للحكومة اتخاذ اي إجراء سياسي مهم وبالاخص تطبيق اتفاقات القروض مع المؤسسات الاجنبية. وعلى سبيل المثال بينما يمكن لوزارة التربية ان تسدد مرتبات المدرسين فانها بغياب الميزانية لايمكنها تخصيص رأس مال لبناء مدارس جديدة، ولا يمكن للحكومة ايضا بناء مستشفيات او تخصيص مبالغ لبنى تحتية اخرى مطلوبة بشكل ملح.
العراق لم يسبق له أن واجه أزمة ديون ولكن توجُّه الإنفاق الحالي سيجبر البلد على اتباع حل وسط طويل الأجل بالتبادل ما بين إنفاق رأس المال وديون حلزونية.
عند نهاية عام 2017 كان ثقل مديونية العراق عند 123 مليار دولار، وهو مبلغ ما يزال مسيطراً عليه بسبب منحه تقليصاً بمعدلات الفائدة مقابل القروض السيادية. وإذا ما أقدم العراق على الاقتراض خلال ميزانية عام 2019 فان تبعات ذلك ستكون بإضافة ما بين 25 الى 30 مليار دولار سنويا على قائمة نفقات كل عام، وربما قد تقلب معدل دين العراق مقابل معدل ناتجه المحلي الإجمالي بأكثر من نسبة 100%.
أزمة الميزانية قد تجعل إدارة عبد المهدي تبدو غير فعالة. وفي الوقت الذي كان على سنوات ينظر لعبد المهدي على انه تكنوقراط فانه يتوجب عليه إذا أراد النجاح كزعيم وطني أن يغيّر الصيغة السياسية في كيفية إعداد وإدارة ميزانيته وايلاء درجة عالية من الاستقامة المالية تجاه القطاع العام ومرافقة ذلك بتكريس الاهتمام على بناء البنى التحتية التي بحاجة إليها العراق.
عن: موقع أسيا تايمز التايلندي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here