المفهومُ الحَّقيقيِّ للإِمامِ المَّهديِّ (عَلَيْهِ السَّلام) ودولتهِ

سهير الخالدي
لعل البعض أخذ معلومة العيش في دولة الحق، أو وصلتْ له معلومات خاطئة عَنْ دولة العدل الإلهي بقيادة المهدي (عَلَيْهِ السَّلام) فتصور أنَّها دولةُ القتل والخوف واللا أمن! لكن مَنْ أخذ المعلومات مِنْ مصدرها الصَّحيح يجد في دولتهِ (عَلَيْهِ السَّلام) نظامًا فريدًا من نوعه، قِمّةٌ في سموِّه، موفَّقُ في جميع المجالات، متقّنٌ في كافَّة المهمات، نظام يقوده إمام معصوم، لا زلل فيه ولا خطل، متصلٌ بربِّ السَّماء، ومُلهمٌ بأصحِ الآراء، يؤيِّدهُ روح القدس والرُّوح الأمين، ويُرافقه ملائكة الله المقرَّبين، نظامٌ لا مثيل له، بل هو خلافة الله في أرضه، وحكومة الله في خلقه، عظيمٌ، في هذه الدَّولة يتبدل الخوف إلى الأمن، والفقر إلى الغنى، والحزن إلى السرور، والجحيم إلى النعيم، والظلم إلى العدل، والجهل إلى العلم، والفساد إلى الصلاح، والضعف إلى القوَّة، ويكون فيها كل الخيرات، تعرف أنَّها دولة السَّماء في الأرض، وأفضل دول العالم، منذ خلق الله تَعَالَى آدم (عَلَيْهِ السَّلام)، وعليه فالقانون الأساسي والنِّظام الحكومي لدولة الإمام المهدي (عَلَيْهِ السَّلام)، قانونٌ ونظامٌ إلهي حكيم خالص، فيه أمور جميع أرجاء الكون ومجالات الحياة، وقد عَرفتُ مِنُ آيات البَّشائر المتقدمة أنَّه مبنيٌ على عظيم النِّعم والتَّمكُّن الآتم، حيث قال عز اسمه: (وَنُرِيدُ أَنْ نَّمُنَّ) والمنَّة هي النِّعمة العظيمة، وقال عز مَنْ قائل: (وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ …) فتكون الحياة في دولته الشَّريفة هي الحياة الطَّيبة، حياة الجَّنَّة، وعيشة السعادة، بنظام الله وتدبيره، وببركة قيادة الإمام المهدي (عَلَيْهِ السَّلام) الَّذي وجوده لطفٌ، وتصرفه لطف آخر.
ولا عجب في ذلك فإنّّ أهلَ البيتِ (عَلَيْهِم السَّلام) «مساكن بركة الله» كما وردَ في الزيارة الجامعة، أي محل استقرار البَّركة الَّتي هي كثرةُ النِّعمة والخير والكرم، وزيادة التَّشريف والكرامة، والنَّماء والسعادة.
وفي حديث الإمام الصَّادق (عَلَيْهِ السَّلام): «نحنُ أهلُ البَّيتِ الرَّحمة، وبيتِ النِّعمة، وبيت البَّركة» بارك الله تعالى في كل ما يخصهم ويختص بهم، والشَّواهد ظاهرةٌ باهرة، ونجد مِنَ العلماء الربانيين مَنْ عاصرناهم وقد وضحوا لنا تلك الشَّخصية العظيمة الَّتي تقود تلك الدَّولة الكريمة، ومنهم المحقق المرجع الديني السيد الصرخي الحسني (أدام الله فيض علمه) حيث قال في المحاضرة {8} مِنْ بحثه الموسوم: “الدولة..المارقة… في عصر الظهور… منذ عهد الرسول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بحوث: تحليل موضوعي في العقائد والتأريخ الإسلامي: “نأتي بالبحوث العقائدية حتى يكون كل إنسان على بينة، ونعرف مَنْ هو المهديُّ وما هي قضيته، فقضية المهديّ ليست عبارة عَنْ مليشيات وقتل وتقتيل وإجرام وأموال ورشا ومناصب وسياسة واحتيال وسرقات وفساد، ليس هذا هو المهديّ (سلامُ اللهِ على المهديِّ)، المهديُّ قدوة حسنة، المهديُّ إنسانية، المهديُّ عدالة، المهديُّ رسالة، المهديُّ جنة، المهديُّ رحمة، المهديُّ عطاء، المهديُّ تقوى وإيثار وأخلاق” انتهى كلام السيد الأستاذ.
وأخيرًا، الواضح أنَّ أسمى ازدهار أيّ دولة وأيّ اُمَّة، إنما يكون بثقافتها وعلمها، وأعظم الحضارات في المجتمعات، هي الحضارة العلمي؛ فبالعلم حياتها وقوَّتها، وبالحكمة ازدهارها ورقيَّها، وهذه الحضارة العلمية والكيان الثقافي تبلغ القمة وتصل إلى أعلى مرتبة في دولة الإمام المهدي (عَليهِ السَّلام)، حتى تكمل عقول العباد، ويُبلغ معالي السداد، ففي الحديث الباقري (علَيهِ السَّلام): «إذا قام قائمنا، وضع يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وكملت بها أحلامهم».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here