الوجود الحضاري الغربي بصدد التفكك

د زهير الخويلدي

” الثورة هي تحول تافه في تركيز المعاناة ”

الرأسمالية تحمل في ذاتها بذور زوالها والتناقضات التي تهز الآلة الإنتاجية الصناعية في طريقها إلى الاشتداد والثقافة الغربية تعاني من عدة أمراض وينخر جسدها الفساد ويعاني الإنسان فيها من الاغتراب.

لقد ظهر حفارو قبر الذات المتعالية وبرز على المشهد الإعلامي المهمشون وكل الفئات التي تم تمييزها وشطب وجودها الرقمي ولم يعد لها من خيار سوى الانخراط في المقاومة الحيوية والمشاركة في الحركة العفوية وتشكيل معارضة جذرية للسائد العدمي وخلق المعنى بصورة جماعية ضمن إرادة تغيير مشتركة.

الجنوب الفقير ينتفض ضد الشمال الغني والأحياء الشعبية تتمرد على الأحياء الراقية والأرياف تهدم معالم المدنية التي شيدها الحضر والعاطلون عن العمل يخربون مواقع الإنتاج والمفلسون يكسرون بنوك المال، وتلك هي الوضعية الحرجة التي باتت عليها الحضارة المعولمة التي وصلت إلى نهاية مرحلة يستعد فيها العالم القديم بالرحيل ويتهيأ العالم الجديد بالقدوم وتغادر فيه تصورات ربحية أنانية وتظهر فيها مشاعر من التضامن ونكران الذات وترسم بها حركة التاريخ دائرة مغلقة في ثقافة وخطوط لولبية صاعدة في غيرها.

المركز يحيا زمن الوجود بصدد التفكك والهامش يُصدّر سخطه وغضبه وثورته على يأسه وكثبان الرمال العدمية تزحف على الواحات الآمنة والمناطق العمرانية والتصحير يصيب الذائقة والتجفيف يفتك بالحياة.

تندلع حركة من أجل انتزاع الاعتراف من ما لكي السلطة والثروة يقوم بها غالبية المعدمين والمفقرين والمعطلين وتساندهم قوانين الصراع الطبقي والتحدي الحضاري والانتشار الثقافي والنضال الاجتماعي.

نظرية اقتصاد السوق تتهاوى ومطلب التجارة الحرة لم يعد مقنعا والتنافس بين القوى المالية تحول إلى جحيم لا يطاق واحتكار مصادر الإنتاج وطرق اكتساب الثروة تحول إلى قرصنة وفساد وتلاعب بالناس.

اليسار الاجتماعي الجديد يروم إلى التحليق عاليا في القمة ومعانقة النجوم واعتلاء السطح وافتكاك زمام المبادرة ولكن التخوف الكلي يبقى من أقصى اليمين والأطروحات الفاشية التمييزية المعادية للأجانب.

فإلي أين يتجه العالم الغربي في ظل تنامي حركات الاحتجاج الشعبي والانتفاضة الباريسية الجماهيرية ؟

كاتب فلسفي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here