المهندس الأستاذ : لا تبنى الأمم بقوة السيف .

كل أمة تسعى لبناء نفسها على وفق مقاييس متحضرة فتعطيها رونق التميز فتصبح موضع اهتمام و محط أنظار الآخرين و القدوة المُثلى لهم بما حققته من خطوات متقدمة لم تكن مألوفة من قبل، وهنا يأتي السؤال المهم الذي يطرح نفسه و يبحث له عن إجابات مقنعة أكثر تعقلاً وهو أين الطغاة ؟ أين الجبابرة الذين استخدموا القوة المفرطة و السيف في القمع و البطش و اعتماد أساليب التنكيل و قمع الُحريات و سلب الحقوق للقضاء على الخصوم و كَم الأفواه المعارضة لهم ؟ هل بقت لهم من باقية ؟ فقد أكل الدهر عليهم و شرب، فقصورهم أصبحت مرتعاً للفساد و الفاسدين بنوها على أنقاض جراحات شعوبهم المضطهدة بسبب سياساتهم الاستبدادية الوحشية و جبروتهم الظالم المجحف و حكمهم الطاغوتي القائم على مصادرة الآراء التي تقف بوجه فسادهم و ترفض الخضوع و الاستسلام المُذل و المهين لترغيبهم و تهديدهم مفضلة الموت على التنازل عن قيم و مبادئ الشعب الصالحة التي تبنوها و قدموا لها كل غالٍ و نفيس في سبيل بناء امة متقدمة متطورة في جميع مجالات الحياة و تكون أنموذجا يُحتذى به و معين لا ينضب تنهل الأجيال من معينه الصافي العذب نعم هكذا يبني الأحرار و الشرفاء و الوطنيون بلادهم و يكتبون بدمائهم منهاج الشهادة الصادقة و يرسمون لها الخط المستقيم الذي تسير عليه جيلاً بعد جيل وفي مقدمة ذلك تحصينها بالفكر الرصين و العلوم النيرة و زرع فيها بذور التسامح و المحبة و المودة الأخوة الحقيقية الصادقة و التعايش السلمي و رصها بالوحدة الصادقة من خلال عدة مقدمات منها احترام الرأي و الرأي الآخر و المجادلة بالحسنى و عدم التعدي على المخالفين مهما كانت اتجاهاتهم و انتماءاتهم المذهبية و الاجتماعية فالاختلاف في الرأي لا يُفسد في الود قضية وقد تجسدت تلك المعاني الشريفة و القيم الأخلاقية فيما قاله المعلم الأستاذ الصرخي من شذرات و جواهره الكلامية بلاغية : (( لا تبنى الأمم بقوة السيف و البطش و القمع و الإرهاب و الرشا و الإعلام الزائف و المكر و الخداع بل بالفكر و المجادلة بالحُسنى و بالإنسانية و الرحمة و الأخلاق )) .

فلنجعل من العلم و مدارسه الأصيلة زادنا و خير جليس في زماننا و لنتحلى بمنطق الفكر و القول الحسن و احترام رأي المقابل رغم ما فيه من اختلاف و تباين في وجهات النظر معنا و لنحمله على سبعٍ و سبعين محملا وكما قال الرسول – صلى الله عليه و آله و سلم – في حديثه الشريف : لا يؤمن أحدكم حتى يُحبُّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه .

http://a.up-00.com/2018/08/153357748162751.jpg?fbclid=IwAR3gD4EQ1KrCcTedOyVLU_jS0aD91vxKFwibRxrsY-kJg6NQtKJHqhMZhiI

بقلم الكاتب احمد احمد الخالدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here