الحلول الإنفعالية والإهانات التفاعلية!!

الظواهر السلوكية تحتاج دراسات وتقيمات وإستنتاجات عملية تؤدي إلى حلول ذات قيمة تربوية نافعة للمجتمع , ولا يمكن التمسك بالردع والقوة والتهديد والوعيد كجواب على التحديات السلوكية القائمة.

فمجتمعات الدنيا تتخذ من التفكير العلمي ومناهجه وسائل للتصدي لما يواجهها من مشكلات وتطورات ومستجدات , ولا تستجيب لها بردود أفعال إنعكاسية وإنفعالية , وإنما بفهم علمي وإستقصاء وتحليل وبحث عن الأسباب والدواعي التي أنتجتها , لكي تجد ما يساهم في معالجتها بمهارة ودراية ومتابعة متواصلة , لتقدير النتائج والتفاعلات المترتبة على المعالجات لكي يتم تطويعها لما هو أصلح وأشفى وأنجع.

فعندما تُلاحظ ظاهرة تجمّع الطلبة في قاعات للألعاب وتمضية الوقت , وتُحسب هذه النشاطات غير سليمة ومتقاطعة مع ما يجب أن يقوم به الطلبة من دراسة ومتابعة علمية وتطوير معرفي وثقافي , لا يمكن معالجتها بالتوبيخ والإجراءات الحازمة بغلق النوادي الترفيهية والتهديد والوعيد.

والأجدى والأنفع أن يفكر المسؤولون بالبدائل , وبآليات لتصريف وإستثمار طاقات الشباب بما يخدم الحاضر والمستقبل , ففي هذه الحالة – على سبيل المثال – يمكن التفكير ببناء المكتبات العامة المعاصرة التي يتوفر فيها ما يساهم في تنمية قدرات الطلبة المعرفية والعلمية والإجتماعية , وتشييد النوادي الرياضية المنضبطة المراعية للسلوك التنموي السليم , والتي تضخ ما يحتاجه الطلبة من قدرات للنجاح في الحاضر والمستقبل.

فالتوبيخ والردع لا ينفع بل يخنق المشاكل ويراكمها ويزيدها تفاقما وإنفجارا , ويتسبب بإنحرافات سلوكية عند الشباب , وهذه هي العلة الكبيرة التي تعاني منها المجتمعات العربية , لإنعدام قدرات التفكير بالمعالجات البديلة وبمحاورة أصحاب المشكلة , والتوهم بأن الحل بالقوة وحسب.

بينما العالم اليوم بآلياته التواصلية قد إنتقل بالبشر إلى فضاءات أخرى , فيها نسبة غير مسبوقة من الحرية والتفاعلية العولمية , التي تحفز في الشباب طاقات وقدرات غير مؤلوفة لدى الأجيال التي تسيطر عليهم وتضغط على أيامهم.

ومن هنا فالمطلوب ممارسة التفكير العلمي والإقتراب العلمي والتحاوري لمواجهة أي مشكلة , ويتحتم على الشباب أنفسهم أن يساهموا بالدراسات والمقترحات التي يرونها ذات قيمة في إيجاد الحلول والبدائل الأصلح والأنفع للمجتمع.

فالواقع يتغير والقوى المُسيطرة على مصير المجتمعات لا تتغير , وإنما تتعفن في رؤاها الراكدة وتستنقع فيها حد الإنقراض , وعليه فلا بد من السباحة الماهرة في نهر الزمن المعاصر , وإلا فأن الغرق هو المصير!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here