في الميدان فارس ٌ نبيل … وحقيرٌ لئيم .

الكاتب / ثائر الربيعي
في ميدان المعركة يتقابل جيشان,جيشٌ لديه مشروعاً إصلاحياً متسلحاً بأروع القيم النبيلة يريد دولة تحترم الإنسان وإنسانيته فيها مقومات العيش الكريم وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة ,وجيشٌ يسعى لمشروع المدينة الفاسدة التي ليس فيها أية ذرة من المبادىْ الفاضلة أنما هم أقوام ممسوخة تسعى للنهب والسلب وهتك الحرمات ,فقبل بدء التلاحم بين الجيشان يخرج فارسٌ نبيل , يناظره حقيرٌ لئيم, فالنبيل عندما يتكمن من خصمه ويجهز عليه ليقتله يترك له شرف القتلة التي يتفاخر بها بعد موته إذ أنه لايجرده من أداوت قتاله سيفه ودرعه وجواده ,أما الئيم الحقير فأن تمكن من النبيل عن طريق الحيلة والخديعة ليوقع به فأن لؤمه وعوزه الذاتي سيقوده للتشفي به سيصب جم حقده عليه ليجرده من كل شيء حتى وأن كانت ثيابه لطيفة يرتديها سلبت منه, ثم تبدأ بعد ذلك الخسة والنذالة في عملية ألأجرام البشعة بالتمثيل بجثة المقتول وبدم بارد , كما فعلت هند بنت عتبة مع سيد الشهداء عمي النبي حمزة (ع) لم تترك لك مكاناً إلا وتناولته تقطيعاً وتمثيلا حتى لاكت كبده بفمها , تقودني الصورتان ما بين النبيل المشرف ونقيضه اللئيم الدنيء لحوادث تجسد عمق الأسى وألألم في تركيبة بناء المرء , فقد روي أن علياً « ع» لما قتل عمرواً لم يسلبه ، وجاءت أخت عمرو حتى قامت عليه فلما رأته غير مسلوب سلبه قالت : ما قتله إلا كفؤ كريم ، ثم سألت عن قاتله ، قالوا : علي بن أبي طالب,و نصاً آخر يقول : لما نعي عمرو إلى أخته قالت : من ذا الذي اجترأ عليه ؟
فقالوا : ابن أبي طالب .
فقالت : لم يعد موته إلا على يد كفؤ كريم … لأرقأت دمعتي إن هرقتها عليه , قتل الأبطال ، وبارز الأقران ، وكانت منيته على يد كفؤ كريم من قومه .
وفي لفظ آخر : « على يد كريم قومه » ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر , ثم أنشأت تقول :لو كان قاتل عمرو غير قاتله … لكنت أبكي عليه آخر الأبد
لكن قاتل عمرو لا يعاب به … من كان يدعى قديماً بيضة البلد
وفي صورة مأساوية اخرى لئيمة قبل أن يخرج الإمام الحسين (ع) للقتال طلب من أخته العقيلة (ع) بأن تأتي له بثياب غير تلك التي يلبسها لأن القوم لم يترددوا لحظة ما عن تجريده منها أن قع مستشهداً بيدهم ,وفعلاً أرادوا سلب ثيبابه ليتركوه عارياً ,لكنهم تركوا الثياب فقد وجدوا أنها لا تستحق السلب , ناهيك عن التمثيل وقطع أصبعه الصغير لسرقة الخاتم من يده , وحرقهم للخيام, وسبيهم للنساء , ولم يراعوا حرمة الرسول فيهم .
وصورة تعطيك أنطباع كرم الكريم المكرم الذي ليس له حدود بسغاء وعطاء وإحسان النبي الأكرم مع الأسرى عندما جاءوا بسفانه أبنت حاتم الطائي أسيرة قالت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علي منّ الله عليك ، وخلِّ عني ، ولا تشمت بي أحياء العرب ، فإن أبي كان سيد قومي ، يفك العاني ، ويعفو عن الجاني ، ويحفظ الجار ، ويحمي الذمار ، ويفرج عن المكروب ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ويحمل الكَلَّ(الضعيف) ، ويعين على نوائب الدهر ، وما آتاه أحد بحاجة فرده خائباً ، أنا بنت حاتم الطائي ، فقال النبي (ص) : يا جارية ، هذه صفات المؤمنين حقاً ، ثم قال : خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق . فقال قولته الشهيرة ، ((أرحموا عزيز قوم ذلّ ، وغنياً افتقر،وعالماً ضاع بين جهّال)),فاستأذنته بالدعاء،وقالت : أصاب الله ببرك مواقعه، ولا جعل الله لك إلى لئيم حاجة ، ولا سلب نعمة عن كريم قوم إلا جعلك سبباً في ردها .
تخيلوا أن الدهر الغادر تدور رحاه ويأتي باللؤماء ليكونوا في مواقع المسؤولية بصنع القرار بيديهم أقلام ترفع وتنزل في الرعية يستخدمونها بطرق غير قانونية وغير أخلاقية يجيرونها لنفسهم ولمنافعهم الضخصية , ولأغراض التسقيط والتشويه المعنوي , ضد أحرارالقوم والرجال من الذين يتصفون بالأئتمان والنزاهة والاستقامة , تخيلوا أن حوائج الناس بيديهم فماذا سيحل بها ؟ وألأنكى من ذلك كله يأتون بزعاطيط ممسوخين على شاكلتهم كالكلاب السائبة المسعورة يطلقونها من قفص وحشيتهم تنهش وتعض في مارة الطريق , لأن الأسافل لا يهمهم طبعاً الكرامة وحسن السمعة إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته , تعساً لهذه الدنيا عندما تنقلب فيها موازين الصدق الحق والعدل , أكذر جيداً وصف الكواكبي في كتابه طبائع والاستبداد ومصارع الاستعباد بقوله : الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكي المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح، ويُصبح – كذلك- النُّصْح فضولا، والغيرة عداوة، الشهامة عتوّا، والحميّة حماقة، والرحمة مرضا، كما يعتبر أن النفاق سياسة والتحيل كياسة والدنائة لُطْف والنذالة دماثة!” 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here