البصرة خيار وإختيار .

رحيم الخالدي

ذكر لي أحد الاصدقاء في ثمانينات القرن المنصرم، معلومة بقيت ملتصقة في ذهني، وقت كانت العقول متفتحة ومستعدة لتلقي العلم والمعرفة وإختزان المعلومة، وبالخصوص التي تهم البلدوالمصيرية منها، التي نعقد عليها آمال لم تتحقق لحد يومنا هذا، أن وفداً أجنياً زار العراق، وبالخصوص المحافظات النفطية “كركوك والبصرة”، وبعد إنتهاء زيارتهم لم يعجبهم المنظر لتلك المحافظتين، متصورين أن أعمدة الكهرباء تكون من ذهب! وشوارعها من مرمر إيطالي، فسائهمالمنظر الذي شاهدوه، وهذا يدل أن هنالك خلل في الدولة وإدارتها .

منذ سقوط النظام البائد وليومنا هذا وعلى مد خمسة عشر عام، لم ينهض العراق بالمستوى الذي يجعلنا نتساوى مع رعاة الأمس، وهم كانوا يتمنون أن تكون عاصمتهم بجمالية شارع السعدون،ولأنهم كانوا بناة لدولهم، أصبحوا كذلك! لكن بلدنا بقي على إنجاز كان في وقته متقدما، وبقي العراق يدار من قبل أشخاص كانوا جوعى، وقد إستغنوا بسرقة قوت شعبهم فأصبحوا من الأغنياء، وكُلٌ يغني على ليلاه غير آبهين بجيش من الأرامل والأيتام يأنون تحت خط الفقر، وفسادعم كل المفاصل أصبح من الأبجديات لمعظم الموظفين! وكأن الدوائر ملكهم بالوراثة، نحتاج سنين طويلة للتخلص منه .

تعاقب على البصرة عدة محافظين كانوا تحت المستوى، ولم يتحسن منها سوى الشيء القليل، يحتاج لنهضة نوعية وقفزة تختلف عما سبقها، والتخلص من المحسوبية المقيتة التي تُدار منقبل المهيمن على المقدرات، وبصمة إدارة التظاهر الاخيرة بائنة من خلال مظاهر الحرق والتخريب، التي طالت كثير من الدوائر الخدمية وعظها ذهب للأملاك الشخصية وهذا يتقاطع يخالف التظاهر السلمي المطالب بالحقوق التي يجب تنفيذها والمشكلة الكبيرة المستعصية التي لم يتم حلهاليومنا هذا هي الكهرباء والماء الحلو كون الحكومات السابقة خلت اولوياتهم من حلول لهذه المشاكل المستعصية .

الوصول لحلول ناجعة والحكومة الجديدة في أول ايامها، ناهيك عن عدم إكتمالها وتحتاج لبرنامج متكامل ينهي المشاكل المستديمة سيما باقي المعرقلات، وأفضل ملف يجب تفعيله هو الإستثمار،الذي يمكنه جعل البصرة أفضل من لاس فيغاس الشهيرة، من خلال الأفكار التي من شأنها تطوير البصرة، وتفعيل برنامج البترو دولار الذي يضمن حصتها، مقابل ما تنتجه من النفط المستخرج من آبارها، وهي ليس بمنة من أحد، ناهيك عن أموالها المستحقة على الحكومة الاتحادية، ومن حقالبصرة أن تكون شوارعها من المرمر الإيطالي، وأعمدتها من الذهب الخالص .

الإستحقاق الإنتخابي هو حق لجمهور الناخبين، ومن حقهم أن يكون من يمثلهم إنسان كفوء، يعمل بما يرضي قاعدته التي إنتخبته، وعلى الأحزاب أن يكونوا بمستوى طموح هذا الجماهير،وتقديم شخص يشهد له بالنزاهة والشرف، ليكون عوناً لأهله وناسه الذين أدلوا له بأصواتهم، وما المتظاهرين الذين خرجوا لتحسين الواقع المعيشي والبنى التحتية، إلا من سوء الادارة وعدم انجاز المشاريع التي من شأنها الإرتقاء بالمستوى، الذي يليق بحياة المواطن البصري الذيمل الوعود، ولو تم تطبيق شعارات الإنتخابات لما وصلنا لهذه النتائج .

الكرة اليوم في ملعب البصريين، وهم من سيختار المحافظ وفق الإستحقاق الإنتخابي، الذي يضمن التمثيل الحقيقي للكتلة التي ضمنت الاصوات، والبصرة لا تختلف عن باقي المحافظات،وإن كانت لها ميزة وخاصية سيما وأنها عاصمة العراق الإقتصادية، وما المبادرة التي أطلقها سماحة السيد الحكيم بإختيار الجمهور البصري للمحافظ، إلا لقطع الطريق على من يريد الإنحدار بالعملية السياسية نحو الهاوية، التي من الممكن ان تؤدي الى إراقة دماء نحن أحوج اليهالبناء العراق .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here