التعلّق بالله غنى الدنيا والآخرة

نبراس الخالدي

__________

لا يخفى على عاقل أنَّه عند الخوض في الصفات الكمالية والعمل في طريق الله -ﷻ- حتى الحصول على مرضاته ستحقق الإطمئنان الراسخ في النفس المؤمنة أنَّه لا حاجة للإنسان لمغريات الحياة والعوامل المادية ما دام في قرب الله وإيمانه المطلق به – تعالى مجده-.

عند الرجوع إلى تأريخ الأمة الإسلامية نجد أنَّ الحروب والهجمات التي واجهها النبي الأمين والإمام علي – عليهما الصلاة والسلام- لم تُحدِث تغييرًا بمسارهما أو بالمنهج الإسلامي، بل أحدث الإصرار والإيمان في ترسيخ مباديء الإسلام والقيم السامية، وهذاالإصرار إذا دلّ فإنَّه يدل على الإكتفاء بالله -ﷻ- والإجتهاد في طاعته.

عندما يكون الهدف الرئيسي للإنسان هو رضا الله -ﷻ- يصبح العمل مرتبطًا بالفهم الحقيقي للحياة و منبثقًا من مبدأ الفكر المرتبط بمفهوم الاخلاق للتخلي عن حب الذات، ولا يتحقق ذلك إلا في الثقة بالله والإكتفاء بذاته -سبحانه وتعالى- الذي يولد من رحم الإسلاموالذي يَكفَل للمؤمن الحقوق (فيما إذا كانت فردية أو جماعية) فهي تتجلى في قوله -تعالى مجده- ﷽”فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ” :الانفال 16

وهذا يعني إنَّ كل ما في الحياة لا يأتي بعشر معشار ما عند الله تعالى من إكتفاء واطمئنان.

فكلما كان الإنسان واثقًا بالله صار غنيًا عن العالمين وتخلّى عن المفاهيم المادية الخاطئة لتعيد التوازن للحياة. ونجد الثقة بالله في هاجر عندما ولى زوجها وقد تركها في واد غير ذي زرع.. صحراء قاحلة وشمس ملتهبة ووحشة.. قائلة: يا إبراهيم لمن تتركنا.. قالتها فقط لتسمع منه كلمة يطمئن بها قلبها.. فلما علمت أنه أمر إلهي قالت بعزة الواثق بالله.. إذا لا يضيعنا فجر لها ماء زمزم وخلد سعيها… فهل ألله بحاجة إيمان هاجر؟ أم كانت هاجر بحاجة ايمانها بالله -ﷻ-؟ بالتأكيد هاجر من انقذها إيمانها وثقتها بالله تعالى.

ونجد ما ذكرناه في كلام السيد الصرخي الحسني:

(هل يحتاج الله سبحانه وتعالى لإيمان زيد أو عمر أو بكر أو خالد أو جعفر أو مهند أو كريم أو س أو ص من الناس، الله غنيٌّ عنهم، الله غنيٌّ عن الجميع، فمن كان مع الله وفي طريق الله هل يحتاج إلى إيمان الناس؟ هل يفتقر إلى إيمان الناس أو هو غني عن الجميعلأنه مع الله سبحانه وتعالى؟ فهل النبي يحتاج إلى إيمان الآخرين، إيمان الصحابة وغير الصحابة؟ هل أهل البيت يحتاجون إلى إيمان الصحابة وإيمان الشيعة وغير الشيعة؟ هل الصحابة يحتاجون إلى إيمان غيرهم؟ هل الصحابة يحتاجون إلى إيمان الآخرين، إلى إيمان باقي الصحابة، إلىإيمان التابعين، إلى إيمان تابعي التابعين، إلى إيمان الناس التي تعيش في هذا العصر في هذا الزمان؟ هل أئمة المذاهب هل العلماء هل الأولياء يحتاجون إلى إيمان الأتباع إلى إيمان المقلدين، إلى إيمان الناس، إلى كثرة المؤمنين وهم الأئمة الصحابة الأنبياء الأولياء هممع الله، هم في طريق الله، الله غنيٌّ عن العالمين، المؤمن السائر في طريق الله غنيٌّ عن العالمين)…انتهى كلام السيد الصرخي الحسني.

مقتبس من المحاضرة {8} من بحث ( الدولة..المارقة…في عصر الظهور…منذ عهد الرسول – صلى الله عليه وآله وسلّم -) بحوث: تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي لسماحة السيد الأستاذ – دام ظله –

17 صفر 1438 هـ – 18 / 11 / 2016م.

خلاصة القول أنَّ الإنسان إذا كان صادق في إيمانه وعمله في طريق الله والثقة به والاخلاص له -سبحانه وتعالى- يصبح في غنى عن العالمين ليفوز بنصرِ من الله تعالى في الدارين…وأنَّ الله ليس بحاجة إيمان العبد بل العبد من ينجو بإيمانه وإخلاصه إلى الحياةالأبدية الآمنة قرب الله -ﷻ-.

للإطلاع على المحاضرة النقر على الرابط التالي:

https://s1.gulfupload.com/i/00066/5qflse2z24rd.jpg

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here