وسقط القناع

بقلم/ المحامي سركوت كمال علي
في الساعة الثانية بعد الظهر اقتحم نحو 150من مسلحي حزب الكتائب اللبنانية المسيحي وجيش لبنان الجنوبي وهي الميلشيات التي كان أغلب أعضائها من اللبنانيين المسيحيين وبعض المسلمين الذين كانت لهم مشاكل مع فصائل من المقاومة الفلسطينية التي سيطرت على جنوب لبنان في ذلك الحين، وكانت لهم رغبة في التخلص من الوجود الفلسطيني بالبلاد, بقيادة إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ ومساعده سمير جعجع , مخيمي صبرا وشاتيلا , بحجة وجود 1500 مسلح فلسطيني مسلح فلسطيني داخل المخيم وبدأت وبدم بارد تنفيذ المجزرة التي هزت العالم ودونما رحمة وبعيدا عن الإعلام وكانت قد استخدمت الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات التصفية لسكان المخيم العُزَّل، مخلفين وراءهم قرابة ثلاثة آلاف ضحية بينهم أطفال ونساء بحسب “الهلال الأحمر الفلسطيني”، قتلوا بأبشع الطرق، إذ كانت العديد من الجثث التي عثر عليها مشوهة بشكل كامل. يشار إلى أن مقاتلي “منظمة التحرير الفلسطينية” الذين كانوا يؤمّنون حماية المخيمات قد غادروا مع بداية سبتمبر 1982 بإشراف قوات أممية.
واستناداً لشهود عيان كُتبت لهم النجاة فإن المجزرة قد تواصلت على مدار يومين أسودين من القتل والسحل والذبح والاغتصاب.
في كل من وصلت إليه أياديهم الآثمة دونما تفريق بين نساء وأطفال رُضع وشيوخ طاعنين في السن، والقيام باغتصاب الفتيات البكر والنساء وبقر بطون الحوامل منهن وإخراج الأجنة منها ونثرها فوق أكوام القمامة وفي الأزقة والشوارع ومن ثم قتلهن بالسكاكين والبلطات والآلات الحادة التي استحضروها معهم خصيصاً لذلك الغرض الشيطاني. لقد نشروا الرعب في كل مكان.
كانوا المسيحيون يقتلون ويرسمون الصليب على أجساد ضحاياهم وحتى حين كانوا يجمعون الجثامين كانوا يكوموها على شكل صليب، لم يرحموا أحدا حتى الأجنة كانوا يخرجونها من بطون أمهاتهم ويطلقون عليها الرصاص أو يقطعونها بوحشية أمام أمهاتهم ليتلذذوا بالرعب في عيونهن ثم يطلقون عليهن الرصاص.
يقول أحد السفاحين رأيت جزارًا أعرفه كان يقطع الضحايا بساطوره كما كان في مسلخه.
يقول أحد القتلة والذي يضحك من الأرقام المعلنة للضحايا: “حين يحفرون نفقا للميترو في بيروت سيعرفون العدد الحقيقي” أي أن العدد أكبر بكثير مما يتحدثون عنه!.
في يوم 18 سبتمبر استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية فوجد جثثاً مذبوحة بلا رؤوس ورؤوساً بلا أعين أو أنوف أو آذان، لأكثر من 3500 طفل وامرأة وشيخ وشاب من أبناء المخيمين الفلسطينيين وحزام الفقر اللبناني المحيط بهما، وفق تقديرات توصل إليها الكثيرون من بينهم الصحفي الاسرائيلي “آمنون كابليوك “. وقد ذهب البعض إلى القول بأن العدد تراوح بين 4000 و 5000 ضحية!!
الصحفي توماس فريدمان من صحيفة “نيويورك تايمز”، قال: “رأيت في الأغلب مجموعات من الشبان في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهم، صُفُّوا بمحاذاة الجدران، وقُيِّدوا من أيديهم وأقدامهم، ثم حُصدوا حصداً بوابل من طلقات المدافع الرشاشة بأسلوب عصابات الإجرام المحترفة”.
في 1 نوفمبر 1982 أمرت الحكومة الإسرائيلية المحكمة العليا بتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وقرر رئيس المحكمة العليا، إسحاق كاهان، أن يرأس اللجنة بنفسه، حيث سميت “لجنة كاهان”. في 7 فبراير 1983 أعلنت اللجنة نتائج البحث وقررت أن وزير الدفاع الإسرائيلي أريئل شارون يحمل مسؤولية مباشرة عن المذبحة إذ تجاهل إمكانية وقوعها، ولم يسع للحيلولة دونها. كذلك انتقدت اللجنة رئيس الوزراء مناحيم بيغن، وزير الخارجية إسحاق شامير، رئيس أركان الجيش رفائيل ايتان وقادة المخابرات، قائلةً إنهم لم يقوموا بما يكفي للحيلولة دون المذبحة أو لإيقافها حينما بدأت. رفض أريئيل شارون قرار اللجنة ولكنه استقال من منصب وزير الدفاع عندما تكثفت الضغوط عليه. بعد استقالته عُيِّن شارون وزيرًا بلا حقيبة وزاريّة (أي عضو في مجلس الوزراء دون وزارة معينة لإسرائيل).
ووقعت مذبحة صبرا وشاتيلا إثر اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب بشير الجميل.
في 42/1/2002م , قتل قائد مجزرة صبرا وشاتيلا المجرم إيلي حبيقة في انفجار سيارة ملغومة في ضاحية الحازمية في بيروت الشرقية، وقتل معه في الانفجار ثلاثة من مرافقيه.
ويعد إيلي حبيقة من أبرز قيادات حزب الكتائب اللبناني وكان من أبرز المتهمين في مجازر صبرا وشاتيلا في سبتمبر عام 1982 التي نفذتها القوات اللبنانية وهى الجناح العسكري لحزب الكتائب.
في 2 اغسطس 2013م, كشفت ملفات سرية أن الحكومة البريطانية اعتقدت في أوساطها الخاصة أن التخبط الاسرائيلي كان سبب المجزرة، التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت خلال الحرب الأهلية. ونقلت صحيفة جويش كرونيكل الصادرة من لندن عن الملفات التي أذنت بنشرها الحكومة البريطانية أن فرانسيس بيم وزير الخارجية البريطاني عام 1982 “ابلغ رئيسة الوزراء وقتها مارغريت ثاتشر بأن اسرائيل لم تكن تعتزم وقوع عمليات القتل”. واضافت أن بيم ابلغ ثاتشر في مذكرة خاصة أيضاً أن مجزرة صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين “كانت ضد مصالح الحكومة الاسرائيلية، وأن الأخيرة لم تكن تتعمد تمكين الميليشيات المسلحة المسيحية لارتكاب المجرزة ضد المدنيين الفلسطينيين”. واشارت الصحيفة إلى أن بيم “ألقى بدلاً من ذلك بالمسؤولية على ما اعتبرها اساءة الحسابات وعدم الكفاءة الاسرائيلية”. وقالت إن الملفات البريطانية اظهرت أيضاً أن ثاتشر “رفضت استقبال ممثلي منظمة التحرير الفسطينية وطلبت من وزراء حكومتها ابلاغ الأصدقاء العرب بأنها لن تستقبلهم أيضاً في حال وجود منظمات ارهابية في بلادهم”.
وفي فبراير 1983م, نشرت لجنة كاهان تحقيقها في مجزرة صبرا وشاتيلا ، خلصت إلى أنها لم تجد أدلة حول تورط مباشر لـ”جيش الدفاع الإسرائيلي” في المجزرة، لكنها لمّحت إلى أن ضباطاً من الجيش قد علموا مسبقاً بما سترتكبه قوات الكتائب اللبنانية في المخيمين ولم يحركوا ساكناً.
تقرير “لجنة كاهان” كان مرفقاً بملحق بقي سرياً إلى أن نشره باحث الأمريكي في جامعة كولومبيا سيث أنزيسكا .
بعد المجزرة:
جميع الحكومات العربية لم تقطع علاقتها بلبنان ، أو تتأثر علاقتهم بها بعد المجزرة ، مع أن حكامها الرئيسيين تورطوا فعليًا بارتكاب المجزرة ، ناهيك أن أحد المجرمين الرئيسيين وهو السياسي اللبناني وأحد قادة ميليشيا القوات اللبنانية “أيلي حبيقة” صار وزيرا ثلاث مرات في حكومات لبنانية.
بل أن أيلي “حبيقة” أستقبل في دمشق استقبال الأبطال بعد ارتكاب مجزرة “صبرا وشاتيلا” ، ومنح فيلا فاخرة في دمشق، كما كان “عبد الحليم خدام” نائب الرئيس السوري حافظ الأسد آنذاك صديقا لهذا المجرم منذ ما قبل المجزرة وما بعدها.
ويقول القائد السابق لميليشيا القوات اللبنانية “فادي أفرام” بعد ردود الفعل على المجزرة: “لنا عشر سنوات ونحن نحارب الفلسطينيين ، ومجازر كثيرة حدثت ، فماذا يعني مجزرة زائدة أو ناقصة؟!.
وعندما سأل أحد الصحفيين البريطانيين المجرم “إيلي حبيقة” عن “سر إجرامه” بحق الفلسطينيين قال أن اتبع اوامر الكنيسة أطهرهم بمشيئة الله! أنا هنا لأكمل الحملات الصليبية ، وقال لدينا قرار بطرد الفلسطينيين من لبنان ولا نستطيع طردهم إلا بمثل هذا الأسلوب! قال له الصحفي: أي على طريقة مذبحة دير ياسين! قال “حبيقة”: لا اعرف مذبحة دير ياسين!”.
ابرز المجرمين الباقين على قيد الحياة والذين لم يلاحقون حتى الان:
* فادي أفرام.
* سمير جعجع.
* فؤاد ابي ناضر.
* مارون مشعلاني.
* حنا عتيق.
* أسعد شفتري.
* جوزف الزايك.
* روبرت حاتم.
* أنطوان زهرا.
* وليد فارس.
* مسعود الأشقر.
* نادر سكر.
* ميشيل سماحة.
* روجيه ديب.
* إتيان قيصر صقر.
* بطرس خوند.
* أيلي أسود ماروني.
* نازار ناجاريان.
* راجي عبدو.
* جوزيف أبو خليل.
* كريم بقرادوني.
* أنطوان نجم.
* ميلاد كفوري.
* ميشيل عون.
واخيرا هل سياتي اليوم الذي سينال فيه هؤلاء عقابهم من قبل المجتمع الدولي؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here