الأسر العراقية بين الماضي والحاضر

قوة وتماسك ونجاح وتقدم المجتمع تعتمد على عدة عوامل من أهمها مخرجات نواتها الأولى ، والمقصود هنا دور الأسرة لأنها المعلم الأولى والمدرسة لنا جميعا .
في ماضينا الجميل كانت العائلة الواحدة أو أكثر تجتمع على المحبة والتفاهم والانسجام ، والحديث يكون في مجمل القضايا الخاصة سواء كانت التي تخص الأسرة أو الجار والصديق ، ومن يتصدى للحديث كبار السن بحكم العمر والخبرة والتجارب ليكون حديثهم ينطوي على الحكمة والموعظة والمعرفة ، وعلى الصغار بحكم السابق الاستماع والاستفادة من هذه الدروس المجانية المعرفية .
أما اليوم نجتمع بصورة مغايرة عن الماضي بكثير جدا وسط لغة عدم التفاهم والانسجام والقلوب غير صافية في قضايانا الأسرية وغيرها ، ولو تحدثنا في قضية سياسية أو مسالة دينية أو حتى رياضية لتكون نقاشتنا حادة و ترتفع الأصوات العالية ، وما تسببه من خلافات التي مزقت نسيج الأسرة الواحدة لتصل الأمور بعدها إلى أكثر من ذلك من عراك وضرب و حمل السلاح في بعض الأحيان ، و لا يعطى مجال أو دور للكبار لان الكل أصبح في وضع لا يتقبل سماع حديثهم أو نصحهم .
وفي صورة أخرى نلتقي لساعات ، واغلب هذا الوقت يمضي في استخدام لعنة اسمه الموبايل،وما يدور من حديث بينا يكاد يكون في بعض المفردات بين إلقاء السلام والتحية وكرم الضيافة وحديث مختصر جدا والتوديع ، وينتهي الموضوع على هذا المنوال المر .
ما نمر به اليوم من مشاكل أو أزمات أو وضع البلد يرثى له في مختلف الجوانب والنواحي سببها الرئيسي مخرجات الأسر التي تواجه مخاطر الغزو الثقافي وتحديات المرحلة الحالية والسابقة ، وانعدام دور أو كلام الكبار يكاد يكون نادر أو محصور في بعض القضايا ، و عدم الاستعانة أو الاستفادة منهم في الأزمات والشدائد .
من يعيد بناء أسرنا كما كانت في الماضي الجميل ؟ لتكون مخرجاتها قادرة على مواجهة مخاطر وتحديات ما نعيشه في وقتنا الحاضر سوال إلى من يهم الأمر ؟ .
ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here