ثورة الخبز وسقوط عمر البشير

بقلم/ المحامي سركوت كمال علي
في 5يناير 2018م, صادق البرلمان السوداني على رفع الدولار الجمركي المتحكم في أسعار السلع إلى 18 جنيهًا بدلًا عن 6.9 جنيه، فضلًا على رفع الدعم عن الدقيق، لترتفع نتيجة لذلك أسعار الخبز.
وارتفعت سعر قطعة الخبر من 50 قرشا الى جنيه, والى جانب ذلك ارتفع اسعار الغاز والكهرباء وجميع السلع الاستهلاكية.
ومن يومها بدات الشرارة الاولى للثورة والتي ستسقط حكم عمر البشير الذي امتد 29 عاما, حيث قاد انقلابا عسكريا على رئيس الوزراء المنتخب في تلك الفترة الصادق المهدي وتولى عمر البشير بعد الانقلاب منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني في 30 يونيو 1989، وجمع بين منصب رئيس الوزراء ومنصب رئيس الجمهورية حتى2 مارس 2017 حيث تم فصل منصب رئيس الوزراء وفقا لتوصيات الحوار الوطني السوداني وتم تعيين بكري حسن صالح رئيسا للوزراء.
وفي 26 أبريل 2010 أعيد انتخابه رئيسًا في أول “انتخابات تعددية” منذ استلامه للسلطة.
ولقد تعرض الرئيس السوداني عمر البشير لكثير من الانتقادات والإتهامات من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية خلال السنوات السابقة، حيث أثارت فترة حكمه جدلا واسعا بسبب اشتراك مجندين تابعين لحكومته أو موالين لها في جرائم حرب في البلاد سواء في دارفور أو في جنوب السودان.
في 14 يوليو 2008 أصدر المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو مذكرة توقيف بحقه في قضية دارفور وذلك لإتهامات بأنه ارتكب جرائم حرب في إقليم دارفور وطلب تقديمه للمحاكمة وهي أول مرة يتهم فيها رئيس أثناء ولايته، بالرغم من أن السودان غير موقع على ميثاق المحكمة، وصفت الحكومة السودانية الاتهام “استهدافاً لسيادة وكرامة وطنهم” وأنها محاكمة “سياسية فقط وليست محكمة عدل” واتهمت المحكمة بازدواجية المعايير.
وفي عام 2013 طلب البشير تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم ولم تمنح البشير تأشيرة الدخول الي اراضيها لحضور الاجتماعات وقد استهجنت الخارجية السودانية علي قرار الولايات المتحدة بعدم سماحها للبشير بحضور الاجتماعات وأيضا الوفد السوداني المشارك في الاجتماعات اعلن عن قلقه واحتجاجه امام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن خرق قانون المنظمة من بواسطة الولايات المتحدة.
وفي يوم 14 يونيو 2015 أصدرت المحكمة العليا في جنوب أفريقيا أمرا يمنع البشير من مغادرة جنوب أفريقيا مؤقتا لحين النظر في القضايا المتهم فيها من طرف المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد حضوره لمؤتمر القمة الأفريقي الخامس والعشرين، إلا أنه عاد إلى السودان دون توقيفه.
وحتى يومنا هذا ما زال الرئيس البشير يزور البلدان العربية والأفريقية كتحد واضح لقرار المحكمة الدولية.
وفي سبتمبر من العام 2013 اندلعت احتجاجات شعبية ضد نظام حكم البشير ردا على قرارات رفع الدعم الحكومي على المحروقات سقط فيها برصاص الأمن ما يقارب على 200 متظاهر , وشهد عهد عمر البشير اتهام بانتشار واسع للاعتقالات السياسية والتعذيب وقمع الاحتجاجات الطلابية والعمالية وأيضآ شهد أرتفاع في مستوى الفقر وأنخفاض في مستوى دخل الفرد.
وفي 19ديسمبر 2018م, تظاهر الالاف في مختلف المدن السودانية وفي العاصمة خرطوم احتجاجا على ارتفاع الاسعار وازمة الخبز والوقود حيث سعر الخبز الى 4 جنيهات بعدما ارتفع في بداية العام الحالي الى جنيه واحد , وبلغ سعر الدولار الواحد 80 جنيها بالعملة السودانية.
وقام المتظاهرون في مدينة عبطرة بحرق مقر الحزب الوطني الحاكم, وأعلنت حكومة ولاية نهر النيل السودانية فرض حالة الطوارئ وتعليق الدراسة بكافة المدارس الأساسية والثانوية الحكومية والخاصة بمحلية عطبرة، اعتباراً من الخميس و”ذلك إلى حين إشعارٍ آخر”، حسب وكالة الأنباء السودانية (سونا).واستشهد 6 من المتظاهرين وتم اعتقال العشرات منهم, واستخدمت الاجهزة الامنية الغاز المسيل للدموع واطلاقات نارية حية.
وفي 20 ديسمبر 2018م, اتسعت رقعت التظاهرات بعدما انطلقت الأربعاء بمدن عطبرة وبورتسودان والنهود والدامر، لتصل إلى العاصمة الخرطوم، فيما فرضت السلطات حظر تجوال على مدينتي القضارف وعطبرة.
وسار المتظاهرون من منطقة سوق جاكسون بوسط الخرطوم إلى منطقة شارع الجمهورية، أشهر شوارع العاصمة الخرطوم. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين لجأوا لشوارع فرعية، والذين أصيب بعضهم بحالات اختناق.
وأضرم محتجون النار في مقرّ هيئة المياه بالقضارف، وحاولوا اقتحام مقرّ مصرف السودان، منددين بالأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار.
واستشهد 8 اشخاص في مظاهرات يوم الخميس المصادف 20ديسمبر.
وتواصلت المظاهرات لليوم الثالث على التوالي حيث اغلق المتظاهرون اطول شارع في الخرطوم ( شارع النيل), امام مرور السيارات.
وقام المتظاهرون بأحراق عدد كبير من الاطارات, وسقطت حكومة ولاية النيل الابيض بعاصمة الولاية ربك بعد ان قام المحتجون باحتلال المقار الحكومية الحكومية وهروب الوالي وتدمير وحرق دار وامانة المؤتمر الوطني, وقام الجيش بحماية المواطنين ليتقدم امامهم بعربتين لمنع استهدافهم من الامن.
كما سيطر المحتجون على مقري جهازالامن والدفاع الشعبي في مدينة عبطرة.
وتم ايقاف جميع برامج التواصل الاجتماعي الفيس والواتس اب وايمو وغيرها.
كما تم اقالة مدير هيئة الاتصالات من قبل عمر البشير وذلك لعدم قطعه خدمة الانترنيت.
وتم اعتقال العشرات من الناشطين ومنهم الدكتورة احسان فقيري رئيسة مبادرة لا لقهر النساء.
وحدثت مواجهات عنيفة بين الجيش( سلاح المدفعية) وبين افراد جهاز الامن في مدينة عبطرة.
كما قامت الاجهزة الامنية بمنع طباعة صحيفة الجريدة لاحتوائها على اخبار التظاهرات.
وقام المحتجون باغلاق تام لنفق مدينة الخرطوم عند منطقة المقرن عبر اشعال عدد من الاطارات وتوقف كامل للحركة.
وبلغ عدد الشهداء ليوم امس 8 شهيد ليرتفع العدد الكلي الى 22 شهيدا منذ بداية الاحتجاجات.
ولقد غاب الاعلام العربي تماما عن نقل احداث احتجاجات السودان واعتمد الكثيرون من المتابعين على ما كان ينقله الاعلامي الاسرائيلي الدكتور ايدي كوهين لما يحدث في السودان لحظة بلحظة عبر نشر مقاطع الفيديو للاحتجاجات في مختلف المدن السودانية واخبار الثورة وذلك من خلال تغريداته في صفحته على تويتر.
ومن جانبه اتهم صلاح القوش مدير مخابرات البشير بوجود خلايا للموساد في المدن السودانية.
وكعادة الانظمة العربية الفاشلة كلما احتج الشعب ضدهم وصفوا احتجاجاتهم بالمؤامرة وبوقوف دول ورائهم, او بوقوف اسرائيل او امريكا.
وما زالت الاحتجاجات مستمرة وستستمر لغاية تحقيق اهدافها في التحرر ولتخلص من حكم دكتاتوري استمر اكثر من 29 سنة…

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here