الإنسحاب الأمريكي من سوريا.. حقيقة أم خيال؟

علي فضل الله الزبيدي

عبر دراسة مستفيضة أسميت (مكمم الأصوات العظيم)، كانت تعني بعلاقة اللوب
اليهودي، وصانع القرار الأمريكي للشرق الأوسط، لأستاذي العلوم السياسية
ميرشامير وستيفن وولت في جامعة شيكاغو، ومن بعض ما توصلوا إليه ضمن
دراستهم:

(إن اللوب اليهودي في أمريكا يؤكد على صانع القرار الأمريكي في الشرق
الأوسط تحقيق غايتين رئسيتين:الأولى، تحقيق أكبر قدر ممكن من الدعم
الأمريكي لإسرائيل في كافة المجالات والأصعدة وفق ما يتناسب والرؤية
الإسرائيلية المرحلية والبعيدة المدى، والغاية الثانية، أي تقارب
أمريكي-عربي يجب أن يصب في مصلحة إسرائيل).

وفق هذه الرؤية المتشددة وهذا التعاون الأستراتيجي الأمريكي- الإسرائيلي،
نستطيع أن نضع علامات إستفهام كثيرة، أمام قرار الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، وما يزيد المشهد غرابة، إستقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس
وكذلك المبعوث الأمريكي للتحالف الدولي بريت ماكغورك، وهذا يبين هنالك
إستقلالية مفرطة للرئيس ترامب في إتخاذ هكذا قرارات إستراتيجية، دون
الرجوع لفريقه الوزاري والأمني، ويبقى التساؤل الأكبر، هذا القرار يتعارض
والمصلحة الإسرائيلية للوهلة الأولى، فهل من المعقول أن يتم إفراغ الساحة
السورية، لكابوس الصهيونية إيران بهذه السرعة والسهولة؟ دون أن يكون
هنالك حسابات دقيقة لهذا الإنسحاب.

قد يتبادر لأذهان المختصين والمراقبين أكثر سيناريو لذلك القرار
الترامبي، صاحب الرؤيا المتناثرة سيناريوهات عدة منها:

ضربة أمريكية لأيران بعد إنسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وهذا فيه
صعوبة كبيرة، كون القوة الصاروخية الإيرانية، بتطور كبير وأوصلت عدة
رسائل، عبر أذرعها حزب الله اللبناني وحماس الفلسطينية، وما فعلته
الأخيرة من إختراق للقبة الحديدة الإسرائيلية، والضربات الموجعة التي
وجهتا لقلب الأراضي الصهيونية، تجعل هذا الخيار غير مطروح.

الإحتمال الثاني بهذا الصدد، هو أن تكون منطقة الشرق الأوسط بدأت بتسويات
دولية كبيرة، برعاية القطبين الأمريكي والروسي والشبح الصيني، تمتدد تلك
التسويات للمؤثرات الإقليمية أسرائيل وأيران وتركيا ودول الخليج العربي،
يمكن أن نلحظ ذلك، من خلال حلحلة القضية اليمنية واللبنانية وكذلك سوريا
وحتى العراق وإحتمال تسوية الملف النووي الإيراني، وإنهاء العقوبات
الإقتصادية بإتجاه إيران.

عليه سيناريو التسوية، هو الأقرب للواقع ومن خلال المعطيات، لأن التسوية
من المفترض فيها ضمان للأمن الإسرائيلي، وهو عقدة المنطقة للجانب
الأمريكي، مع ضمان تحقيق المصالح الأمريكية الشرق أوسطية، حيث أعتقد أن
الرؤية الأمريكية ذاهبة لتطبيق (أستراتيجية الأستقلال الأمريكي) وهذه
الرؤية طرحت من خلال كتاب (القوى العظمى.. ثلاث خيارات للدور الأمريكي في
العالم) لأستاذ السياسة الخارجية(أيان بريمر) وفحواها: قيام الولايات
المتحدة بتقليل إلتزاماتها الدولية، وتعطي الداخل الأمريكي أهتمام أكبر،
فضلا” عن منح الصين وروسيا بعدا” أستراتيجيا” وأشراكهما بمناطق النفوذ،
وتتوقف عن كونها الضامن الأمني الوحيد لحلف الناتو واليابان وكوريا،
فضلا” عن إنسحابها من منطقة الشرق الأوسط.. أمام هذه الرؤية قد تكون
أفريقيا هي الوجهة الأمريكية القادمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here