عن خطابِ الدَّولة؛ تقييمٌ أَوَّليٌّ لِخطابِ الرِّئاسات الثَّلاث!

نــــــــــــــزار حيدر
يُشكِّلُ الخطابُ السِّياسي أَحد أَعمدة الدَّولة، أَيَّة دَولة، وهو يعرِّف عن طبيعتَها ويعكس ظرُوفها ويقدِّمها للآخَرين كمَنهجٍ وسياساتٍ! فإِذا كانَ ضعيفاً مُتهرِئاً فهوَ دليلٌ على ضَعف الدَّولة وإِذا كانَ صاخباً فِيهِ الكثير من التَّهريج فهو يدلُّ على الفوضىوعدم الإِستقرارِ، وإِذا كان مُتقلِّباً ومُتناقِضاً ومُتعدِّداً فهوَ دليلُ الإِنقسام الذي سببهُ الطائفيَّة والمُحاصصة وتعدُّد مراكز القرارِ وتناقضها!.
ولا يشذُّ العراق عن ذَلِكَ فمِن خلالِ الخطابِ السِّياسي يمكنُنا أَن نقرأَ مسارات الدَّولة وعلاقاتها الإِقليميَّة والدَّوليَّة فضلاً عن علاقاتِها الداخليَّة بشَكلٍ عامٍّ!.
كما أَنَّهُ يُعبِّر عن شخصيَّة المسؤُول وطبيعة الفريق الذي يُحيطُ بهِ!.
ومن الطَّبيعي أَن تعتمد نوعيَّة الخطاب السِّياسي لأَيَّة دَولة على طبيعة التَّحدِّيات والظُّروف السياسيَّة التي تمرُّ بها! حتى أَنَّ شِدَّة وليونة الخِطاب، وغموضهُ ووضوحهُ، وثباتهُ وتقلُّبهُ، إِنَّ كلَّ ذلك وغيرهُ يعبِّر بشَكلٍ كبيرٍ عن طبيعةِ الظَّرف السِّياسيالذي تمرُّ بهِ الدَّولة ونوعيَّة أَولويَّاتها سواء على الصَّعيد الدَّاخلي أَو الإِقليمي والدَّولي!.
عن حالة العراق فمِنَ الواضحِ جدّاً فإِنَّ البلاد تمرُّ الآن بظروفٍ صعبةٍ جدّاً ومُعقَّدة ينبغي أَن يكونَ الخطابُ السِّياسي مُعبِّراً حقيقيّاً وواقعيّاً عنها بِلا مُجاملةٍ!.
كما ينبغي أَن يعبِّرَ عن هَيبتها واتِّزانها ووحدَتها! الأَمرُ الذي يحتاجُ إِلى تحديدِ والإِلتزامِ بشَكلٍ دقيقٍ بمصادرِ ومراكزِ التَّعبيرِ عن سياساتهاِ وكذلك الإِلتزامِ بالسِّياسات والاستراتيجيَّات التي ترسمها الدَّولة والضَّربِ بيدٍ من حديدٍ على رأسِ كلِّمَن يعبث بهذهِ السِّياساتِ ويرفض الإِلتزامِ بها من خلالِ الوقوفِ بوجهِ فوضى التَّصريحاتِ على لسانِ كلِّ مَن هبَّ ودبَّ! فذلكَ يُعرِّضُ الأَمنَِ القَوميِّ للخطرِ!.
فعلى الصَّعيد الدَّاخلي فإِنَّ البلاد بحاجةٍ إِلى أَن تُعلنَ الحكومةُ الحربَ الثَّالِثةَ، وأَقصدُ بها الحرب على الفساد! وهي الحرب التي تحتاجُ إِلى حزمٍ وشِدَّةٍ في خطابِ الحكومةِ والذي لم نسمعهُ لحدِّ الآن وللأَسف الشَّديد!.
طبعاً، ستواجهُ حيتانُ الفسادِ و [العجُول السَّمينةِ] وذيولها وأَبواقها مِثْلَ هذا الخطابِ بحمَلاتِ التسقيطِ والتشويهِ من خلالِ نشرِ الأَكاذيبِ والطَّعنِ بالولاءاتِ كما تتعرَّض لَهُ حاليّاً وزارة الخارجيَّة! ولكن، هذا لا ينبغي أَن يحولَ دون إِكمالِ المُهمَّةِالوطنيَّة السَّليمةِ والصَّحيحةِ!.
على الصَّعيد الإِقليمي والدَّولي فإِنَّ العراق بحاجةٍ إِلى أَن يكونَ حازماً وواضحاً وشُجاعاً في خطابهِ السِّياسي على صَعيدَين أَساسيَّين تقولُ الدَّولةُ أَنَّها تتبنَّاهُما؛
الأَوَّل؛ بناء العِلاقات المُتوازِنة مع كلِّ الدَّول الإِقليميَّة والدَّوليَّة وعدم السَّماح لأَحدٍ في أَن يتدخَّل في الشَّأن الدَّاخلي وكذلكَ الرَّفضُ المُطلق والتَّام لأَن يكونَ العراقُ ممرَّا أَو قاعدة مُنطلق لإِيذاء جيرانهِ بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكالِ!.
الثَّاني؛ رفضهُ المُطلق للمُحاولات الإِقليميَّة والدَّوليَّة الرَّامية إِلى زجِّهِ في الصِّراعات لصالحِ أَجندات هذا الطَّرف أَو ذاك! خاصَّةً إِذا كانت على حسابِ المصالح الوطنيَّة العُليا.
ومن خلالِ مُتابعتي الدَّقيقة للخطابِ السِّياسي للرِّئاسات الثَّلاث خلال الفترة المُنصرمة القصيرة إِستنتجتُ ما يلي؛
١/ خطابُ رِئاسة الجمهوريَّة شُجاعاً وواضحاً وصريحاً وذكيّاً، يُعبِّرُ بشَكلٍ دقيقٍ عن الإِستراتيجيَّاتِ.
٢/ خطابُ رِئاسة مجلس الوزراء خَجولاً وضعيفاً ويميلُ إِلى المُجاملة والتَّرضية كثيراً! وهو بالكادِ يُلامِسُ التَّكتيكاتِ.
٣/ خطابُ رِئاسة مجلس النوَّاب مُتملِّقاً زائداً عن الحدِّ وهوَ أَبعدُ ما يَكُونُ عن التَّعبيرِ عن السِّياسات العامَّة للدَّولة!.
٢٢ كانُون الأَوَّل ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here