خربشات ذات معنى!

مصطفى إنشاصي

حقيقة بعد التجربة؛ العقل التنظيمي الفلسطيني زمن المبادئ والتنافس على العمل الوطني كان يصعب تحقيق اختراق فيه، فما بالنا في زمن الارتزاق؟! لأن العقل التنظيمي الفلسطيني يعيشحالة انفصال عن الواقع، يعيش ضمن عالم افتراضي إلى حد ما يتفاوت حسب تفاوت نسبة التعصب لدى كل شخص، التعصب المصاحب للجهل، ويصعب اختراقه بسهولة إن حصل اختراق! أما في زمن الارتزاق أصبح لا يوجد عقل تنظيمي يوجد عقل مادي حريص على مرتب آخر الشهر، فازدادت إمكانية اختراق العقل التنظيمي صعوبة أكثر! نحن بحاجة لتحرير عقولنا من المادة واﻻرتزاق أولاً، وبعدها نحررها من التعصب التنظيمي الفكري والأيديولوجي، ثم نتحاور قد نحقق شيء من اﻻختراق!

وقبل الخربشة أُذكر الجميع مَنْ يعلم ومَنْ يجهل بالتالي:

شجب الكيان المزيف

وصف دقيق لأي كيان فلسطيني في الضفة وغزة وليس غزة فقط، عمره خمسون سنة، في الدورة الرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في القاهرة في الفترة ما بين 10 إلى 17/7/1968، أكد المجلس على أن حقيقة القضية الفلسطينية أنها قضية تحرير، وأن الكفاحالمسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، واتخذ عدة قرارات بهذا الشأن أهمها:

“2- شجب الكيان الفلسطيني المزيف: حذر المجلس في مقرراته من الدعوات المشبوهة لإنشاء كيان فلسطيني مزيف يقوم على أساس إعطاء الشرعية والديمومة لـلعدو الصهيوني، الأمر الذي يتنافىكلياً مع حق الشعب العربي الفلسطيني في كامل وطنه فلسطين وذكرت قرارات المجلس الوطني أن مثل هذا الكيان المزيف هو في حقيقة حالة (مستعمرة إسرائيلية) تصفى القضية الفلسطينية تصفية نهائية لمصلحة العدو الصهيوني، وهو في الوقت نفسه مرحلة مؤقتة تتمكن فيها الصهيونية منالتمهيد لدمج هذا الكيان دمجاً كاملاً في الكيان (الإسرائيلي). هذا بالإضافة إلى خلق إدارة عربية فلسطينية عميلة في الأراضي المحتلة، وشجب المجلس الوطني فكرة الكيان الفلسطيني المزيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد الخامس من حزيران 1967 شجباً مطلقاً. وأعلن أنأي فرد أو جهة عربية فلسطينية أو غير فلسطينية تدعو لهذا أو تؤيده هي عدو للشعب العربي الفلسطيني وللأمة العربية”.

لا أظن أن السلطة ممكن أن ترى نفسها كذلك، ولا حماس التي تفكر الآن في إقامة دولة غزة وهي أقل بكثير مما كان مطروحاً سابقاً!

الخربشات

خربشتي الأولى؛ إلى الغافلين: الذين مازالوا يعتقدون أنه مازال هناك وطن، في حدوده الدنيا الضفة وغزة، وهناك وحدة بين شطري الوطن أو جناحيه، وأنه لم يتم فصلهما وتقطيعهما بعد؟! أنتم واهمون وتعيشون خارج الواقع! إن بقِ الصراع مستمر على هذه الوتيرة فاعلموا أن ما يحدث هو الرتوش واللمسات الأخيرة على مخطط تقطيع أوصال فلسطين وشعبها وإسدال الستار على شيء اسمه قضيةفلسطينية! وإن كنت على يقين أن ذلك لن يحدث بأمر الله لأنها قضية دينه وأمته وسبحانه أحرص عليها منكم!

خربشتي الثانية نصيحة؛ على الجميع أن يعيشوا الواقع أفضل من الحديث عن القوانين والدساتير وموادها، والمحاكم وأحكامها، وصحتها وبطلانها، وكأنهم في بلد ديمقراطي وفيه سيادة للقانون؟!فكروافي القادم عملياً وكيفية، إن لم يكن إفشاله، على الأقل التقليل من آثاره المدمرة قدر المستطاع!

خربشتي الثالثة؛ فصائلنا لا تحترم الشعب: في الشعوب المتحضرة الناضجة للممارسة الديمقراطية بشكل صحيح وتداول الحكم دون صراعات وتحترم القانون و…، يكون الشعب فيها هو مصدر السلطات! عندنا وعند الأنظمة العربية تفتكروا الشعب وقت الانتخابات فقط وبعد شراء صوته ببيعه الوهم وبعض المساعدات تنسوا أن هناك شعب …لو كان للشعب دور وممثليه المنتخبون أحترموه وكانوا أوفياء له ولوعودهم بعد فوزهم وأشركوه في القرار في كل ما حدث ما كنا بلغنا هذا الدرك!

خربشتي الرابعة؛ اتركوكم من الكلام الذي لا يسمن ولا يغنِ من جوع وفكروا بطريقة عملية أفضل: احترموا مرة عقولنا، عقول الشعب الذي يتاجر الجميع فيه. شخصيات مستقلة وفصائل وغيرها، وكله يشجب ويستنكر! يا جماعة كفاية شجب واستنكار واعتراض على الورق! أصبحتم مثلالأنظمة قضت عقود منذ إنشاء كيان العدو الصهيوني وهي تشجب وتستنكر وتعترض وتكتب وتؤلف وتعيد وتزيد في القوانين الدولية والمحلية و… وأخيراً أين وصلنا؟! إلى هنا .. مازلتم لم تغيروا شيء! كفاكم حكي في المحكي .. هذه المرة حاولوا عمل شيء بعيداً عن حساب المكسب والخسارةإن كنتم حريصين على الشعب والقضية!

خربشتي الخامسة؛ لا صوت يعلو فوق صوت الضجيج: طوال سنوات الانقسام صم الضجيج الفصائلي آذاننا، ولم نرَ خير لا من الضجيج ولا محدثيه، فلا عتب لأن القرار لم يعد بيد أحد من مثيريالضجيج، القرار هناك .. في العواصم التي تملك مقومات القرار .. المال والإعلام، وقد حذرنا من أن التاريخ الحديث أثبت أن الثورات الفلسطينية تجهض في العواصم العربية. وللآن ناديت لو أسمعت حياً، فما بالنا الآن وقد دخلت (تل أبيب) على الخط وأصبحت شريك في تقرير مصيرنا في غزة؟!

خربشتي السادسة؛ طوال إحدى عشرة سنة عجاف (الانقسام): ليس فقط؛ أنه لم يتوصل المتناحرون على سلطة تحت الاحتلال إلى اتفاق، لا! بل وكل منهم عمق الخلاف والشقاق، وكرس مؤسسات حزبيةعنصرية استئصالية، جسدت الانفصال واقعاً مؤسسياً، وجايين نتباكى على الوطن والقضية والشعب! ولكن المتباكون لا يتباكوا على الوطن والشعب، ولكنهم يتباكون على وقف مرتباتهم ونترياتهم العالية، وعلى المستقبل المظلم الذي لا يعرفون معالمه بعد أن فشلوا في أن يكونوا بديل،ولا يعرفوا إلى أين المصير .. فالمصير مجهول!

خربشتي السابعة؛ للمرحبين بدولة غزة: أيها الحمقى الجهلة؛ ذلك ما خطط له شارون وأنتم اغتررتم بكذبة التحرير ووقعتم فيه! وإن كنتم يوم خرج منها واستدرجكم إلى الانتخابات التشريعيةوالوعود البراقة بقيادة منظمة التحرير والحكومة والسلطة، كنتم مقاومة لتحرير فلسطين، والآن أصبحتم مقاومة لأجل تثبيت التهدئة والسماح بمرور بعض الاحتياجات الضرورية لأهل غزة، وشنط المال السياسي، وترحبوا بدولة غزة التي منها ستحررون بقية الوطن؟! أتجدون أحمق منكم؟!

خربشتي الثامنة؛ إلى دعاة القبول بإجراء انتخابات: حذرنا من لعبة الانتخابات قبل إجرائها وقلنا اعتبروا من ثورات سابقة أيام الاحتلال البريطاني قتل فيها رفيق السلاح في التنظيمالواحد رفيقه، بعد أن أوقعتهم بريطانيا في كذبة الديمقراطية والانتخابات، ولم تنتصحوا! وجربتم لعبة الانتخابات والديمقراطية الكاذبة وهانحن جميعاً شعب ووطن وقضية وفصائل ندفع الثمن، ومازلتم لم تعتبروا أو تدركوا حقيقة اللعبة السياسية الانتخابية؟! انتخابات يعني مزيدمن التناحر والضياع …

خربشتي التاسعة؛ حماس إما مقاومة أو سياسة: المفترض أن لعبة الانتخابات والمشاركة السياسية والحصول على الشرعية السياسية بعد الحصول على شرعية البندقية والمقاومة، وخرافة الجمع بين السلطةوالمقاومة، قد بلغت نهايتها! إما أن تعودوا مقاومة وﻻ تبحثوا عن انتخابات لأنه في حال الفوز أو عدم الفوز لن يتغير شيء بل سيزداد الأمر سوء، ليس لأنكم لم تتعلموا من التجربة فقط بل وأنكم ستكررونها!

إما أن تتركوا البحث عن الشرعية السياسية وكفَ ضياع، وتحافظوا على شرعية البندقية والمقاومة، أو أن تتحولوا إلى حزب سياسي، وتتفقوا مع السلطة والفصائل اﻷخرى على برنامج موحد لفترةيعاد فيها إعادة ترتيب الأوضاع، لعل الله يحدث أمراً، أو ترحلوا أنتم وكل الفصائل وتتركوا الخيار والقرار للجماهير، وأنا مع رحيلكم جميعاً، وبإذن الله لن تحدث فوضى، فالجماهير أوعى وأحرص على مصلحتها منكم جميعاً،ولتواجه مصيرها ويقبل العالم والعدو الصهيوني المواجهة مع شعب لا مع فصائل، وتفرز الجماهير قيادة جديدة لها، فأرحام نساء فلسطين ما عُقرت يوماً عن إنجاب الرجال القادرين على تحمل المسئولية، ونسأل الله تعالى أن يكون القادة الجدد أهلا لتحمل المسئولية …أما العودة للانتخابات ثانية وكأنه لم يكفينا ما أوصلتنا له الانتخابات السابقة قرار خاطئ مائة في المائة!

خربشتي العاشرة؛ فلسطين قضية ﻻ يصلح لها إﻻ المقاوم: المقاومة هي التي تمنح الشرعية لمن يمثل الشعب والقضية وليس السياسة. والبحث عن الشرعية السياسية يعني البحث على الدنيا والمناصبوالكراسي والمال والسلطة والتسلط، وليس البحث عن التحرير. وكل تجاربنا السياسية فشلت بسبب محاولة الجمع بين المقاومة والسياسة، من الشيخ أمين الحسيني واللجنة العربيةالعليا إلى منظمة التحرير، إلى حماس! إما مقاومة أو سياسة! كفى! لا تتخذوا محاولة الحصول على الشرعية السياسية ذريعة لمزيد من الخداع للجماهير التي صوتت لخيار الإصلاح والتغيير، ولا حدث إصلاح ولا تغيير والنتيجة ماثلة أمام أعيون العالم!

لقد أصبح واضحاً انكم لن تستطيعوا تقديم نموذج مقاوم يجمع بين السلطة والمقاومة، ولن تنجحوا وإلا كان نجح مَنْ قبلكم، وهم لم يكونوا يتلقون ميزانياتهم من أعدائهم، كما هو حال السلطةالآن التي تتلقى الأموال من الدول المانحة لأجل التنسيق الأمني وحفظ أمن العدو الصهيوني! كما أنكم لن تحصول على الشرعية السياسية مادمتم تتمسكون بالمقاومة وإن كان ذلك في الظاهر، ورسائلكم للعالم مفهومة لدى أصحاب القرار، فلا تتخذوا ذلك ذريعة ورهن القضية والشعب لطموحاتحزبية وشخصية!

خربشتي الحادية عشرة والأخيرة وإن كانت الخربشات كثيرة؛ افهموا وأظنكم فاهمين: أن ميزانية السلطة التي تقبض منها الحكومة ووزرائها وأعضاء المجلس التشريعي مرتباتهم ونترياتهم وكلمصارفهم، وكل الموظفين الرسميين في السلطة أياً كانت وظيفتهم، مدنية أو عسكرية أو أمنية، يدفع جزء منها العدو الصهيوني من عائدات الضرائب والجمارك المفروضة على البضائع التي تدخل إلى أراضي السلطة، وجزء من الدول المانحة وبعض الدول العربية، تلك المرتبات تدفع لأجلاستمرار التنسيق الأمني فقط، من أجل الحفاظ على أمن المواطن والكيان الصهيوني، وليس من أجل أن تقاوم وتقضي عليه! إما أن تفهموا وأظنكم فاهمين، وإذا كنتم مش فاهمين افهموا وكفاية جهل في السياسة والجاهل لا يحرر وطن، أو ارحلوا يكون خيراً للقضية والأمة ولآخرتكم أيضاً …

التاريخ: 24/12/2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here