الإسقاطات السيكولوجية الساذجة و بنبرة ببغائية مجترة لا تلائم الساسة

بقلم مهدي قاسم

السياسة كنهج متواصل من حركة دائمة و دائبة حسب تطورات
و متغيرات أحداث طارئة ، تشبه رمالا متحركة بفعل رياح دائمة هبوب ، وبالتالي لا يمكن إخضاعها لتحليلات سيكولوجية عصرية وذات أبعاد علمية متقدمة ، فكيف الأمر بتحليلات سطحية و عتيقة ومجترة ، وقد أكل عليها الدهر و شرب من كثرة التكرار والإعادة المضجِرة ؟ ..

سيما ان السياسة هي فن الممكن و المراوغة و المناورة بشكل
متواصل ، حيث تستوجب متطلبات المصالح الآنية و المستقبلية وفقا لتغييرات و تقلبات الظروف الاستثنائية أو غير ذلك ، تغيير التكتيكات الموضوعة و إيجاد جديدا منها في بعض الحيان ، و التي تعتمد المهارة والحنكة والخبرة المهنية و الموّظفة توظيفا جيدا بهدف تحقيق أهداف
و مصالح فحسب و حصريا أيضا ، وهو الأمر الذي ليس له علاقة بالمسألة الإيجابية أو السلبية أم بالصورة المأخوذة سلبا أو إيجابا عن هذه الدولة أو تلك ..

إنما الحالة الآنية ألأو المرحلية المعينة هي التي تحدد
الصورة المعطاة ..

فضلا عن السياسة ليست جمعية خيرية أو شيطانية لتُوصف وفقا
لذلك ، ومن ثم لنقوم بتوجيه آيات تمجيد وتعظيم أو أطنان من تحقير و تسقيط حسب الحالة المتوفرة سلبا أو إيجابا ، أنما هي عبارة عن نشاطات و أحداث واقعية وملموسة وليس على أوهام أو تمنيات ، قد ُتحدد نتائجها حسب المنتفعين والمتضررين مصلحيا ، و حيث كل شيء له ثمنه المحدد
، مثلما عبر عنه خير تعبيرالرئيس الأمريكي ترمب ــ على سبيل المثال و ليس الحصر ــ عندما طالب حكام الخليج بالدفع النقدي و الفوري لحراسة الإدارة الأمريكية وحمايتها لسلطاتهم ونظام حكمهم في البلدان الخليجية لتبقى مستقرة و آمنة ، وقد استطاع ضمن ذلك أن يأخذ مئات
مليارات دولارات منهم مقابل تلك الحراسة والحماية أو من خلال عقد صفقات أسلحة بعشرات مليارات دولارات ، إضافة إلى وجود قواعد عسكرية في أراضي بعض تلك البلدان موجودة أصلا للدفاع عن المصالح الأمريكية في المنطقة..

و هذا يعني أن أمريكا كدولة تقوم بدور شركة أمنية لحماية
هذه الدولة أو تلك ، فلماذا تقديم الشكر لها إذن ؟ ..

بينما توجد في العالم الأف من شركات أمنية ــ كانت إحداها
عاملة في العراق ــ تعمل مقابل مال مدفوع مقدما فهل يجب تقديم الشكر لها أيضا ؟….

إذن فليس لأحد فضل على أحد ، أنما كل شي و له ثمنه الخاص،
أحيانا قد يكون باهظا جدا سواء كبيع أسلحة أو حراسة أمنية أ ، و على حساب السيادة الوطنية ذاتها ..

كما أن التحالفات أيضا تتغير وفقا لمتغييرات و تطورات سياسية
طارئة حيث يتحول الحليف إلى عدو بين ليلة و ضحاها ، كما الحال بين إيران و أمريكا بين عهدي الشاه و الخميني ..

أو بين روسيا و أوكرانيا في العهدين السوفياتي و الآن
مثلا ..

و نستطيع أن نضرب عشرات أمثال من هذا القبيل ..

وهل يجب أن نمّجد و نشتم حسب هذه المتغيرات و التطورات
السياسية هذه الدولة أم تلك وبناء على ذلك ؟ ..

عموما وكما هو معروف للكثير أن سياسة أغلب دول تقوم على
تحقيق مصالحها بالدرجة الأولى والأخيرة ..

و نقطة .

وبالتالي فليس هناك من مبررات شكر ..

ولكن ذم نعم ، إذا حدثت عملية تحقيق هذه المصالح
على حساب بلد آخر و إلحاق أضرار أمنية أو سياسية أو اقتصادية فادحة به مثلما حدث في العراق أثر الغزو الأمريكي و من ثم سيطرة عصابات اللصوص على ثروات العراق نهبا و سلبا .

هذا دون أن نعلم لماذا يصّر بعض العراقيين على التبعية
العمياء لإيران أو السعودية أو تركيا أو لأمريكا ــ على سبيل المثال و ليس الحصر ..

بل و يطلبون من الآخرين أن يحذوهم أيضا في هذه التبعية
المخزية والمعيبة و تقديم آيات التبجيل و التعظيم !!..

في الوقت الذي يتشدقون بالاستقلالية الفكرية و المبدئية
و السياسية ..

و الأنكى من ذلك نجد الموالي لإيران يسب الموالي لأمريكا
و هذا الأخير يسب الموالي لإيران ، و كذلك الأمر للموالين للسعودية وتركيا و غيرها حيث يعيّرون بعضهم بعضا و يخوّنون ..

بينما هم في حقيقة الأمرعبارة عن ” طيور تقع على أشكالها
” في نهاية المطاف ..

و أخيرا : أنه لأمر محمود و جيد وممتاز أن لا يكون المرء
ناكرا للجميل إزاء دولة تعيله و توفر له المأوى و كذلك الحماية ـ حيث أصبح نكران الجميل سمة بعض العراقيين و متلازمة لهم ومتنقلة ، كأنما أبا عن جد !!..

مع التأكيد على أن العرفان بالجميل يجب أن لا يعني التبعية
العمياء أو المتطرفة لحد المبالغة و تجويف الذات ! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here