إلى الشيخ علي جمعه مع التحية والسلام

بسمه تعالى
من آية الله الشيخ إياد الركابي
إلى الشيخ  علي جمعه  مع التحية والسلام
 
الشيخ  المحترم  علي جمعة  طابت  إفاضاته  السلام عليكم  ورحمة الله  وبركاته  ..
دفعني كلاما سمعته  منك  ووجدت  فيه  إنك تخوض  مع الخائضين  ،  عن الخلاف بين مايسمى بالسنة  والشيعة   ،  ولإحترام مني لكم قديم غاضني ما سمعت فذاك والله  لا يأتي إلاَّ من السفهاء ومثيري الفتن وأهل الضلالة  –  أعاذنا  الله منهم –   ،  ولا يغرب عن بالكم  إن هذا الخلاف في أصله وفصله  سياسي بإمتياز ،  وإن ما تشكله السياسة وترسمه  لا ينبغى لأهل الحجى جعله في مقام الأولويات والكبريات  .
ولقد كنت في الماضي القريب ظاناً فيك ظناً حسناً  بزعمي إنك  من المصلحين  ،  الداعين  للخير وجمع  الكلمة على التقوى   ،  ولقد خاب ظني فيما سمعت منك في هذه بالذات  ،  ولم يُسعفني  ذلك  ووددت  إني لم أسمع ذلك ولم أنصت له   ، ووجدت  إن  الشيخ  علي جمعه  الذي يظهر  على  التلفزيون  هو غيره  الذي  يظهر مخاطباً تلاميذا له  صغارا على اليوتيوب  ، وفي الأول  أرآك  سمحُ بهلول وفي الثانية  أرآك  من دعاة  تنظيم  الدولة  في العراق والشام   .
الخلاف أيها الشيخ  لا يندرج  في الأهروجة  ولا في التندر ولا في التنطاح  على أمل كسب النقاط    ،  إنما يحتاج  الكلام في الخلاف  إلى دليل وبيان وبرهان    ،  وحينها   تكون الدعوة  لدى حكماء الناس للكلمة  السواء  ،  وليس  للضرب  على وتر  الطائفية  والوعيد  والتهديد  كما جاء  في نهاية كلامكم    ،  وفي ذلك  كنت كتلك التي أنقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ،  وكم تمنيت  أن تكون  قد قرأت  مافي صحف شيعة الإمام  علي وجهابذة القوم منهم ، لتعرف  عن قرب إنهم أهل صلاح وتقى وخوف من الله كثير  ، وليتنا  جميعاً  نتدرب على حسن الكلام بعد حُسن الإصغاء .
الخلاف أيها الشيخ  الذي عرضت  على  بعض مفرداته  ،  لم تسطع عليه  ولم تجب ولم توضح  الدال والمدلول  ورحت  تؤلب العصبيات القبلية  ،  والخلاف مادة  للبحث   يلزمها علم ومعرفة ودراية  ولا يجوز فيها  البتة  أن نعتمد على القيل والقال  ،  ولا على التهريج والكلام السوقي  الذي  قد  يحسبه الظمآن ماء ،   إنما  يحتاج  البحث  فيه  إلى لم أطراف الحديث بما ينفع الناس ويوحد كلمتهم  على التقوى لا  على ما يفرقهم  .
و تلك هي كلمات الله التي دعانا فيها إلى نبذ الكراهية والعنف والتطرف  وقال بصوت عال –  تعالوا  إلى  كلمة سواء  –   ، فأسألك بالله : هل تعرف البداء عند الشيعة  حقاً ؟   ،   أم إنك   فيه كالعبقري الحسان  من بلاد الواق واق ؟ ،  وهل تعرف حقاً ماذا تعني الشيعة بالعصمة  ؟  ،  وهل قرأت في ذلك للشيخ المفيد والشيخ الطوسي وعلم الهدى ؟   ،  أم إن مبلغ علمك مايقوله المعتوه  ياسر الحبيب ؟ ،  وهل ما زلت ياشيخ تظن بعدالة كل الصحابة ؟  ،  وهل قرأت القرأن في ذلك  عن بعضهم  من أهل المدينة  ؟  ،  أم هي العصبية الجاهلية  والدعوة الذبيانية   ؟  ،  وما تظن  في الشيعة قولهم  في وعن  معنى تحريف القرآن  ؟  ،  وهل أطلعت على  كتاب الشيخ النوري   حقاً  ؟   .
إن أخوف ما أخافه  على الدين  من بعض المشايخ  الذين يخلطون بين العمل القبيح والعمل  الحسن   ،  وفي  ذلك  تعميم  لمقولات  بعض السفهاء وإعتبارها حجة وإلزام الجميع بها  ،  وأنت أدرى إن شيعة الإمام علي ليس واحداً ولا يجوز إعتبارهم كذلك ،  بل إن لكل منهم رأي وفكر ودلالة   ،  وكل مسؤول عن رأيه وحجته وبيانه  ، ولا يجب إلزام الجميع بما يقوله زيد أو بكر  ، ولا يجب أن يثيرك  ياشيخ  من يسب أو يشتم فتلك صفة الأشرار وعديمي الضمير –  ونحن وجميع الشيعة منهم براء –   ، وربنا يقول –  تلك أمة قد خلت –  ،  وكيف يشتم  من سمع وقرأ قوله تعالى  : –   لقد رضي الله عن المؤمنين الذين يبايعونك  تحت الشجرة  –  ،  وليس فينا  من يجحد ذلك  أو يميل  ، لكنك تدري إن  الخلاف في الأحقية السياسية شأن ولازم من لوازم الناس ، يبحثون فيه عن البرنامج وعن الصفة وعن المسؤولية  ، وعن الكيف وتلك تعود للناس   ،   فإن أحدا قال في ذلك مالم تقله العامة فليس ذلك بمستهجن ولا الكثرة  دائماً  دليل  صحة ،  لذلك قال – و أكثرهم للحق كارهون –  ،  ومن بعد هذا فلماذا  نبدل الخبيث بالطيب ونتجارى في الأحقيات الماضية   ؟  .
الخلاف  أيها   الشيخ   لا يدعنا نلقن الطلاب الصغار دروسا في الكراهية ، بل  يجب ان نعلمهم إستيعاب الأخر المختلف  والتعامل معه   بعقل مفتوح   ،  وضآلتنا  في ذلك  تلك الحكمة الخالدة  –  فكل من خالف كتاب الله اضربوا به عرض الجدار  –  ، هذه يجب ان تكون  القاعدة ولندع الدعوة الأبليسية جانباً  ،  وإن كنت جاداً أيها الشيخ  وتريد وجه الله  حقاً  ، فإني أدعوك إلى حوار مفتوح  يكون بيننا وبينكم  في كل المسائل والقضايا  محل الخلاف   ،  وسأترك  في ذلك  لكم  تحديد  الزمان والمكان والكيفية   لتروا ما يناسبكم  فنحن إنشاء الله  جاهزون  ،  وهدفنا من ذلك بيان الحقايق للناس  والذي طالما سعينا إليه  سنيين طوال  ،  ذلك إن الحق أحق أن يتبع ، ولندع  دعوة الجاهلية وصوتها النشاز جانباً  ، لندع  عنتريات الزمن التعيس التي جرت  علينا الويلات  ، ولنسارع إلى مغفرة من ربنا   ، ولا نكن نزاعين  للفرقة والخلاف   ،  ولندع أهل الجهالة   والضلال في غيهم  ، ولننظر إلى أخرتنا  فقد آن الآوان  .
الشيخ إياد الركابي
20 ربيع الآخر 1440

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here