بيع الأوطان من الإيمان!!

من الحقائق المغيّبة والتي إنطلت على الناس أن الأحزاب الدينية ذات نهج وطني , وفي حقيقتها وجوهر عقيدتها أنها لا تؤمن بوطن , أي أنها لا تمت للوطن والوطنية بصلة , وإنما ترتبط بحالة أخرى لها علاقة بمعتقدها وتصورها , ولهذا فإنها وبلا إستثناء دمرت الأوطان التي سيطرت عليها.

فالتحدث بلغة وطنية مع أحزاب لا يعنيها الوطن ولا يهمها , نوع من الهذيان والإمعان بالخذلان , مما يترتب عليه المزيد من الإذلال والخسران.

وهذه الأحزاب بأنواعها ومسمياتها تنكر أن الدين بحاجة لوطن , مع إن إنطلاقة الإسلام لم تكن موفقة وناجحة لولا توطنه في المدينة , وتتغافل عن علاقة رسوله بمكة والمدينة , وتحسب أن الدين بلا وطن , وأن المهم الأمة والهيمنة على البلدان والإستحواذ على حقوق مواطنيها.

ففي عرفها حب الوطن ليس من الإيمان , ومعنى الوطن بلا كيان , والقوة هي السلطان , وأمّارات السوء التي فيها هي الشعار والعنوان , وبموجب ذلك أصبح الفساد من حسن التدين وهو البرهان.

ومن المستغرب أن تتحدث المجتمعات , التي ولّت عليها أحزاب دينية , عن الوطن والوطنية , وهي ليست في وعي الأحزاب ولا من أجنداتها , لأنها تدين بالتبعية والموالاة لأسيادها العقائديين بأنواعهم وأشكالهم , وكمثلها أحيانا الأحزاب القومية والشيوعية , وغيرها من الأحزاب التي تنكر الوطن وتهين المواطنين , ولا ترى إلا سرابات عقائدها وهذيانات تصوراتها , وما يتفوّه به بشرها المقدس الذي ألّهته وأوهمته بأنه لا ينطق عن الهوى.

كما أنها لا تعترف بالسيادة , وتحسب الأرض مشاعة والأوطان مستباحة , ومن حق الذين تتبعهم أن يصولوا ويجولوا فيها , فلا وطن يعلو على المعتقد ولا مواطن فوق الحزب , بل الجميع عبيد والوطن ساحة للتسابق على الفوز بالغنائم ونشر الفساد والإفساد بإسم الدين.

والمؤلم في الأمر أن الكثيرين من ذوي العمائم المتنوعة الألوان قد أصبحوا من التجار المهرة بالدين , وبضاعتهم البشر المسكين , الذي يضللونه ويخدعونه ويسوقونه إلى مصير أليم , وهم في قصورهم فارهين مسرورين , متنعمين بالنهب والسلب والإستحواذ على ممتلكات وحقوق الآخرين.

والمشكلة الأدهى أن المجتمعات لا تستيقظ , وتستلطف الذل والهوان والإمتهان من قبل هؤلاء الضالعين ببيع الأوطان , والمجتهدين بالعدوان على الشعب والأرض والبنيان , بموجب فريات ومسرحيات يكون فيها الشعب هو الضحية الكبرى والخاسر الأعظم , وما يصيبهم إلا مزيد من الثراء وتهريب الأموال والتنعم بالثروات والمكتسبات والإمتيازات.

فهل وجدتم حزبا من الأحزاب المدّعية بالدين قد خدم الوطن وأسعد المواطنين؟

وهل عرفتم السبب؟
فلا تتحدثون عن السيادة والوطن والوطنية مع أحزاب لا تؤمن بها ولا تعرفها , وليست من أدبياتها ومنطلقاتها.

تلك هي الأحزاب البائعة للأوطان وتحسب ذلك من الإيمان!!

فهل من نصرٍ على الضلال والبهتان؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here