وداعاً ابو ناصر ! ـ2ـ

د. مهندالبراك
[email protected]

و قد تميّز الفقيد ابو ناصر بروحه الاممية و مواقفه البارزة ضد التمييز بين الرفاق و الناشطين سواء كان على اساس قومي او مناطقي او موقعا حزبياً في قضايا الزمالات و العلاج و الراحة . . الخ في ذلك الزمان، و امتلك حاسة شم قويّة في ذلك . .
و من خلال احاديثه، كان نموذجه، القائد و المناضل العمالي الصلب عبد الامير عباس ابو شلال مرشح اللجنة المركزية لسنوات طويلة، ابو شلال الذي واجه انواع الصعوبات التي وصلت حد العقوبات الداخلية بسبب مواقفه المبدئية في زمان (الجبهة) مع البعث، ولابد من القول ان ابو شلال كان احد الرواد الاوائل في اعادة بناء تنظيمات الحزب التي هشّمها انقلاب شباط الاسود عام 1963 حين كان يتخفىّ في بيت عائلة ابو ناصر في جديدة الشط و حين كان الشاب الصغير طه ساعده الايمن . .
و قد اجاد ابو ناصر الجمع بين الدفاع عن مواقف الحزب و بين بث آرائه المخالفة او المغايرة فيما كان يجري حين اهملها التنظيم . . محافظاً على سلامة وحدة التنظيم و النشاط، و في وقت اجاد فيه العمل السري في ظروف الانصار حين كانت الامور تجري على المكشوف و كان من الصعب اخفاء الاسرار فيها في ظروف المجابهات المسلحة العلنية القاسية آنذاك.
و قد حملت الانباء في الثمانينات ان نشاط الشبكة التي كان يقودها في مناطق ديالى و في الخالص و جديدة الشط تحديداً، قد تكللت بنجاحات نادرة بين ابناء المنطقة آنذاك و خاصة بين الشباب من رافضي الحرب هناك التي بدى و كأنها نجحت في تكوين قاعدة مسلحة متقدمة هناك قرب بغداد العاصمة و قامت بعدة نشاطات سرية سياسية و عسكرية ضد ازلام الدكتاتورية . .
بعد شهور شمّت اجهزة الامن الصدامية رائحة تلك النشاطات وكونها منظّمة و لكن لم تحدد مصادرها، و بعد محاولاتها الفاشلة المتكررة بايقاف تلك النشاطات، شنّت القوات الخاصة المشتركة بحدود اواسط عام 1984 هجوماً كثيفاً على المنطقة و على رافضي الحرب و واجهت مقاومة نادرة في قرية جديدة الشط التي كانت قلب تلك النشاطات، مقاومة شاركت فيها نواة تلك القاعدة و عائلة ابو ناصر الكبيرة و تسببت باسقاط طائرة عمودية عسكرية و بقتل و جرح ماقارب العشرين عسكريا فيما استشهد و جرح ابطال تلك النواة الستة، ومن ابناء جديدة الشط و عائلة ابو ناصر الكبيرة.
و لنشاطاته المتنوعة اختير ابو ناصر عضوا في اللجنة المركزية للحزب اثر المؤتمر الرابع عام 1985 مصعّداً نشاطاته المتنوعة و بروحه المرحة النشيطة . . حتى ساهم مساهمة فعّالة في انتفاضة ربيع 1991 في كردستان و سقط مغشياً عليه فيها بسبب جلطة قلبية كما ورد آنذاك، و خرج الى الخارج للعلاج و الاقامة .
و قد استمرت لقاءاتنا و المكالمات التلفونية و النقاشات بيننا و هو على تلك الروح الوثابة و المتفائلة . . حتى غادرنا بشكل مفاجئ مؤلم بسبب مرض عضال لم يمهله طويلاً و لم يصدق احد غياب تلك القامة الكبيرة عنّا بغضون ايام فقط .
المجد كل المجد للقائد ابو ناصر و لرفاقه الاماجد !
(انتهى)

30 / 12 / 2018 ، مهند البراك

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here