تحالف البناء يسيطر على منصب محافظ بغداد ورئاسة المجلس بأيقونات سُنيّة

بغداد/ وائل نعمة

لأول مرة منذ 2003 تسيطر “أحزاب سُنية” على حكومة بغداد ومجلس المحافظة معاً، بعد جلستين مثيرتين لاختيار محافظين مختلفين للعاصمة رفضت رئاسة الجمهورية الاعتراف بهما.
وعلى الرغم من الانباء التي تحدثت عن تحكيم القضاء بالجلستين المنفصليتن لاختيار المحافظين، إلا أن الحقيقة أنه لم يتم تحريك أي دعوة قضائية حتى الآن.
ويعتقد أحد الفريقين المتخاصمين في بغداد وهو “الإصلاح”، بأن بقاء الأمر دون حسم، هو من مصلحة الطرف الآخر وهو “البناء” الذي بات يسيطر على المجلس والمحافظة عن طريق أحزاب سُنية مؤيدة له.
وينتمي رئيس المجلس رياض العضاض، الى جناح متحدون الذي انضم الى (البناء) بعد الانتخابات التشريعية الاخيرة.
وتمكن العضاض في 12 كانون الاول الماضي، من التشويش على جلسة لحلفاء “الإصلاح” في بغداد لاختيار محافظ بديل عن عطوان العطواني (دولة القانون) الذي فاز بمقعد برلماني، عقدوها بدون حضوره.
وبعدها بعشرة أيام عقد العضاض جلسة مع حلفائه “البناء” واختاروا محافظاً آخر من “دولة القانون”.
وأصبح لبغداد محافظان ونائبان، بعد فوز النائب السابق جاسم البخاتي (تيار الحكمة) بمقعد برلماني أيضا، فيما رفضت رئاسة الجمهورية التصديق على مخرجات كلا الطرفين.

ردّ رئاسة الجمهوريّة
وقالت رئاسة الجمهورية في 24 كانون الأول، بأنها كانت قد تلقت طلبين مختلفين من مجلس محافظة بغداد في تاريخين منفصلين، 16 و23 كانون الاول، يشيران الى اختيار محافظين اثنين.
ولذلك قررت الرئاسة “ضرورة البت في صحة وقانونية الجلسة الاولى من عدمها”. وطالب المجلس “بمراجعة القضاء للتحقق من قانونية الجلسة الأولى”.
ويقول سعد المطلبي، عضو ائتلاف دولة القانون في مجلس بغداد لـ(المدى) انه “لم يقدم أي طرف حتى الآن دعوى قضائية لحسم الأمر”.
ويبين المطلبي أن “الحوارات جارية للوصول الى حل نهائي”.
وكانت دولة القانون،قد أعلنت بعد الجلسة الاولى التي عقدها (الإصلاح) وتم اختيار فاضل الشويلي (تيار صدري) محافظاً، ومحمد الربيعي (تيار الحكمة) نائباً لها بأنها تبحث عن “أمر ولائي” من المحكمة لإلغاء مخرجات الجلسة.
وكانت “دولة القانون” قد تفاجأت في عشية الجلسة الأولى (12 كانون الأول)، بحسب ما يقوله الصدريون، بأنها قد خسرت الاغلبية في المجلس لصالح الطرف الثاني، لذلك نفت ان يكون العطواني قد كتب استقالته، وامتنعت عن الحضور مع حلفائها لوجود محافظ مستمر في منصبه.
وبحسب اتفاق سابق بين طرفي المجلس، أن يقدم العطواني استقالته في تلك الجلسة، حيث كان (البناء) متأكدا حينها من تمرير مرشحه فلاح الجزائري (دولة القانون) بديلا عن الاول، قبل أن يكتشف بأنه فقد الأغلبية.
وبدلاً من اللجوء الى القضاء، عقدت (البناء) جلسة ثانية، وعرضت بشكل مفاجئ وثيقة تؤكد استقالة العطواني من منصبه، وهو ما كان يرفضه رفاقه في الكتلة حتى قبل الجلسة الاخيرة بأيام.
ومع تعرض الصدريين لـ”الخيانة” من أطراف سياسية (بحسب وجهة نظرهم)، انتقلت الاغلبية الى الفريق الثاني، ليختاروا فلاح الجزائري محافظاً وعلي الهجيل (تحالف القرار) نائباً أول.

عقبَة العضّاض
ويقول ماجد الساعدي، عضو التيار الصدري في مجلس محافظة بغداد لـ(المدى) إن “العضاض عطّل المجلس في ذلك اليوم، ورفع جلساته بشكل مفاجئ الى منتصف شهر كانون الثاني الحالي”.
وكان العضاض، قد أفسد خطط التيار الصدري للمرة الثانية خلال تواجده في مجلس المحافظة، جلسة استجواب المحافظ الصدري السابق علي التميمي، والثاني ساهم في الجلسة التي عقدت 2017 في إقالة الأخير لصالح العطواني.
وبعد جلسة الصدريين وحلفائهم الاولى بـ24 ساعة فقط، عوقب عباس الحمداني (رئيس الجلسة التي عقدها الصدريون) بالفصل من المجلس بتهمة انتمائه الى حزب البعث،على وفق وثيقة حديثة صادرة عن هيئة المساءلة.
والحمداني هو عضو في كتلة متحدون، اختاره فريق الإصلاح بالاغلبية في جلسة 12 كانون الاول، كرئيس مؤقت للمجلس بعد رفض العضاض الحضور كما جرى الاتفاق مع حلفائه.
ويقول الصدريون، إن الحمداني تلقى “رداً قاسياً” بسبب موقفه، على الرغم من انه عضو لدورتين في المجلس، وصوّت في 2017 على اختيار العطواني محافظاً لبغداد، ورشح في 2018 إلى الانتخابات التشريعية.
واستمر العضاض، بحسب مايقوله عضو التيار الصدري، في إدارته “غير المحايدة” للمجلس، في معاقبة الفريق الثاني، حيث استبدل الحمداني، المتهم بالانتماء الى البعث، بـ(عبد الباسط إبراهيم) عن القائمة العربية، على وفق كتاب صادر عن مفوضية الانتخابات يوم 27 كانون الاول.
واللافت أن المفوضية نفسها أرسلت قبل ذلك الكتاب بـ7 أيام، كتاباً آخر الى رئاسة مجلس المحافظة، تقول فيه إن هيئة المساءلة “أوقفت الإجراءات” ضد عباس الحمداني، لذا يبقى الاخير في مكانه!
ويقول ماجد الساعدي إن “المساءلة تعرضت الى الضغط في إصدار القرار الاول، كما أن رئاسة الجمهورية تتعرض الى ضغوط سياسية”، فيما لم يوضح الجهات التي تقوم بذلك.
وأضاف الساعدي إن “رئاسة الجمهورية رفضت تقديم دعوى الى المحكمة لحسم الخلاف على الجلستين، ورمت الكرة في ملعب رئاسة مجلس المحافظة، التي ترفض بدورها تقديم دعوى”.
ويرى العضو الصدري، أن مايحدث هو لمصلحة العضاض وفريقه “إذ إن الأخير يسيطر على رئاسة المجلس، وكريم الزوبعي، النائب الاول للمحافظ،هومن نفس كتلة العضاض صار المحافظ بالوكالة”.
وخسر الصدريون الاغلبية خلال عشرة أيام فقط، بعد الجلسة الاولى التي عقدها الاول مع حلفائه، بعدما تعرض بعض الاعضاء الى “التهديد بفتح ملفات اجتثاث البعث، وإغراء آخرين بمناصب مثل علي الهيجل”، على وفق مايقوله الساعدي.
وانتخب فريق العضاض في الجلسة الثانية الهيجل، وهو عضو سُني في جناح (البناء)، كنائب اول للمحافظ، واستبدل موقعه في المجلس بـ(أركان فخري) وهو مرشح سابق عن تحالف القرار في بغداد.
ويعتقد ماجد الساعدي، أن بقاء بغداد بدون محافظ وعدم وجود حوار سياسي لاختيار المحافظ، وتعطل المجلس “سيؤثر على المشاريع وعلى إقرار موازنة المجلس لعام 2019”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here