كيف كانت علاقة محمد وعلي واهل البيت (عليهم السلام) بالنصارى واهل الكتاب؟

بقلم: البروفسور الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

لا يمكن ان تمر التصريحات الأخيرة حول التعامل السلبي بالنسبة لاعياد الاخوة من الأديان الأخرى وبالذات الاخوة المسيحين دون مسائلة قانونية لأنها من قبل اشخاص يتحملون مسؤولية ذات أهميةاجتماعية وخاصة تلك الاهمية تنطلق من موقعهم الديني. وبما ان هذه التصريحات تغذي روح الكراهية والعنصرية والبغضاء وتألب بشكل مباشر او غير مباشر ضد مكونات مهمة في المجتمع فأن الحكومة (الغير مكتمله) او الاصح (المنقوصة) يجب ان تتحمل مسؤوليتها امام حماية تلك المكوناتمن التصريحات التحريضية وايقافها ليس لانها تحرض على الكراهية والعنصرية ولكنها لا تمت لروح الدين الإسلامي بصلة. فالدين الإسلامي هو دين محبة ورحمة وتسامح وعدم اكراه وتعايش سلمي واخوة. وكان الاجدر باصحاب تلك التصريحات ان يحاربوا فسادهم المالي والإداري والتلكأفي أداء الواجبات والعمالة للاجنبي والذي ينتج عنه ظلم اجتماعي وتخريب له آثار سلبية تفوق كثيراً ما كان يعنيه هؤلاء.

ان الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وهم له وهو يحبهم وهو يمدهم بالحياة ولايستثني احداً منهم من الموت وهو الذي امر رسوله الحبيب المصطفى حيث قال له: انما انت مذكر لست عليهم بمصيطر …. وقال له سبحانه: ولو شاء ربك لامن من في الأرض كلهم جميعاً. أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟ وهو الذي قال في النصارى ما يلي: ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون. ولقد تعايش النبي مع اليهودوالنصارى في المدينة بسلام كمواطنين لهم ما لهم وعليهم ماعليهم مثلهم مثل المسلمين وقد دعاهم باهل الذمة أي بالتعبير المعاصر مواطنين وتعبير اهل الذمة أي انهم في عهد الله ورسوله وفي ذمتهم فمن اعتدى عليهم اعتدى على ذلك العهد وتلك الذمة الإلهية والنبوية. ولقد اعطاهمرسول الله مسجده النبوي في المدينة ليقيموا قداسهم وصلاتهم فيه عندما قدموا اليه من نجران. وقد حض الله في القران الكريم اكثر من مرة على عدم اكراه الاخرين على الدين أي يشمل ذلك عدم اكراه الغير ومنهم اهل الكتاب على اتباع افكارك وارائك بل قال لهم تعالوا الى كلمةبيننا وبينكم سواء الا نعبد الا الله ولايتخذ بعضنا بعض ارباباً ….. كما وامر برد التحية للغير…. فأن حييتم بتحية فردوها او احسن منها ….. وقد قبل رسول الله الهدية من اهل الكتاب وحتى من المشركين … وقد استأجر رسول الله في هجرته الى المدينة مشركاً هو أبناريقط ليكون دليله على طريق مكة المدينة … ليس هذا فقط فقد كان يعود مرضى اهل الكتاب ويدعوا لهم بالشفاء ومنهم القصة المشهورة في عيادة اليهودي الذي كان يرميه من فوق البيت بالروث والتراب وعندما انقطع ذلك الاذى سأل رسول الله عنه فقيل له بان ذلك اليهودي قد مرضفعاده ودعا له مما جعل ذلك اليهودي يسلم ويعتذر عما بدر منه …. هذا هو دين محمد (صلى الله عليه واله وسلم) هو دين الرحمة الذي قال فيه ربه وما ارسلناك الا رحمة للعالمين. هو ليس دين كراهية وبغضاء وتشاحن بين مكونات الوطن الواحد ……. هو دين علي (عليه السلام) الذي قال فيه: الخلق صنفان اما اخو لك في الدين او اخو لك في الانسانية … والذي قال فيه: الحكم يبقى مع الكفر ولايبقى مع الظلم … وأيما ظلم نتج وينتج عن ساسة عراق ما بعد ٢٠٠٣ تجاه البلد الذي خربوه ودمروه وافسدوا فيه باسم الدين والدين ومحمد وعلي والحسين وعمرمنهم براء.

ان المسيحيون العراقيين والعرب وغيرهم اخوة لنا يركبون نفس السفية التي اذا غرقت غرق الجميع واذا ازدهرت ونجت نجا الجميع. ومنهم جرجي زيدان وجورج جرداق وشبلي شميل الذين كتبوا في الامامعلي ما لم يتمكن من كتابته مسلم. ومنهم ذلك الفتى المدعو (وهب النصراني) الذي استشهد مع الحسين (عليه السلام) ومنهم ذلك الفتى النصراني من (نينوى) الموصل حالياً (عداس). وعداس هذا هو الذي جلب لرسول الله العنب والماء بعد ان ادميت قدماه عندما فر الى الطائف من مكةولكنه لم يجد الا الحجارة التي رموه بها وادمته فركن الى بستان ودعا ربه بدعاء فبعث له الله (عداس) بعنب وعندما اكل منه قال بسم الله فتعجب عداس وقال ان هذا كلام لايصدر عن اهل هذه البلاد فسأله رسول الله من أي البلاد انت فقال من نينوى فقال له رسول الله ذلك بلد يونسفقال عداس كيف عرفت ذلك قال رسول الله انه اخي فأنا نبي وهو نبي فاسلم بعد ذلك عداس. هناك قصص كثيرة ونكتفي بقصة الامام علي عندما مر بجيشه على بغداد فاراد ان يغتسل فوضع له الماء في خربة وعندما دخل وجد على جدرانها صور فعرف بانها كانت كنيسة .. وعندما اخبر أصحابهقال له احدهم لطالما اشرك بالله هنا فقال الامام علي: بل لطالما عُبِدَ الله هنا …. وكان عليه السلام يقصد ان الانسان النصراني كان يبحث عن الله في الكنيسة ليعبده كما ان المسلم يبحث عن الله في المسجد ليعبده وهذا هو المفهوم الإنساني الصحيح الذي لا كراهية ولا اكراهفيه … انه مفهوم محمد وعلي الذي كان يقول من آذى ذمياً او انجيلياً فقد آذاني … ومن عهد علي (عليه السلام) في النصارى حيث قال عليه السلام، بان نصارى نجران لايضاموا ولايظلموا ولاينقص من حقهم شيئاً … وهل سمعتم بقصة النصراني الذي دافع عن الامام الحسين في مجلسيزيد بن معاوية وحاججه بانتمائه لامه فاطمة؟ وهل قرأتم قصة ذلك الراهب الذي اعتنى برأس الحسين وبيته لديه ليلة واحدة وهو يبكي؟ الم يشارك نصارى العراق بعزاء الحسين في كل عام؟ فهؤلاء من ذلك الراهب وذلك الرومي في مجلس يزيد وذلك الصبي عداس وذلك اليافع وهب وغيرهممن رهبان وقسيسين هم اخوان لنا يتبعون كلمة الله التي القاها الى مريم اسمه المسيح اخو رسول الله (عليهما السلام). فالذي يقدم لك العزاء بالحسين أولى بان تقدم له التهنئة بعيده بل وتشاركه ذلك وتفرح لفرحه وتحزن لحزنه كما فعل محمد وعلي واهل البيت عليهم السلام كلهم ….

المسيحيون في انحاء العالم يحتفلون بولادة المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) وعيسى بن مريم كلمة الله القاها الى مريم (عليها السلام) وهو من المقربين في الدنيا والاخرة وسواء اختلف بتوقيتولادته ام لا فلا ضير من تقديم التهاني بذلك العيد للذين يحتفلون به…. ان الأديان كلها أسست على أساس واحد هو عبادة الله الواحد رغم اختلاف التسميات وان الاختلاف في الفهم لذلك الاله الواحد موجود حتى في المذاهب الإسلامية المختلفة فمنها من يجسده ومنها من يجعلصفاته جزءاً منه ومنها من يطلق غير ذلك وبالتالي فأن الله ينظر الى عمل الكافر فيحبه لانه قد ينطوي على العدل والمساواة والرحمة وينظر الى عمل المسلم فيكرهه لانه قد ينطوي على الظلم والقتل والقسوة (وقد هنا للحصر حتى لايفهم من ذلك التعميم).

اننا ندعو الذين يمتهنون الدين من كل الاطياف ان يكون لهم بمحمد وعلي واهل البيت اسوة حسنة وان لايشيعوا الكراهية والعنصرية بل المحبة والالفة والتراحم والاخوة في الانسانية (مبدأ علي) وندعوأصحاب القرار رغم مصادرته بفواتير الفساد ان ينتبهوا لذلك وان يعملوا على منع تكرار التصريحات التي تدعو للكراهية بين مكونات الوطن الواحد. فالاخوة المسيحيون هم بناة في هذا الوطن منذ الالاف السنيين وحتى قبل الإسلام. والذي لديه رأي ليطرحه باحترام ودون تجريح اواتهام الاخرين بالفساد وهو ليس صحيح لانه تعميم وشمولية يتبعها الضن وان بعض من الضن أثم……. وتبينوا ان تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ……

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here