أَصدَقُ الدُّموعِ في رِثاءِ الصديق

محمود الوندي

يثير الموت في قلوبنا الرهبة الكبرى!! وحيث نبكي على الراحل، كما نذكره مرارة وألم وشعور بالغ بفقدانه، ونذرف الدمع في وداعه. إن كل الآمنا ودموعنا وفرقنا وقلقنا لأننا لن نلتقي بعد اليوم في دنيانا، ولو نحن سائرون إليه شئنا أم أبينا؟ فكل شخص مهمــا طال غيابه لا بد وانه الى اهله يؤوب… ولكن هناك رحلة الى الدار الأخرة ولم نعد فهذا قدرنا !!!
لإن تراجيديا الموت، بكل قسوته وفداحته ومرارته، التي تغور جروحه عميقاً في القلب، وتستوطن أوجاعه في ثنايا الروح، وقد لا تبرحها، قبل غياب الروح المكتوب منذ الأزل، لولا نعمة النسيان، التي من الله بها على الإنسان.
وحسرة القلب المعجونة بالاهات لا تخفف من اللوعة والقهر بفقدان الصديق العمر “إبراهيم حسن الباجلان” الذي صدمني نبأ وفاته ورحيله الابدي مودعـا هذه الدنيـــا (بعد صراع طويل مع المرض الخبيث). لان كان عنوانا عريضا للإنسانية والصداقة, ونبعا متدفقا للخلق المتسامي والشرف العالي، وكان يتلمس فيه القيم الاخلاقية العالية والصلابة الفكرية كمناضل وجهادي من اجل قوميته، وفي سبيل عراق خال من الدكتاتورية.
نعم إنها فاجعة ، أنه صديقا مخلصاً ووفياً لصداقته، وله مواقفا شامخة على انف الزمن، وانه خلف تراثا ممسقا من الاشراقات والعطاءات ، كان ملتزما بالوطنية والقومية الحقة بأن أيمـانه كان قويـا وعزيمته كانت الأقوى. وكان شخصية اجتماعية معروفه في محافظة ديالى ومدينته خانقين، وكان يمتع بكل الصفات الانسانية والاخلاقية فهو متواضع وانسان بسيط يحب الناس والناس تحبه ، لقد وجد فيه الأصالة الأخلاق والبعيدة كل البعد عن مغريات الدنيا والمنافع الذاتية، إضافة الى نظارته وابتسامته التي كانت لا تفارقه لحظة. وبذلك فقدت مدينة خانقين شخصية عرفت بالطيبة ودماثة الخلق وحب كوردستان والعراق .
ولا خطرت ببالي رحليك يا صديقي كان مرّاً.. هل تعلم بأن رحيلك أضاع النور في حلك الليالي .. فذكرك سوف يحيا في خيالنا وقلوبنا .. سيبقى أسمك في رحاب الخلد نسراً
لقد رحلت يـا صديق العمر عنا وفضلت البقاء حيث رحلت، وتركت في نفوسنا لوعة من النار والحسرة، نعم رحلت ايهـا العزيز، ورحيلك بهذه العجالة قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة، وفي عيونهم دمعـا ، وفي قلوبهم غصة … كنـت اتمنى ان اكون في مديتنا الحبية “خانقين” يا زميلي وصديقي لتوديعك الى مثواك الأخير … فنم قرير العين في مثواك السرمدي يـا قرة عيني، ومهجة قلبي، فمـا هذه الدنيــا الا دار فناء وزوال ، لكنك رغم بعادك عنـي فانت تعيش في عقلي، ووسط قلبي ، وفي ضميري .
تؤم الناس بيتك كي تعزي
ولكن من يعزيني بحالي
نعم الموت حق على جميع الناس، ولكن حينمــا يموت الأنسان ويترك اثـارا حسنة فهذه نعمة من الله، فالمرحوم الباجلان مات بعد مسيرة حافلة بالعطاء الإنساني والأخلاقي اكسبته سمعة طيبة بين اصدقائه ومعارفه وبين اهالي مدينة خانقين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here