صدام حسين بين الأردن و السويد

بقلم مهدي قاسم

مع حلول ذكرى يوم شنق الطاغية البائد صدام حسين استنفر البعثيون كل إمكانياتهم لإقامة احتفالات (باشتراك مع عرب آخرين
لا زالوا متيمّين ومتلوعين بحب و عشق صدام !! ) لتعظيم و تمجيد بهذا الدكتاتور الذي يرجع الفضل، بالدرجة الأولى ، لروعنته و طيشه غير المحدودين في هواية الحروب و المعارك الداخلية و الخارجية ، لما فيه العراق اليوم من مآسي ومحن وطنية عديدة لا تني تتجدد وتتفرع بمحن
ومصائب جديدة و جديدة ..

و قبل هذا و ذاك كان الطاغية البائد ديكتاتورا قاسيا و ساديا همجيا في تعذيب و إبادة مواطنيه من العراقيين و غيرهم ،
حاله في ذلك حال كل من هتلر و ستالين وبول بوت و بينوشيت و غيرهم ، ولأنهم كذلك فأن حكومات قائمة على مؤسسات الدولة الدستورية والقانونية الراسخة لم ولن تسمح بإقامة احتفالات أو نشاطات تمجيد بهم على أراضيها ، سواء كان الأمر ، يتعلق بهتلر أو بصدام أو بغيرهما من
ديكتاتوريين سفاحين عتاة ، لأن ذلك يتعارض تماما مع دساتير تلك البلدان الديمقراطية العريقة التي ليست من عادتها التجاوز على بنود الدستور أو مواد القانون مع الإصرار على التمسك الدائم باحترامها والالتزام بها ، و بالضبط هذا ما فعلته الجهات الرسمية السويدية عندما
علمت بنوايا البعثيين على هذا الصعيد ، طبعا بفضل اعتراض العراقيين اللاجئين في السويد ، و الذي أدى إلى سحب الترخيص و إحباط محاولات البعثيين بتمجيد و تعظيم بطولات الديكتاتور ، الذي لم يخض حربا إلا فقد أجزاء من الأراضي العراقية سواء مع إيران أو الكويت ، فضلا
عن تخلي عن أراض عراقية واسعة لكل من الأردن والسعودية ناهيك عن معاناة العراقيين و جوعهم وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة اليومية أبان الحصار الاقتصادي الطويل ، كل ذلك بسبب طيشه و روعنته و نرجسيته الجوفاء..

إذن فهكذا تصرفت الجهات الرسمية السويدية أو السويد التي تحتضن على أراضيها عشرات الأف من العراقيين اللاجئين ضامنة لهم
السكن المجاني و العيش المرفه النسبي ، مع توفير الطبابة و التعليم المجانيين مع إعطاء فرص لتطوير المواهب ، أن وُجدت عند أحدهم ، و بغض النظر عن من يعمل منهم أو لا يعمل قطعا !..

ولكن في مقابل السويد سمحت الجهات الأردنية ا للبعثيين العراقيين المقيمين هناك بإقامة هكذا احتفال ـ و أن انتهى بفضيحة
ضرب بالكراسي بين أنصار صدام و الملك عبد الله إذ كل واحد منهم أخذ يمجده صّنمه المعبود !!..

هذا في الوقت الذي تحصل الحكومة الأردنية على مساعدات ” نفطية ” من العراق إلى جانب تسهيلات مالية واقتصادية أخرى بينما
العراقيين لا يحصلون من أغلب الأردنيين غير الإساءة أ والمعاملة السيئة عند إنجاز معاملات رسمية أو أثناء الدخول عبر الحدود الدولية بين البلدين ؟!! .

و أخيرا :

قد تكون مسألة الاحتفال بصدام أمرا ليس بذي أهمية تذكر بالنسبة للبعض ، غير إننا نتحدث هنا عن عن ثلاثة أمور أحدهم :مسألة
احترام الدستور و القوانين والتمسك بهما حرفيا مثلما جرى في السويد ، على عكس من السلطات الأردنية ، و ثانيهما نكران الجميل للمساعدات العراقية السخية المقدمة للأردن على مدى السنوات الماضية ، مقابل لا شيء تقريبا ..

أما ثالثهما هو عدم قيام البعثيين بتغيير نهجهم التآمري بالرغم ما سببوه للشعب العراقي من كوارث وطنية فظيعة ، إذ كان
من المفترض بعد كل هذه المأسي أن يغيروا نهجهم عبر إدانة جرائم صدام ضد الإنسانية مع تقديم اعتذار ، مثلما فعل الحزب الشيوعي السوفياتي بزعامة خرتشوف عندما أدان جرائم ستالين علنا ، و كذلك الأحزاب الشيوعية الأخرى في دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الأنظمة الاشتراكية
مع التزامهم بالعبة الديمقراطية في النظام السياسي القائم بعد انهيار نظامهم الاشتراكي والانخراط بالوضع السياسي الجديد بدون مؤامرات أو إعمال إرهابية

لهذ فيبدو البعثيون أن أمرهم ميؤوس منه تماما :

ــ إذ يبدو أنهم مثل ذيل الكلب الأعوج ــ مع شديد اعتذاري من ذوي أذواق ارستقراطية مهذبة و مرهفة جدا لاستخدامي مفردة
كلب !! ــ أقول يبدو أنهم لا يُعدلون ولا يتعدلون أبدا ، بل ليس عندهم أية نية في تعديل و استقامة أنفسهم ، غير الانخراط في أعمال تآمرية مع منظمات إرهابية في عمليات الغدر و القتل و التخريب و إلى ما لا نهاية ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here