نص حوار اذاعة الفرات مع المتحدث الرسمي للمحكمة الاتحادية العليا

اجرت اذاعة الفرات حواراً مع المتحدث الرسمي للمحكمة الاتحادية العليا إياس الساموك ضمن برنامجها الاسبوعي قراءات تشريعية، وفيما يلي نصه:-

* المقدم: ما هو الاساس الذي قامت عليه المحكمة الاتحادية العليا؟

المتحدث: أن الامتداد التاريخي لوجود المحاكم الدستورية والاتحادية في العالم يعود إلى حاجة المجتمعات إلى تنظيم العلاقة بين مكوناتها، حيث ظهرت مجموعة من القواعد عرفت في وقت لاحق بالقوانين، وأن القاعدة التي ترتكز عليها تلك القوانين هو الدستور الذي يعدّ المصدر الرئيس الذي تستند إليها السلطات وتكتسب منه شرعيتها لاسيما موضوع الحريات العامة.

وقد تنحرف السلطات عن تطبيق احكام الدستور وتصدر ما يخالفه، ومن هنا اتت الحاجة إلى معرفة الجهة التي تتولى الرقابة على الالتزام بالدستور، وهذا يفرض وجود جهة قضائية عليا تسمى بالمحكمة الدستورية أو المحكمة الاتحادية العليا أو المجالس الدستورية.

أن الدستور العراقي واكب التطوارات، وأوجد لنا المحكمة الاتحادية العليا بوصفها الهيئة
أن الدستور العراقي واكب التطوارات، وأوجد لنا المحكمة الاتحادية العليا بوصفها الهيئة القضائية العليا في العراق من حيث الاختصاص والاشخاص حيث يمتد اختصاصها إلى جميع التراب العراقي.

* المقدم: افهم من هذا الكلام أن امتداد سلطان المحكمة الاتحادية العليا يكون إلى اقليم كردستان.

المتحدث: نعم بما فيها اقليم كردستان، وهناك العديد من الدعاوى التي كان طرفها الاقليم، ومن بينها دعوى الطعن بعدم دستورية قرار اقليم كردستان بخصوص اجراء استفتاء الانفصال عن العراق حيث كان المدعي عليه رئيس اقليم كردستان/ إضافة لوظيفته.

* وما هي اهمية وجود المحكمة الاتحادية العليا في العراق؟

المتحدث: اهمية المحكمة الاتحادية العليا تأتي من باب الرقابة التي تمارسها على ما يصدر من السلطات من قوانين وتنظيمات، لمعالجة اي تجاوز يحصل على الدستور لاسيما في موضوع الحريات العامة والمساواة، وموضوعات اخرى تخص جميع العراقيين، لاسيما وأن اثر ما يصدر عن المحكمة الاتحادية العليا لا يخص فقط المتنازعين، انما حالة عامة، مثل الغاء قانون معين يتنظم حالة عامة.

* المقدم: ما هو موقع المحكمة الاتحادية العليا من المحاكم التابعة لمجلس القضاء الاعلى؟.

المتحدث: هناك خلط لدى الرأي العام فهناك من يعتقد أن المحكمة الاتحادية العليا جزءً من مجلس القضاء الاعلى، وهذا غير صحيح، كون الدستور العراقي وفق المادة (89) منه، نص على أن السلطة القضائية الاتحادية تتكون من عدة مكونات، اعلاها المحكمة الاتحادية العليا ومن ثم مجلس القضاء الاعلى، ومحكمة التمييز الاتحادية، وجهاز الادعاء العام، وهيئة الاشراف القضائي، اذن أن المحكمة الاتحادية العليا بموجب الدستور وقانونها هي هيئة قضائية تتمتع بالاستقلال المالي والاداري، وليست تابعة لمجلس القضاء الاعلى، انما هناك هرم للسلطة القضائية الاتحادية اعلى الهرم هو المحكمة الاتحادية العليا.

* المقدم: ما هو تاريخ المحاكم الدستورية في العراق؟

المتحدث: بعض دساتير العراقية اشارت إلى وجود محاكم دستورية، في العهد الملكي كانت هناك محكمة دستورية عقدت لمرة واحدة بارادة ملكية وهذا يطرح سؤالاً اذا كانت هناك محكمة تنعقد بارادة خارجة عن ارادتها هل ستكون مستقلة؟، كما أن دساتير العهد الجمهوري اشارت إلى وجود محاكم دستورية لكنها لم تعقد اي جلسة.

بعد عام 2003، وعند استحداث السلطة القضائية الاتحادية بوصفها سلطة مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية جاءت الضرورة لوجود المحكمة الاتحادية العليا، وأن تمارس دورها بما يواكب التطور الخارجي، حيث تمت الاشارة لها في اول مرة في قانون ادارة الدولة العراقية، ومن ثم جاء قانونها بالرقم (30) لسنة 2005 الذي صدر خلال الحكومة الوطنية برئاسة الدكتور اياد علاوي، حيث وضع لها هذا القانون بمجموعة اختصاصات، ومن ثم جاء الدستور الحالي واضاف اختصاصات اخرى ومن ثم قوانين لاحقة اضاف اختصاصات اخرى.

* المقدم: متى باشرت المحكمة الاتحادية العليا مهامها؟

المتحدث: أن المحكمة الاتحادية العليا باشرت مهامها بعد صدور قانونها في عام 2005، حيث تم فتح باب الترشيح لعضويتها في مجلس القضاء الاعلى الذي عقد جلسة الاشهر الاولى من العام ذاته، حيث تم ترشيح ما يقارب 120 قاضياً لها، وقام مجلس القضاء الاعلى باختيار 27 منهم، وهم ثلاثة اضعاف العدد المطلوب وتم ارسال اسماء المرشحين إلى رئاسة الجمهورية التي اختارت رئيس وثمانية اعضاء يشكلون حالياً المحكمة الاتحادية العليا وقد صدر لهم مرسومين جمهوريين، الاخير حمل توقيع رئيس الجمهورية الاسبق المرحوم جلال طالباني.

وبالتالي، فأن المحكمة الاتحادية العليا تمارس اختصاصها الان بموجب ما نص عليه قانونها والدستور والقوانين اللاحقة للدستور من اختصاصات.

يأتي السؤال عن سبب وجود اختصاصات نص عليها الدستور، حيث أن هذه الاختصاصات رئيسة لا يمكن انتزاعها من الا بموجب تعديل الدستور، اما الاختصاصات الاخرى بموجب القوانين اللاحقة أو السابقة يمكن التعديل عليها بالاضافة على سبيل المثال، كون الدستور لم ينص على أن هذه الاختصاصات لا يمكن الاضافة عليها بل وضعت لبنة رئيسة لا يمكن انتزاعها أو التلاعب بها من خلال القوانين، في مقابل ذلك يمكن الاضافة عليها بموجب القوانين مثل ما حصل في قانون مجالس المحافظات غير المنتظمة باقليم وكذلك قانون احكام الترشح لمنصب رئيس الجمهورية و قانون الاحزاب السياسية، التي اضافت اختصاصات اخرى للمحكمة.

* المقدم: ما هو ابرز اختصاص للمحكمة الاتحادية العليا

المتحدث: أن ابرز اختصاص للمحكمة الاتحادية العليا هو الرقابة على دستورية القوانين والانظمة من خلال الدعاوى التي تعرض امامها للطعن بالدستورية، لكن ثمّة امور يجب توضيحها هنا، أولها أن ما يتم الطعن فيه يجب أن يكون نافذاً وذلك أن النص الدستوري المتعلق بهذا الاختصاص انتهى بكلمة (النافذة)، وهذا يعني أنه استكمال جميع طرق النفاذ، وعلى سبيل المثال أن الدستور العراقي نص على أن القوانين تعد نافذة من تاريخ نشرها إلا اذا نص على موعد اخر للنفاذ.

والامر الاخر أن ما يتم الطعن فيه يجب أن يكون ما زال نافذاً، ولم ينته بتنفيذه، على سبيل المثال هو عدم وجود جدوى من الطعن بفقرات في قانون موازنة عام 2016الان، كون تلك الموازنة تم تنفيذها في ذلك العام وانتهت.

* المقدم: هل هناك سقفاً زمنياً للطعن بالقوانين؟

المتحدث: أن الطعن بعدم دستورية القانون التي ما زالت نافذة غير مرتبط بوقت، حيث أن رد المحكمة الاتحادية العليا لدعوى الطعن بعدم دستورية مواد في قانون الاحوال الشخصية على سبيل المثال جاء كونها لا تخالف الدستور وليس من ناحية أن التشريع قديم، كما أن المحكمة الاتحادية العليا اصدرت حكماً بعدم دستورية قرار لمجلس قيادة الثورة المنحل، أي أن القرار المطعون بعدم دستوريته صدر قبل عام 2003.

* المقدم: هل بامكان اي مواطن اقامة دعوى امام المحكمة، ولماذا وضع شرط أن تكون من خلال محام ذي صلاحية مطلقة؟

المتحدث: بامكان اي مواطن رفع دعوى للطعن بعدم الدستورية عبر محامي ذو صلاحية مطلقة، والسبب في أن الدعوى يجب أن تقام من خلال هذا المحامي هو تأمين لحقوق المواطن نفسه الذي قد يجهلها، لان ما يصدر عن المحكمة لا يخص
فقط الاطراف المتنازعة انما قد يهدم حالة موجودة منذ سنوات كونها مخالفة للدستور تخص جميع العراقيين.

* المقدم: ما هو دور المحكمة الاتحادية العليا في المصادقة على نتائج الانتخابات؟

المتحدث: بعد أن تنجز المفوضية العليا المستقلة للانتخابات كامل الاجراءات الخاصة بنتائج الانتخابات التي تصبح نهائية تتولى ارسالها إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها بعد تفحص اسماء الفائزين لاصدار قراراً بهذا الشأن الذي يرسل بكتاب رسمي لرئاسة الجمهورية لغرض الدعوة لعقد الجلسة الاولى لمجلس النواب.

* المقدم: هناك سابقة بأنه وبعد مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات قامت باعادة العد والفرز اليدوي.

المتحدث: حضرتك تشير إلى ما حصل في عام 2010، أن الاجراءات التي تتحدث عنها قد جرت قبل المصادقة على نتائج الانتخابات، كوننا سنكون بعد المصادقة امام مدد زمنية لعقد الجلسة الاولى لمجلس النواب.

* المقدم: ما هي المدد الزمنية الخاصة بالطعن في نتائج الانتخابات؟.

المتحدث: هذه المدد اشار إليها قانون انتخابات مجلس النواب التي تمتد على حوالي اسبوعين، حيث أن النتائج تصدر من المفوضية اولية قابلة للطعن امام المفوضية ذاتها ومن ثم الهيئة القضائية الانتخابات لتعود بعد ذلك النتائج إلى المفوضية وتصبح نهائية ومن ثم ترسل إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها حيث تتم المصادقة وترسل بكتاب رسمي إلى رئاسة الجمهورية التي بدورها تصدر مرسوم جمهوري بعقد الجلسة الاولى لمجلس النواب.

* المقدم: وماذا عن مهمة المحكمة بخصوص تفسير نصوص الدستور؟

المتحدث: ان المحكمة الاتحادية العليا تتلقى طلبات من جهات رسمية لتفسير نصوص الدستور، حيث هناك العديد من الاحكام التي صدرت بهذا الصدد في مقدمتها حكمها التاريخي في العام الماضي بعدم جواز تأجيل الانتخابات وضرورة التقييد بما نصت عليه المادة 56 من الدستور المتعلق بعمر الدورة الانتخابية وهنا قد ادت الدور الرئيس والمهم في انجاز الانتخابات وتشكيل مجلس النواب والحكومة الحالية.

* المقدم: ما هو دور المحكمة الاتحادية العليا بخصوص توجيه الاتهامات إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء؟

المتحدث: بالنسبة لاختصاص المحكمة الاتحادية العليا للفصل في الاتهامات الموجهة للعناوين الواردة في النص الدستوري يمكن اعتباره معطلاً كون النص انتهى بعبارة (ينظم ذلك بقانون)، وهذا القانون لم يصدر لغاية الان.

* المقدم: يبدو أن العملية السياسية خاضعة للتوافق وهو ما يمنع اصدار هذا القانون، ما هو تعليقك على هذا الامر؟

المتحدث: أن تقدير الموقف السياسي يعود للمراقبين والمختصين، ونحن لا نتدخل في الشان السياسي كون عملنا دستوري وقانوني بحث.

* المقدم: ان امتناع الضيف عن الادلاء بموقف سياسي دليل على حيادية المحكمة وأنها تتمتع بقدسية واحترام والابتعاد الشامل عن المواقف السياسية، لكن ماذا عن اختصاص المحكمة بخصوص المادة 52 من الدستور؟

المتحدث: أن هذا الاختصاص يتعلق باحكام الاعتراض على المقعد النيابي وفقاً للسياقات المنصوص عليها في المادة 52 من الدستور، حيث يمكن لمن يعتقد بأن هذا المقعد من حصته الاعتراض امام مجلس النواب، وأن ما يصدر المجلس من قرار يكون
قابلاً للطعن امام المحكمة الاتحادية العليا التي اصدرت احكاماً عديدة بما يتفق مع ارادة الناخب العراقي.

* المقدم: هناك دور للمحكمة الاتحادية العليا وفقاً لقانونها بخصوص النظر التمييزي فيما يصدر عن القضاء الاداري؟.

المتحدث: أن هذا الاختصاص تم تعديله بموجب احدى تعديلات قانون مجلس شورى الدولة الذي يطلق عليه الان قانون مجلس الدولة، حيث خرج هذا الاختصاص عن المحكمة الاتحادية العليا، وهو اختصاص سابق لها.

* المقدم: ما هي حجية احكام المحكمة الاتحادية العليا ونافذها، لاسيما أن ما يصدر عن بقية المحاكم خاضع لطرق الطعن المنصوص عليها القانون.

المتحدث: أن هذا الموضوع محكوم بموجب المادة 94 من الدستور التي قالت بصريح العبارة أن ما يصدر من المحكمة الاتحادية العليا من احكام وقرارات بات وملزم للسلطات كافة، أما بالنسبة للنفاذ، فقد اصدرت المحكمة الاتحادية العليا في وقت سابق حكماً بناء على طلب ايضاح ورد اليها يتضمن سؤال عن موعد نفاذ احكامها، حيث

اكدت المحكمة أن نفاذ احكامها يبدأ من تاريخ الصدور، الا اذا نص الحكم على موعد اخر.

* المقدم: ما هي ابرز الدعاوى التي حسمتها المحكمة الاتحادية العليا خلال العام الحالي؟

المتحدث: أن العام الماضي للمحكمة الاتحادية العليا كان مميزاً من حيث معدلات الحسم، حيث حسمت اكبر عدد من الدعاوى طوال تاريخ القضاء الدستوري في العراق، من خلال حسم 220 دعوى، حيث أن عام 2017 حسمت فيه المحكمة ما يقارب 140 دعوى دستورية اي أن زيادة حصلت اقل من الضعف بقليل، وأن ابرز الدعاوى المحسومة خلال العام الماضي تتعلق بالاستجوابات، حيث اكدت المحكمة الاتحادية العليا أن دورها هو النظر في الاجراءات الشكلية للاستجواب المنصوص عليها في الدستور أما تقويم الوقائع يعود لمجلس النواب وبهذا قد حفظت الدور الرقابي لمجلس النواب، كما أن المحكمة وكما ذكرنا سابقاً الزمت اجراء الانتخابات في موعدها، وكذلك احكام تخص المساواة بين العراقيين بخصوص الرواتب التقاعدية من خلال الحكم بعدم دستورية مادة في قانون مجلس النواب وتشكيلاته.

* المقدم: هل من الممكن أن تعطون ملخصاً عن دعوى الرواتب التقاعدية؟

المتحدث: أن المحكمة الاتحادية العليا نظرت طعوناً تتعلق بمواد في قانون مجلس النواب وتشكيلاته واحدى تلك المواد هي مادة تعطي راتباً تقاعدياً لرئيس مجلس النواب ونوابه والاعضاء مختلفاً عن ما نص عليه قانون التقاعد الموحد، حيث أن المحكمة وجدت أن ذلك يتعارض مع نص الدستور على المساواة بين العراقيين وحكمت بعدم دستوريته من هذا الجانب، إذ أن القضاء الدستوري يعد مبدأ المساواة من اهم المبادئ الذي يستند عليه في اصدار احكامه.

* المقدم: هناك دعوى غريبة تتعلق بأن شخصاً طلب انتخابه رئيساً للجمهورية ما هي؟

المتحدث: أن المحكمة الاتحادية العليا تلقت دعوى من احد المواطنين يطلب فيها ابطال انتخاب رئيس الجمهورية واعادة جلسة الانتخاب وترشيحه أو الحصول على مخصصات رئيس الجمهورية طيلة مدة ولايته البالغة اربع سنوات، والمحكمة عقدت جلستها واستمتعت إلى اقوال الاطراف من بينهم المدعي عليه رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته وقامت بردها لعدم استنادها إلى سند من الدستور.

* المقدم: ممكن كلمة اخيرة؟

المتحدث: أن المحكمة الاتحادية العليا هي بوابة الحريات العامة وتعمل وفق الاختصاصات المنصوص عليها في الدستور والقانون ولا سلطان عليها لغير القانون

وتعقد جلساتها بنحو علني، ورغم أن القانون يخولها تحويل جلساتها إلى سرية لكنها لم تحول اي جلسة إلى سرية، بل حرصت على تواجد وسائل الاعلام في جلساتها لكي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here