المحقق الصرخي ..الرذائل تحجب المعارف الألهية

احمد الركابي
ان الأخلاق المذمومة هي الحجب المانعة عن المعارف الإلهية، والنفحات القدسية إذ هي بمنزلة الغطاء للنفوس فما لم يرتفع عنها لم تتضح لها جلية الحال اتضاحاً، كيف والقلوب كالأواني فإذا كانت مملوءة بالماء لا يدخلها الهواء فالقلوب المشغولة بغير الله لا تدخلها معرفة اللهوحبه وانسه، وإلى ذلك أشار النبي – صلى الله عليه واله وسلم – بقوله: “لولا ان الشياطين يحرمون إلى قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات والأرض”
ولا يتيسر ذلك إلا بالتخلي عن ذمائم الأخلاق ورذائلها، والتحلي بشرائف الصفات وفضائلها، فيجب على كل عاقل أن يأخذ اهبته، ويبذل همته في تطهير قلبه عن أوساخ الطبيعة وأرجاسها، وتغسيل نفسه عن أقذار الجسمية وأنجاسها قبل أن يتيه في بيداء الشقاق، ويهوي في مهاوي الضلالةوالهلاكة.
قد يحمل الإنسان نفسه قسراً على تقمص الفضائل، لكنه في الوقت نفسه تجده قد احتوشته الرذائل، حتى لا تجد تلكم الفضائل لها مكاناً في القلب إلا لوقت محدود وسرعان ما تزول.
يقول علماء الأخلاق: إن على الإنسان أن يصلح نفسه أولاً باقتلاع جذور السيئات والرذائل المتعلقة بقلبه لتحل بعد ذلك محلها الحسنات والصالحات.

ان المقصد النهائي للحياة البشرية تحقيق مطلب واحد هو الوصول إلى السعادة ولقاء الله عز وجل ولا يظفر بذلك إلاّ من أتى الله بقلب سليم وأعمال صالحة وهم أهل الله وخاصته من جاهدوا لتزكية أنفسهم قال تعالى” وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا “(العنكبوت69) فلما كان صلاح الإنسان مرتبطا بصلاح النفس تعين عليه العمل على إصلاحها بالتخلي من الصفات المذمومة والتحلي بالصفات الممدوحة حتي يفوز بالتجلي والفوز العظيم وهو رضا الله تعالى دنيا وآخرة.
ولعل خير ما قيل في هذا المظمار الايماني والاستعدادات الروحية والنفسية هو ما اشار اليه المحقق الاستاذ الصرخي في بحثه الاخلاقي “السير في طريق التكامل ” وهذا مقتبس منه جاء فيه :

((إنَّ النفس لا تكون مستعدة للترقّي في المقامات والفيوضات الإلهية، ولا تصل إلى السعادة الأخروية ما لم تحصل لها التخلية عن الرذائل والتحلية بالفضائل، فالأخلاق الرذيلة تحجب المعارف الإلهية عن النفس كما تحجب الأوساخ من ارتسام الصور على المرآة.)) انتهى
ان كمال الإيمان ونقصانه يدور علي زيادة التحلي بالأخلاق الحميدة ،وعندما تكون النفس مستعدة للترقي تصل بلانسان الى مرحلة “التجلي” الذي هو من فعل الله تعالى حينما يرى من عبده صدق المجاهدة والتوجه فيقابل الله تعالى ذلك بفتح أبواب التوفيق ومد أسباب المعونة واصطفاءذلك الباطن لمناجاته وشرف معرفته بحيث يفيض الله على تلك النفس أنوار معرفته وينظر إليها نظر الرحمة واللطف ويجعل الله تعالى تلك النفس راضية مرضية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here