التحركات الامريكية الاخيرة والحديث عن التغيير

اصبح الحديث عن التغيير جزء من حياة المواطن العراقي متأئراً بذلك بما مرت به البلاد طيلة عقود طويلة من أزمات فضلاً عن أنها شهدت رحيل أجيال هرمة وشهدوا مآسيها لتعيش الحالة ذاتها الأجيال الشابة في الوقت الحاضر …

وبغض النظر عن الأحقية في التغيير أو القبول به من عدمه ولكن هذا الذي حصل منذ العهد الملكي الذي جاء بعائلة مسالمة من خارج العراق لتتولى الحكم فيه ومن ذلك اليوم وحتى يومنا هذا لم نعيش حالة استقرار سياسي ولم توضع خطط رصينة للتطور وحتى تلك التي وضعت لم تشهد التطبيق عمليا لأنها كانت اسيرة المتغيرات الدراماتيكية التي تحصل بين الفينة والأخرى مثل نشوب الحروب أو حصول مؤامرات أو الإدعاء بحصولها وعادة ما تكتسح هذه الأحداث بين فترة وأخرى جزءا من النخبة المُشتركة بالقرار وتؤدي إلى تغييبها وهوما يسبب ارباك الوضع العام …

لذا فأن مناخ الشك والترقب هو السائد في المجتمع العراقي الذي يعاني من الظلم والقهر والاستلاب وكل ذلك جعله ينتظر أملاً مفقودا من خلال تغيير الوجوه الحاكمة وينطبق ذلك جليا على نظام صدام حسين الذي رحل بالقوة ومع رحيله كانت هناك آمالاً معقودة على بناء حياةافضل ولكن الشعب صدم بما وصلت اليه الامور خاصة وان الطبقة العلية الجديدة تحصنت داخل اسوار المنطقة الخضراء وكذلك الوزراء خلف كتل كونكريتية داخل وزارتهم وفعل الشيء ذاته من هو اقل درجة من اصحاب القرار ووصل الحال إلى رؤساء الكتل فاستولوا على المباني العامة وقطعواالطرق وسببوا الاختناق في العاصمة فأصبحوا بعيدين عما يجري خارج تلك المناطق …

أدى هذا الخوف إلى فقدان سمه أساسية من سمات القيادة وهي الشجاعة التي من دونها لا يستطيع رؤساء الهرم من إدارة بلد فعال كالعراق بالشكل المناسب فحصل ما حصل بعد أن مارست تلك القيادة الفساد وشجعت علية كما أنها فتحت أبواب التزوير التي أعطت المناصب لمن لا يستحقها …

أن أهدار ثروات تجاوزت ترليونات الدولارات في حروب وقضايا عبثية على حساب الشعب بدلا من استخدامها في الاستثمار وتحسين الوضع المزري للمواطن العراقي وكذلك البنية التحتية المتردية والمتآكلة وبسبب وجود فجوات بين الجماهير ومن يمسك بدفة الحكم لابتعاد الزمر الاخيرةعن ( الشعب ) وعدم تفكيرها بشكل صائب يُحسن مما فيه المعدمين من بؤس حال كل هذا جعل المواطن يتقبل فكرة التغيير …

ومع ان الشعب كان يعمل على اسناد اشخاص معنيين من الذين تقدموا لتحمل الامانة لتشجيعهم على الوقوف بوجه المعضلات القائمة والعبور الى مرحلة افضل إلا أن الملاحظ ان هؤلاء يظلون يدورون في حلقة مفرغة ويسببون الخيبة للذين بنوا الامال العراض عليهم وهكذا تعود الاموركما كانت …

المهم أن الحديث كثر في الآونة الأخيرة عن انتشار واسع للقوات الأمريكية وهذا يفتقر للدقة وقصر النظر لان كل ما موجود في العراق حاليا لا يتجاوز الخمسة آلاف جندي وهو رقم لا قيمة له قياسا بالرقم السابق الذي كان بحدود 177 الف جندي مع اقوى وأرقى المعدات الحربيةفي الترسانة العسكرية الامريكية ولكنهم مع هذا كانوا يعيشون على اعصابهم وعندما سؤل جندي أمريكي عمل في كلا من العراق وأفغانستان عن رأيه بالبلدين قال أن أفغانستان كانت نزهة بالنسبة للعراق …

كما أن بول بريمر ذاته منفذ برنامج تفتيت العراق عندما غادر بغداد سرا وبالكتمان حتى عن اقرب الذين كان يجتمع معهم بشكل متواصل باتجاه العاصمة الاردنية عمان بعد انتهاء مهمته اللامباركة هاتف زوجته من هناك وقال لها أنا وصلت الاردن بسلام وهذا يعكس حجم الهواجسلديه والتي تركت أثرها على نفسيته بسبب الصواريخ والقذائف التي كانت تستهدف المنطقة الخضراء وتتساقط بالقرب من مقره …

بغض النظر عن الرضى من عدمه عن السياسة الداخلية الحالية فأننا يجب أن لا ننساق وراء الدعايات المرسومة من قبل مراكز نفسية متخصصة الغاية منها أبعاد المواطن العراقي عن التفكير بمصيبته الكبرى المتمثلة بمقارعة الفساد وسوء الإدارة والبطالة وتحجيم أثارها وأننفكر بروية قبل أن نصدق ما يقال خاصة وأن ترامب والولايات المتحدة يعانون من نفقات القوات الامريكية في كافة أنحاء العالم ولا يوجد لديهم استعداد للدخول بحروب كبيرة في مجازفة أخرى تعيد الأذهان لما حصل في فيتنام وهو ما يجعل التورط بأرض وادي الرافدين مجددا امرا مستبعداً …

وكلنا يسمع هذه الايام ما يدور من جدل ساخن بين ترامب والكونغرس الأمريكي على خمسة مليارات من الدولارات لتغطية نفقات الجدار الفاصل بين امريكا والمكسيك لذا فأنني أأمل من الاخوة الذين يعنيهم أمر التحركات الأخيرة للقوات الأمريكية أن لا يعطوها أكثر من حجمهاوعلى الجميع أن يتذكر أن القوات الأمريكية منتشرة في أوربا وعند دول تصنع الطائرات والدبابات وأكثر الأسلحة فتكا ولديها جيوش مدربة وقوية ولم تتحسس من التواجد الأمريكي فلا تقللوا من قيمتكم ومكانة وطنكم بمخاوف لا وجود لها .

سالم سمسم مهدي

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here