مجالس المحافظات تواصل إقصاء المحافظين بحثاً عن إيرادات بالمليارات

بغداد/ وائل نعمة

مازالت أزمة استبدال المحافظين الذين فازوا بمقاعد برلمانية مستمرة منذ 4 أشهر، فيما دخلت محافظات أخرى على خط “تغيير المحافظين” مثل كربلاء التي لم يشارك محافظها من الأساس في الانتخابات التشريعية.
ويعتقد مسؤولون أن “الابتزاز السياسي” والأموال المخصصة لبعض المحافظات، فضلاً عن قرب إجراء الانتخابات المحلية، التي لم يحدد موعدها بشكل رسمي حتى الآن، وراء ما يجري من أحداث في المحافظات.

في الجهة المقابلة، يبدو أنّ تشبُّث بعض المحافظين الفائزين في الانتخابات بالمناصب حتى الآن، هو لانتظار تحقيق صفقات سياسية لتسليم المنصب إلى شخص من نفس كتلة النائب الفائز أو مقرب منها.
ففي العاصمة بغداد، قرر فريق دولة القانون وحلفاؤه في مجلس المحافظة الذي اختار الشهر الماضي فلاح الجزائري محافظا بديلا للمحافظ السابق عطوان العطواني، أن يختصر المسافات ويجلس مرشحه على الكرسي قبل استئذان رئاسة الجمهورية.
ويقول ماجد الساعدي عضو مجلس محافظة بغداد لـ(المدى) ان الجزائري “ردد القسم في محكمة استئناف الكرخ قبل أن يحسم القضاء أو رئاسة الجمهورية أمره”.
وتنص المادة 26 من قانون المحافظات (رقم 21): “أولاً: يصدر أمر تعيين المحافظ بمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتخابه وعندها يباشر مهامه”.
وذكرت رئاسة الجمهورية قبل أيام بنص المادة الاخيرة في 3 خطابات ترسلها الى المجلس منذ الأزمة التي ابتدأت في كانون الاول الماضي.
وكان بيان للجزائري ــ وهو عضو في دولة القانون ورشح في الانتخابات التشريعية الأخيرة عن تحالف الفتح ــ قد صدر قبل أسبوع، قال فيه إن “القضاء الإداري والرئاسة صادقا على التعيين”.لكنه عاد ليقول، عقب ظهور بيان جديد للرئاسة كشف بأنها لم تصادق على تعيينه، إن الاخيرة تطرقت “الى جلسة ١٢/١٢ الملغاة وقد بينا في أكثر من مناسبة أن الجلسة آنفة الذكر مع مقرراتها تم إلغاؤها بالكامل بقرار من مجلس المحافظة في جلسة 22/12 ووقد أرسل الى رئاسة الجمهورية كتاب إيضاح بهذه المسائل بالكامل وهذا ما لم تتطرق له رئاسة الجمهورية ولدينا على هذا الامر الكثير من الاستفهامات”.
وقالت رئاسة الجمهورية في 24 كانون الأول الماضي، بأنها كانت قد تلقت طلبين مختلفين من مجلس محافظة بغداد في تاريخين منفصلين، 16 و23 كانون الاول، يشيران الى اختيار محافظين اثنين.
ولذلك قررت الرئاسة “ضرورة البت في صحة وقانونية الجلسة الاولى من عدمها”. وطالب المجلس “بمراجعة القضاء للتحقق من قانونية الجلسة الأولى”.
وكان الصدريون وحلفاؤهم قد تمكنوا في الجلسة الاولى، بغياب رئيس المجلس رياض العضاض، من اختيار فالح الشويلي (صدري) محافظا لبغداد ومحمد الربيعي (تيار الحكمة) نائبا فنيا.
وبعد 10 أيام عقد الفريق الثاني جلسة اخرى، ألغى خلالها مقررات الجلسة السابقة، واختاروا الجزائري محافظا، وعلي هيجل نائبه له.
وبحسب أوساط دولة القانون، إن التعيين يعتبر نافذاً بحسب الدستور بعد 15 يوماً من “عدم مصادقة” رئاسة الجمهورية على اختيار الجزائري.
لكنّ ماجد الساعدي وهو عضو صدري في مجلس المحافظة، يقول إن “هذا الامر يصبح صحيحا إذا كانت الرئاسة قد سكتت، لكنها لم تسكت وطلبت من رئاسة المجلس تقديم دعوى قضائية لحسم الأمر، وهو ما لم يفعله العضاض (رئيس مجلس المحافظة)”.
وينتمي العضاض الى فريق دولة القانون وتحالف الفتح في مجلس المحافظة، وبناءً على كتاب العضاض فإن “الجزائري” تسلم المنصب مع نائبه، الذي يقول الفريق الآخر عنه بأنه يمتلك شهادة إعدادية، وهو أمر مخالف لشروط المنصب.
ويقول الساعدي إن الجزائري والعضاض خرقا القانون، وكان يمكن لمرشحنا الشويلي ان يردد القسم في المحكمة أيضا ويجلس على كرسي المحافظ بدون موافقة رئاسة الجمهورية “لكننا لا نريد تجاوز القانون”.
وفي الاسبوع الماضي قال الجزائري في بيان: “أؤكد استمراري في المنصب وأداء مهامي القانونية”، مشيرا الى أنه “بإمكان من يجد الغبن أو الضرر من أعضاء المجلس اللجوء الى المحاكم المختصة وسنلتزم بما يصدر عن القضاء العادل”.

ذاكرة حديدية
أما في كربلاء، فكان سبب إقالة المحافظ عقيل الطريحي “غريب جداً”، حيث قرر مجلس المحافظة بعد عقده 400 جلسة أن يتذكر جلسة استجواب “ملغاة” للمحافظ ويقرّر على أساسها إقالته بشكل مفاجئ! وكان المجلس قد شكل في 2014 لجنة تحقيقية بقضايا فساد ضد الطريحي، الذي كان قد أصبح للتو مقرّباً من رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي. وبعدها قرر استجوابه، لكن الطريجي لم يحضر الجلسة التي لم يتحقق النصاب فيها من الأساس.
ويقول محمد الموسوي وهو عضو في مجلس محافظة كربلاء لـ(المدى) إنه “بعد عام ونصف من تشكيل تلك اللجنة، قرر المجلس حلها وإلغاء الاستجواب وتقديم شكر وتقدير الى الطريحي، لأنه (المجلس) وجد ان الاتهامات غير صحيحة”!
الموسوي كان في ذلك الوقت أحد المستجوِبين مع محمد الطالقاني رئيس كتلة تيار الدول العادلة المقربة من أصهار المالكي في كربلاء، قبل ان يتصالح مؤخرا مع الطريحي. وتابع قائلا: “الغريب أنه بعد 3 سنوات من كتاب الشكر والتقدير، قرر 14 عضوا في المجلس الاسبوع الماضي، إلغاء قرار إلغاء الاستجواب السابق، وبعدها بـ10 دقائق أقالوا المحافظ على وفق الاستجواب الملغى”.
ويعتبر الموسوي ما حدث هو “ابتزاز سياسي، وضمن تحضيرات الانتخابات المحلية المقبلة”، مشيرا الى أن الطريحي مازال في منصبه لحين بتّ القضاء في الجلسة “التي نعتقد بأنها غير صحيحة وخرق القانون واضح للجميع”.
وبحسب مراقبين في المحافظة، ان هناك مئات المليارات من الدنانير تدخل شهرياً الى خزينة المحافظة من مشاريع متعددة، مثل مقالع الحصو والرمل التي تعطي شهريا الى المحافظة إيرادات تصل الى نحو ملياري دينار.

الاستجواب.. آخر الحلول
في البصرة، يعتقد المتظاهرون أن التخصيصات الاستثنائية التي أعطيت للمحافظ أسعد العيداني والتي قدرت بـ800 مليار دنيار هي من أشعلت المنافسة على منصب المحافظ الذي يتشبث فيه العيداني رافضاً تسليمه او تقديم استقالته من البرلمان.
مؤخراً وجدت البصرة أن الحل هو إرغام العيداني على ترك منصبه عبر تقديمه للاستجواب، خصوصا مع ارتكابه مخالفات بحسب بعض المسؤولين هناك.
وبحسب امين وهب رئيس تيار الحكمة في المحافظة الذي قال في حديثه مع (المدى) أمس: إن العيداني “يرفض الاستقالة من البرلمان لأنه يخشى ان يخسر المنصبين فيما لو تم استجوابه”.
ويؤكد وهب أن الأخير “قام بإحالة عدد من المشاريع الى التنفيذ دون طرحها على مجلس المحافظة، وهي مخالفة واضحة لقانون 21 “.
وأضاف وهب ان “العيداني مدد عمل رئيس استثمار البصرة علي جاسب، على الرغم من وصول كتب من الهيئة الرئيسة في بغداد تؤكد انتهاء مهمة الأخير”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here