العراق والمخاض العسير

لا شك ان التحول الكبير الذي طرأ في حياة العراقيين بعد تحريره في 2003 من العبودية وفكر الرأي الواحد والحاكم الواحد وحتى الرب الواحد حدث حالة من الاضطراب والفوضى وعدم الاستقرار والاخذ والعطاء والخوف والجرأة واليأس والتفاؤل واليقظة والغفلة والتقدم والتراجع
كما بدأت تظهر صراعات العراقيين القديمة بكل انواعها على سطح الواقع منذ ايام نبوخذ نصر وحورابي مرورا بالسقيفة وصفين والجمل وانتهاءا بالعشرين و14 تموز وايام الطاغية وحتى يوم التحرير كل مجموعة اخذت بما يلائم مستواها و ما يعجبها وما تراه في صالحها وهكذا انقسم العراقيون الى عشائر وقوميات واديان وفرق وطوائف واخذنا نسمع ونشاهد مجموعات لم نر ولم نسمع بها الغريب الشي الذي اختفى ولم نعد نسمع به ولم نره هو العراق لماذا ضاع اسم العراق لماذا لم يعد يذكره احد
هذه حالة طبيعية وليست غريبة لان هذه المجموعات الكبيرة كلها عاشت في ظل حكام كانوا ينظرون اليهم مجرد عبيد وخدم على شكل درجات حسب ولائهم وخضوعهم للحكام ولعوائل الحكام لهذا لم يشعر العراقي انه عراقي وان هذه ارضه وانه في وطنه لان الحاكم يقول له انت غير عراقي وانا لا اثق بك بحجة ان ولائه لغيره لانه يشعر انه حر والحاكم لا يريد انسان حر لان الانسان الحر يشكل خطرا على حكمه على ملذاته وشهواته الخسيسة
لهذا عندما تحرر العراقيون واصبحوا سادة انطلقت كل مجموعة من واقعها التي كانت تعيشه والذي فرض عليها وتجاهلت العراق وعراقيتها تريد ان تثبت وجودها اولا وانها مساوية للمجموعات الاخرى وهذا منطلق صحيح وسليم لا غبار عليه ويجب القبول به والعمل بموجبه
كل العراقيون كانوا يعيشون غرباء في وطنهم لا يجمعهم جامع ولا يربطهم رابط الا العبيد والخدم الذين ربطوا انفسهم بمكرمات الطاغية وافراد زمرته فهؤلاء كانوا يرون في صدام العراق والولاء لصدام الطاغية يعني الولاء للعراق لهذا فكل من لا يعلن ولائه للطاغية لابن الطاغية لكل من لا يقول ان الشمس مصدرها العوجة فهو ليس عراقي لهذا طردوا وذبحوا ملايين العراقيين وأسقطوا عنهم الجنسية العراقية ورموهم على الحدود وامروهم السير في وسط حقول الالغام فقطعت اجسادهم لانهم لم يعلنوا الولاء لصدام وزمرته وهذه طبيعة كل الحكام الذين حكموا للعراق منذ أقدم الازمنة وحتى 2003 حيث بدأ العراقيون يشعرون انهم عراقيون وان لهم وطن اسمه العراق وانهم جميعا متساوون
نعم في يوم 9-4- 2003 يوم سقوط الصنم في ساحة الفردوس الذي يعتبر يوم الحرية يوم ولادة العراق في هذا اليوم بدأ تاريخ العراق الحر وبدأ تاريخ الانسان العراقي الحر في هذا اليوم تحرر عقل الانسان العراقي وبدأ يصرخ انا عراقي انا عراقي عراقي انا بدون اي خوف من احد لانه تحرر من الخوف تحرر من العبودية
هاهو العراقي بدأ بعد التحرير يعد نفسه للقيم الانسانية السامية كي يتعامل مع ابناء العراق ابناء العالم وفق تلك القيم الانسانية لانه تخلص من الخوف والعبودية من الطبيعي الخائف العبد لا يمكنه ان يتعامل وفق القيم والمبادئ الانسانية فهذه حالة لا طاقة للعبيد والخائفين التعامل بها
الغريب اصبح عبيد وخدم الطاغية يتحدثون عن العراق عن الانسان العراقي عن حقوقه عن الانسانية عن حرية الرأي وعن الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية وهم يذرفون الدموع على الدواعش الوهابية والصدامية الذين لا يريدون شي سوى تحرير العراق من الاحتلال الفارسي المجوسي
ومع لك بدأ العراقيون حالة جديدة من الوعي بوحدة العراق ووحدة العراقيين حيث افشل نوايا ومخططات اعداء العراق سواء كانوا في الداخل او الخارج وتمكنوا من مواجهة كل التحديات وحققوا انتصارات كبيرة ومهمة وهذا يعني ان العراقيين ساروا في طريق التعددية الفكرية والسياسية رغم ان السير بطئ
مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here