فنون العراق الجميلة، اولى القطع الفنية !

(*) د. رضا العطار

اولى القطع الفنية في تاريخ الانسان وجدت في العراق القديم.
يقول العالم الاثري الشهير صموئيل نوح كريمر في كتابه ( الواح من الطين سومرية ) :
عندما كنت اشتغل في متحف الشرق القديم في استانبول عام 1951 اهتديت الى لوح سومري مصنوع من الطين مسجل في ذلك المتحف تحت رقم ( 2461 )، كنت اعمل منذ اسابيع لحل الكتابة المسمارية التي تحملها اللوحة سطرا بعد اخر الى ان تبين لي اني عثرت على اروع قطعة فنية سومرية مؤلفة من ابيات شعر تشيد بالحب والجمال، تدور حوادثها حول عروس مبتهجة، والعريس هو الملك ( شو- سين ) الذي كان يحكم بلاد سومر قبل نحو 4000 عام. وكلما اعدت قراءتها المرة تلو المرة لم اجد اني اخطأت في تعيين ما هو مدون عليها، وقد تأكد لدي ان ما كنت اقرؤه ليس إلاّ قصيدة، من اقدم اغاني الحب التي كتبتها يد الأنسان في ذلك التاريخ.

ثم سرعان ما تبين لي ايضا ان تلك القصيدة ما هي الاّ اغنية حب بين رجل وفتاة من الناس العاديين. ومما لا مراء فيه كان المقصود منها ان تتلى تلك المقطوعة الغزلية في احتفالات جماهيرية بصحبة العود والقيثارة او بوجه خاص في الاحتفالات المقدسة عندما يقترن اله بزواجه من كاهنة في عيد راس السنة. فقد نذرن انفسهن الى الالهة
( انانا ) ضمانا لخصب التربة وخصب الارحام. وبهذه المناسبة السعيدة كانت تقام الولائم المقرونة بالموسيقى والغناء والرقص. وكانت العروسة هي التي تتلو القصيدة الغنائية اثناء الاحتفالات في الاعياد الخاصة.

لقد استنسخت تلك القصيدة الباحثة ( معززجك )، وبعد الترجمة والتعريب والتعليقات نشرت القطعة الشعرية المذكورة في مجلة الجمعية التاريخية التركية. واني اقدم الى القراء الكرام مقتطفات منها :

( ايها العريس الحبيب الى قلبي، جمالك باهر كالشهد — ايها الاسد الحبيب، لقد اسرت قلبي، فدعني اقف في حضرتك واني خائفة مرتعشة — ايها العريس خذني الى غرفة نومك – ايها الاسد العريس دعني ادخل غرفة نومك — دعني ادللّك، فتدليلي لك هو اشهى من العسل — وفي حجرة النوم الملأى بالعسل، سأستمتع بجمالك الفاتن — ايها العريس لقد قضيت وطر لذتك منى — فأبلغ أمّي ! وستعطيك الاطايب — اما ابي فسيغدق عليك الهبات — لقد عرفت كيف ابهج روحك — ايها العريس نم في بيتنا حتى انبلاج الفجر — فقد عرفت كيف ادخل البهجة الى قلبك — ايها الاسد نم في بيتنا حتى انبلاج الفجر — وانك أنت تهواني، هبني لتدليلك وملاطفتك — موضعك جميل حلو كالشهد
— ضع يدك في يدي لنغني معا قصيدة حبنا.

والاغنية السومرية الاخرى اغنية الحب وجدت مدونة ايضا في لوح من الواح استانبول عام 1924 والتي ترجم خطها المسماري عام 1947 ونشرت في مجلة – عالم الشرق – تتألف عباراتها من الغزل والغرام، على نمط ذلك الزمان الموغل في القدم، صدرت من كاهنة، الى اله بعد ان نذرت نفسها له، تتغنى غناء مغريا بجماله وفتنة سحره.

* مقتبس من كتاب (الواح من الطين سومرية) لصموئيل كريمر، مدير متحف شيكاغو

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here