مجموعات يهودية: انتقاد إسرائيل ليس معاداة للسامية

…بقلم: باسل درويش

نشرت صحيفة “إندبندنت” مقالا لكل من ريتشارد كوبر، الذي شارك في إنشاء جمعية “يهود لأجل العدالة للفلسطينيين” في بريطانيا، ومديرة جمعية “صوت اليهود لأجل السلام” في أمريكا ريبيكا فيلكوميرسون، يقولان فيه إن تحالفا يضم منظمات يهودية من أنحاء العالم أصدر بيانا مشتركا، يشجب فيه محاولات خنق أي انتقاد لإسرائيل بتوجيه التهمة الكاذبة للمنتقدين بمعاداة السامية.

ويجد الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته “عربي21″، أن هذا البيان، الذي وقعته 40 مجموعة يهودية، جاء في 15 بلدا مختلفا في الوقت المناسب، ففي المملكة المتحدة هناك ضغط على حزب العمال لتبني التعريف الكامل لمعاداة السامية الذي نص عليه التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة (IHRA).

ويشير الكاتبان إلى أن الحزب تبنى التعريف المكون من 38 كلمة منذ فترة طويلة، مستدركين بأن التوجيهات المرفقة مع التعريف تتضمن أمثلة على معاداة السامية، مثالان منها مثيران للجدل، وكلاهما مرتبط بانتقاد إسرائيل.

ويلفت الكاتبان إلى أن “المثال الأول يشير إلى أن (ادعاء أن وجود دولة إسرائيل هو عبارة عن مشروع عنصري) قد يكون عنصريا، والمثال الثاني يعد أن (تطبيق معايير مزدوجة، والطلب من إسرائيل أن تتصرف بطريقة غير متوقعة من أي دولة ديمقراطية أخرى)، أيضا معاداة للسامية”.

ويبين الكاتبان أنه منذ تبني الحكومة البريطانية في كانون الثاني/ ديسمبر 2016 لهذه الإرشادات، فإنه تم استخدامها لاستهداف المنظمات التي تنشط لأجل الحقوق الفلسطينية، وطالب مؤيدو إسرائيل الحكومة بإيقاف “أسبوع الأبارتايد الإسرائيلي” السنوي في الجامعات؛ على أساس أنه يخرق تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة.

ويستدرك الكاتبان بأن “قواعد مكافحة العنصرية الصادقة تدعونا بالتأكيد لانتقاد إسرائيل بسبب سياساتها التمييزية، سواء كان ذلك ما يتعلق بشبكة الطرقات المنفصلة، أو النظام القضائي المزدوج، أو قانون يهودية الدولة، الذي تمت المصادقة عليه يوم الأربعاء، الذي يكرس التمييز العرقي من خلال التشريع”.

ويقول الكاتبان: “إن عكس الأمور واتهام منتقدي العنصرية بـ(معاداة السامية) يسكت أيضا الفلسطينيين الذين يعارضون احتلال أرضهم التاريخي والمستمر، بالإضافة إلى أن فكرة (ازدواجية المعايير) استخدمت لمهاجمة حركة المقاطعة العالمية (BDS)، حيث يدعي أنصار إسرائيل أنه ما لم تتم مقاطعة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان كلها، فإنه يجب أن تكون هناك دوافع تتعلق بمعاداة السامية خلف دعوات المقاطعة”.

وينوه الكاتبان إلى أن “هذا الافتراض يتعمد إهمال ثلاث نقاط مهمة:

أولها أن الفلسطينيين عموما دعوا للتضامن معهم من خلال المقاطعة حتى يحصلوا على حقوقهم الإنسانية الأساسية، بما في ذلك حق عودة اللاجئين.

ثانيا، حكوماتنا تشارك في الانتهاكات الإسرائيلية، من خلال الدعم العسكري والمالي والدبلوماسي، بينما الحال ليس كذلك في جرائم الحكومة السورية مثلا.

ثالثا، بسبب هذا التورط المباشر، يصبح تطبيق سياسة مقاطعة قد يكون له أثر، بالضبط كما كان لمقاطعة جنوب أفريقيا -التي صاغت عليها حركة (BDS) حملتها- أثر في إنهاء نظام الأبارتايد هناك”.

ويفيد الكاتبان بأن “عملية المقاطعة لها أثر فعلا، كما اعترفت الجماعات القلقة المؤيدة لإسرائيل العام الماضي، وبسبب نجاح الحركة فإن هناك ردة فعل قوية من أنصار إسرائيل في العالم، محاولين الحصول على قوانين في عدة دول تمنع المقاطعة”.

ويرى الكاتبان أن “ما يحصل في المملكة المتحدة هو مثال واحد على محاولات إعادة تعريف معاداة السامية ليتضمن انتقاد اسرائيل، وفي أمريكا هناك قانون الوعي بمعاداة السامية، له المفعول ذاته”.

ويقول الكاتبان: “كوننا يهودا نؤيد حركة المقاطعة، التي تقوم على مبادئ حقوق الإنسان العالمية ومعارضة العنصرية، فإننا نجد من المؤلم أن البعض يحاول أن يوحي بأن المجتمعات اليهودية مجمعة على تأييد التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، بل على خلاف ذلك فإننا نعتقد بأن التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، بقيامه بالخلط بين معارضة السياسات العنصرية الإسرائيلية والعنصرية القائمة على معاداة اليهود، فإنه يسيس المفهوم، ويضر بالحرب على معاداة السامية، والنضال لتحقيق العدالة للفلسطينيين”.

ويضيف الكاتبان: “نحن نحمل تهديد معاداة السامية محمل الجد، وفي الواقع فإن من تاريخنا كلنا يدرك مخاطر تزايد الحكومات والأحزاب العنصرية، والتنامي في الخطاب المعادي للسامية والهجمات هو جزء من توجه أعرض على مستوى العالم”.
ويعتقد الكاتبان أنه “في مثل هذه الأوقات الخطيرة، وأهم من أي وقت سابق، فإنه يجب التمييز بين الانتقاد المشروع للسياسات الإسرائيلية الظالمة و(العداء لليهود بصفتهم يهودا)، كما يعرف الخبير برايان كلاغ عداء السامية”.

ويرى الكاتبان أنه “خطأ كبير أن نصم حزب العمال (بمعاداة السامية) لأنه يرفض تبني كامل مقترحات التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، فيجب أن يسمح بانتقاد السياسات الإسرائيلية -أو مبادئ الصهيونية- كجزء من الحوار السياسي، وهذا هو السبب الذي جعل اللجنة التنفيذية لحزب العمال تجد بعض توجيهات التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة غير مناسبة”.

ويشير الكاتبان إلى أن المحامي الكبير هيو توملينسون انتقد التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة بموجب هذه المعايير، فيما حذرت منظمة “ليبرتي” حديثا الهيئات العامة بأن ذلك قد يهدد حرية التعبير، بالإضافة إلى أن المحامي الأمريكي كينيث ستيرن، الذي كان شخصا أساسيا في صياغة النسخة الاولى من تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، حذر من أن “التعريف بصيغته الجديدة” قد “يشجع على العقوبة على التعبير المشروع عن الرأي السياسي”.

ويلفت الكاتبان إلى أن مراهقين فلسطينيين قتلا في عطلة نهاية الأسبوع في غزة، في غارة جوية إسرائيلية، مشيرين إلى أنه قتل منذ بداية مسيرات العودة الكبرى في 30 آذار/ مارس، أكثر من 130 شخصا، بما في ذلك 25 طفلا، و”هذه آخر الأمثلة فقط، وهذا هو السبب الذي ندعو لأجله لمقاطعة إسرائيل حتى تلتزم بالقانون الدولي”.

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إن “مع المنظمات اليهودية والإسرائيلية في العالم، التي لها مواقف مختلفة من حركة المقاطعة، فإننا نقف متحدين ضد التعريفات الضارة (لمعاداة السامية)، ومعا لأجل حقوق الإنسان وحرية الاحتجاج”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here