قراءة في فكر المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله
بقلم وليد البعاج
لم تكن الحقيقة يوماً ما حكراً على فئة محددة أو من مختصات أمة دون بقية الأمم فالنبي الأكرم قال انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق. فلم ينف الحقيقة الاخلاقية والشرعة السلوكية لدى بقية الامم انما قال بتتميمها. وهي ذات ما قالها السيد المسيح ما اتيت لانقض بل اتيت لاكمل او لاتمم . فالحقيقة قضية حية تعيش ضمن مناخها الطبيعي الذي يلائم واقعها وخصوصيتها.
والحقيقة قيمة عليا تتفق عليها جميع العقول والادراكات ولكنها تخضع لعوامل مؤثرة تغير في قراءتها وتشوش صورتها وتبدد بالضباب الوصول الى فكرتها وفلسفتها الواقعية. ولكن تبقى الحقيقة رغم هذه الضبابية كما هي في ذاتها وما خلقت عليه.
والوصول للحقائق هو هدف أسمى يطلبه كل باحث منصف طالب لهذه الحقيقة باحث عنها، باذلا جهده في الوصول اليها.
ونلاحظ اليوم ان المرجعية الدينية تدعو الى البحث الجاد عن الحقيقة والسعي للوصول لها
فبعد ضياع المفاهيم وانفراط عقد المبادئ اختلطت الاوراق في المجتمع الانساني الذي يتعرض باستمرار لهزات فكرية وغزو ثقافي مؤدلج مضر وخطير. واصبحت السفسطة هي علم يتاجر به متقنوها. والتزوق بالعبارات الفضفاضة المشتتة للمطلوب هي السوق الرائجة في الثقافة. فضاعت القيم واختلفت تراتبيتها في سلوك الانسان فاصبح الأمر التافه مقدم حتى على المبدأ الأهم لفقدان الضابطة في تحديد التافه والمهم والأهم.
ولخص سماحة المرجع السيد الحكيم في لقاءه مع نخبة من علماء الاديان والباحثين من عدة دول مختلفة اهم ما هو مطلوب من العلماء والباحثين
اولا: التحرر . وما يقصده هو التحرر في البحث العلمي اي عليكم التحرر من كل الموروث وعدم الحكم المسبق على الاخر الا بعد تحكيم العقل بالاطلاع على فكر الاخر المختلف وما لديه. فاعطاء العقل حرية اوسع اثناء البحث سيكون هو سبيل النجاة لان ما يوجه العقل أصبح الدليل والبرهان ويكون الدليل هو الحاكم في تفضيل شيء على شيء.
ثانيا: عدم جعل البحوث والدراسات مادة استهلاكية واوراق تملأ بالاسطر والمداد المفتقر لاي قيمة علمية توصل الباحث لحقيقة ما .. والكتابات الفاقدة للهدف مدونات تراثية لا تدفع عجلة الفكر الى الامام .
ثالثا: التفكير بعاقبة الامور.. وكما ورد في كتب الاديان انما الحرف يحيي وانما الحرف يقتل فاكيدا العالم والباحث الذي لا يفكر بعاقبة ما ستكون عليه نتيجة اقواله او فتاواه او تصرفه سيوقع المجتمع الانساني بعاقبة وخيمة . فالحكم على الاخر بالتكفير او التفسيق سيجعل البشرية تدفع ضريبة هذه الاقوال او البحوث الفتنوية ثمناً باهظاً من دماء الناس وتترك في النفوس جرح لا يندمل.
رابعاً: بث روح المحبة والتعايش والتواصل بين الناس هو واجب علماء الدين والباحثين ومسؤولية عظيمة تقع على عاتقهم فالسلم الاهلي مقرون بمواقف رجال الدين والتواصل هو ما يقرب القلوب وينشر المحبة والله يقول (انا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) .
خامسا:ان يكون علماء الدين والباحثين دعاة الى التفاهم والحوار الهادئ وتبادل الزيارات لرفع الضبابية والتشويه عن فكر بعضنا البعض والوصول الى غاية المنى وهي (الحقيقة)لكي يكون عملهم فاعل ينتفع به الجميع.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط