الهمسة الصامتة (قصة من الادب الماليزي )

ترجمة : فدوى هاشم كاطع (ترجمة)- البصرة
بقلم : ماكلين باتريك Maclean Patrick

استيقظ بسبب الحرارة , كانت الساعة تشير الى الثالثة صباحاّ . لم يكن الوقت مناسباّ للاستيقاظ لان ذلك سوف يتطلب منه وقتاّ طويلاّ جداّ ليعاود النوم مجدداّ , وفي مثل هذه الحرارة كان من الاجدى ان يبقى مستيقظاّ حتى بزوغ الفجر لكنه مع ذلك لم يتطلع الى البقاء يقظاّ .
جلس ونظر عبر النافذة فشاهد اضواء المدينة تلمع في الافق . ثمة حركة للناس في هذا الوقت وهناك ناس يمارسون اعمالهم في هذه الساعة الميتة . لم يخف من انتصاف الليل ولكن الساعة الثالثة صباحا جعلت الخوف ينسلّ الى داخله , فحينئذِ ظهرت الهمسات . وعندما مسح العرق من جبينه سمع همساّ :
( مستيقظ !! انك مستيقظ !)
وضع يديه على اذنيه واغمض عينيه ودعى الله ان يجنبه مشقة تسلية هذا الزائر غير المرحب به .
كانت انفاسها الباردة تلامس الجزء الخلفي من اذنيه حين قالت : لا فائدة من الاختباء فأنت تستطيع سماعي , هل تستطيع اجابتي؟
انحنى وهو جالس حتى لامس رأسه ركبتيه وبدأ يتأرجح ببطء على فراشه .
ابدى اعتراضا ضعيفا وقال : ( اذهبي! )
قالت : اجبني .
قال : اذهبي .
قالت : لقد وعدتني ان تجيبني الليلة وكانت شفتاها الباردتان تحومان عن قرب حول جبينه .
ابدت جرأة اكبر واجتاحت المساحة الخاصة الصغيرة التي كان قد تركها في وهمه الشخصي . اصبحت اكثر الحاحا وقوة في طلبها , وكانت لا تعترف بكلمة “لا” كأجابة ، مع ذلك تحّمل كثيرا هذه الليلة .
نطق اخيرا وقال : لا .
قالت : ماذا ؟
خفض يديه المرتجفتين وبعينين مازالتا مغلقتين قال : اجابتي هي لا .
قال : نعم ولكن ليس بهذه الطريقة .
قالت : فقط تقبّل ما عرضته عليك .
هز رأسه ذات اليمين و ذات الشمال وكان ما يزال يتأرجح , شعر بها امامه تماما تراقبه وهو يتخرك امامها وكانت تنتظر منه الاجابة .
قال : نعم انا اتألم , وكل يوم هو يوم للبؤس و لوجع القلب وبالكاد انتقل من نفس الى اخر ولكنني ما زلت اتنفس لهذا مازلت اتطلع للمستقبل , فاذا ما اخذتني فالوسيلة ينبغي ان تكون غير ذلك .
سوف اترك القدر يأخذني فالمصير هو الذي يحدد الوقت . (اعتذر ولكن مازال عليك الانتظار).
كانت هناك همسة صامتة وكلمة منطوقة لم يسمع بها احد حتى الان . شعر بانفاسها وهي تنطق عبارة مرت من امامه ولم يعد لها وجود بعد ذلك . اختفت في ظلمة الليل وادرك عندئذٍ انه كان وحيدا في الغرفة فانفجر باكيا .
كانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل , الوقت الاكثر ظلمة في الليل والهيئة الصامتة عادت خالية الوفاض , كان زملائها اكثر حظا فقد عادوا مع الملعونين , مع اولئك الناس الذين اجابوا ب ” نعم ” . رفعوا الارواح التعيسة التي كانت كالدمى الممزقة وزمجروا في وجهها لانها لم تكن تحمل في يديها اي شيء فزمجرت عليهم وقالت : سأتمكن منه , انها مسألة وقت فحسب! سوف ينكسر وسوف أجلبه معي فالموت ينتصر في النهاية دائما .
________________________________________________

تعليق
يستيقظ بطل القصة عند الساعة الثالثة صباحا ليواجه كيانا خفيا ينتظر منه اجابة تحدد مصيره مابين البقاء أو التخلي عن الاحلام والامال والذهاب دون عودة , ذلك الصراع مابين الرجل والكيان الهامس يمثل الوقوف في خط المنتصف ما بين الحياة أو الموت و مابين التمسك بالحياة والتطلع الى المستقبل أو الاستسلام الى الركود والموت فتتحول الروح الى دمية بائسة لا حياة فيها , هل كان الكاتب يشير الى الموت الحقيقي و مغادرة الحياة؟ ام كان المقصد هو موت الاحلام والطموح ؟ بكلتا الحالتين النتيجة واحدة . (المترجمة)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here