طريق الشباب (حلقة ثقافية) وقت من ذهب ووقت من تراب!

* د. رضا العطار

ليس شيء ادعى الى الحسرة والالم من رؤية الشاب وهو قاعد في المقهى يتثاءب، او يتطلع الى المارة من رجال ونساء وكأن عقله خواء، لا يجد مما يشغله شيئا من مهام هذه الحياة. وتزيد الحسرة والالم عندما نجد انه قد استعان بشاب آخر، وقد قعد كلاهما يلعبان احد العاب الحظ، فيقضيان وقتهما في قتل الوقت.

وتزيد الحسرة اكثر واكثر عندما اسأل احدهما عن قيمة هذه اللعبة مستنكرا فيجيبني بانه لا يلعب للنقود وانما يلعب للتسلية. كأن ضياع قرش من نقوده اغلى عليه من ضياع ساعة من حياته. مع ان القرش يمكن ان نسترده اما الساعة فلن تسترد.
وهؤلاء الشباب يعيشون في سأم قد احدثته لهم الحياة الخاوية. ولذلك يفرون من هذا السأم الى انواع من التسلية، ترفه عنهم. وليس بعيدا ان يقعوا بعد ذلك في المنكرات المدمرة من باب الترفيه ايضا.

ان المرض الاصلي الذي يشكوه هذا الشاب الاجوف، من حيث لا يدري، هو انه لم يعن في الماضي بتثقيف عقله، ورأسه لذلك كالغرفة العارية، ليس بها أثاث، يشغل فراغها، ولذلك لا يهتم بقراءة الجريدة ولا يقتني كتابا، ولا يسأل عن المشاكل السياسية والاجتماعية، راس خلو يتعلق بما يسليه كي ينفض عنه السأم فقط، ولو كان ذلك يأكل اللب او لعب النرد او الورق او التطلع الى المارة او التحدث بالقيل والقال. وعندما يصل هذا الشاب مرحلة الشيخوخة لا يجد امامه غير اليأس، قهو يتعفن في وحدته النفسية والذهنية الى ان يبلى فيموت.

لهذا يجب على كل شاب ان يثقف عقله ويهتم بالجريدة والكتاب، كما يجب عليه ان يرتفع بلغته الى المعاني الدقيقة السامية التي تحول بينه وبين التبذل الرخيص من الكلمات التي كثيرا ما تجرًه الى اخلاق مبتذلة رخيصة.
يجب ايها الشاب ان تثقف عقلك وتصقله حتى تجعله غاليا عزيزا وليس رخيصا مبتذلا.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للعلامة سلامة موسى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here